قيس علي: عام على الشلخة النفطية
قيس علي - 2019-04-05 - 5:19 ص
مرآة البحرين (خاص): قبل عام من الآن، في الوقت الذي كان فيه العالم يتبادل كذبات الأول من أبريل هللت الحكومة باكتشاف نفطي ضخم في الساحل الغربي للبحرين، قال وزير النفط أن 80 مليار برميل نفط جاي في الطريق، وعلى السريع استقبل رئيس الوزراء غرشة تحتوي على "سمبل" لهذا الاكتشاف الذي سيقلب الموازين ويضع الدولة الأفقر في الخليج في صدارة الدول النفطية.
إثر هذا الإعلان انطلقت حفلات الزار والطار، على أساس أنه بعد شوي سيكون حالنا حال الأشقاء في الخليج، سيارات ولبس وماركات، وشغلات وحركات. الإعلاميون وباقي المتحدثين من نواب وخبراء عن حسب، كلٌ وفنه طال ومط في هذا الاكتشاف، ومدى مهنية الدولة في التعامل معه والإعلان عنه. واحدة من نواب "الغفلة" قالت في رسالة صوتية بعد اجتماعها مع - الشيخ - وزير النفط أن من بركات هذا الاكتشاف أنه حصل في موسم الحج، تحديداً يوم الجمرات، وما تأخر الإعلان عنه إلى الأول من أبريل إلا لأجل التثبت والتيقن، لأن الحكومة ما تقول حجي أي كلام. وقبل أن تستفيض بما سيحصل بالبلد من تدشين للمصانع ولجامعات شبيهة لجامعة البترول والمعادن في السعودية، وفرص توظيف جديدة بحجم ما توفره شركة نفط البحرين بابكو من وظائف، وغيره وغيره من بركات هذا الاكتشاف، لم تنس أن تذكرنا بفضل الإيجابية وعدم استخدام كلمات "لا" و "لكن" على هذا الخير القادم للبلد.
كان حماسهم جزيلاً، لدرجة أنهم كانوا يرجمون كل من تروى في التهييص لهذا الاكتشاف، كاتب الرأي في جريدة الوطن محمد درويش، قال في عمود إن المشككين متفلسفون، وتحليلاتهم بايخة، ومدفوعون بالغيرة والحسد، والخبير الذي لا يصفق لهذا الاتفاق نكرة، وعلى ذلك نحا واحد آخر قابلته الجريدة نفسها حيث وصف من قلل بشأن الاكتشاف النفطي بأنهم أقلام مستأجرة، قائلاً بأن البحرين ستتجاوز تحديات استخراج النفط الصخري التي ما قدرت عليها الولايات المتحدة، والصين، والأرجنتين، وما تقدر عليها إلا البحرين.
ومضت الأيام، وبعد عام من الشلخة النفطية، سهد هؤلاء وصارت فقاعة الصابون التي اختلقوها نسيا منسيا، فيما بقيت البحرين تطر المعونات من جيرانها المرة بعد المرة، إلى أن وصل بالجيران السأم إلى الحد الذي جعلهم يملون شروطا مقابل ملياراتهم. تقول التكهنات إن الشروط وصلت إلى حد الإطاحة بوزير المالية، المؤتمن على خزينة الدولة وأسرارها، غير أن الأكيد هو خضوع الحكومة مثل الولد الشطور إلى إملاءات الدول المانحة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة وخفض النفقات العامة.
الدولة التي ليس فقط قالوا إن احتياطيها النفطي منذ أبريل 2018 صار موازياً لاحتياطي الإمارات النفطي وحسب، بل قالوا في انها سوف تكنسل على الولايات المتحدة في تقنيات استخراج النفط الصخري صارت تحت امرة صندوق النقد العربي وكانت قبل يومين فقط في الكويت لتوقع ورقة جديدة من أوراق الشروط والتقريع التي تسمى دلعاً، برنامج التوازن المالي.
بعد عام من الشلخة النفطية، لازالت البحرين تتقشف على حساب المواطن المعسور، وتتفنن في أساليب النصب عليه. جاءت ببرنامج التقاعد الاختياري الفذ، وقررت تمويله من الواحد بالمئة الذي يأخذونه من عند الفقير، ومن ثم أحلت سعوديين وغير سعوديين محل هؤلاء المتقاعدين. بعد عام من الشلخة النفطية لازالت الحكومة تتحين الفرصة لنهب احتياطي الأجيال القادمة، ولازالت مدينة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ما اضطر رئيس الوزراء إلى التوجيه بالتعجيل في سداد هذه المستحقات. بعد عام من الشلخة النفطية قلصت الحكومة ميزانية التعليم، وهي تسعى سعيها في التملص من مسؤولياتها في الرعاية الصحية، وبدأت تطرح برامج خصخصة على كيف كيفك لأهم الشركات الوطنية وأجهزة الدولة، دون أن تشترط توظيف البحرينيين ولا أي شي.
حكومة الشلخة النفطية مازالت تنام على فسادها وتعتقد أنها ستتمكن يوماً ما في في سد العجز في ميزانيتها، ودفع الـ 11 مليار التي عليها إلى الطلابة بزيادة جم دينار زيادة في الرسوم من هني، وجم دينار ضريبة من هناك، و بإخلاء المسارح، وتبنيد المتحف يوم الثلاثاء، وقلعة عراد يوم الجمعة، ومتحف الخميس مادري متى. الحكومة التي قال لنا الطبالة إنها ستنعمنا برفاه النفط الذي ما شفناه حينما كان النفط فعلاً ثروة ووفرة غيرت الماي الغالي بالماي العادي، وشالت الجاكليت من القدوع وأما الطلابة فهم على الباب وأما الطبالة فقد خلدوا للنوم في انتظار أن يحيل لهم معزبهم موالا جديداً يعزفون عليه.
*كاتب بحريني مهتم بالشأن العام، مقيم في نيوزيلندا.