حكيم العريبي في فخ التسلل: لم تنته المباراة بعد!
2019-02-08 - 3:24 م
مرآة البحرين (خاص): يمتلك حكيم العريبي حظوظا متناقضة جدا. كان يجب أن يكون من حسن حظّه أنه لاعب كرة موهوب ومتميّز، لعب في صفوف المنتخب الأول ومنتخب الشباب، لكنّ هذا الحظ لم يسعفه، ولم يمنع عنه الاعتقال العشوائي، والتعذيب، وتلفيق التهم، أو ربّما... تسبّب له في ذلك.
بعد اعتقاله المفاجئ في العام 2012، وقضائه في الحبس 3 أشهر، لم ينقطع حكيم العريبي عن كرة القدم. واصل مسيرته الكروية ليس فقط مع نادي الشباب الرياضي، بل ومع منتخب البحرين الوطني الأولمبي وكذلك المنتخب الأول.
كان لحكيم دور رئيس في تحقيق البحرين بطولة الخليج للمنتخبات الأولمبية العام 2013. استقبله الملك مع رفاقه في قصر الرفاع، وقام بتكريمه. في الفترة ذاتها تقدّمت مجموعة من الأندية بطلبات رسمية لنادي الشباب بضم حكيم إلى صفوفها، منها المحرق، والرفاع، والمالكية، والمنامة.
كل هذا كان يحدث، بينما كانت محاكمته بتهمة حرق مركز شرطة تسير دون تغيير. يلمع اسمه تارة في مشاركته مع ناديه، أو مع المنتخب، ويلمع تارة أخرى في أخبار المحاكمات السياسية.
في وقت حدوث الواقعة المزعومة، كان حكيم يخوض إحدى مبارياته التي يبدع فيها، بين ناديه ونادي البسيتين، على استاد المحرق. بثّت المباراة مباشرة على الهواء. لكن ذلك الحظ القوي، لم يسعفه أيضا. وجده القاضي مذنبا، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات.
حسن حظّه هذه المرة، أنه كان وقت صدور الحكم، يشارك مع المنتخب الوطني، في بطولة غرب آسيا، التي أقيمت في الدوحة. لم يعد إلى البحرين أبدا منذ ذلك الوقت. استقل الطائرة من هناك إلى أستراليا، حيث حصل على حق اللجوء السياسي.
مع أنّه شارك في احتجاجات 2011، تماما كباقي البحرينيين المناهضين للاستبداد، إلا أن السياسة لم تكن ساحة اللعب التي يجيدها حكيم. لقد ذهب إلى أستراليا ليجد حياة جديدة، وصارت الأندية تتلقّفه ليلعب في صفوفها. كان يبدو أن الحظ قد ابتسم له أخيرا.
رغم مرور 7 أعوام على حادثة اعتقاله وتعذيبه، و 5 أعوام على نفاذه بجلده من البلاد، لا زالت لعبة الحظ تطارد حكيم. كان حظّه سيكون جميلا ومشرقا جدا، لو لم يقرّر أن يمارس حرّيته المطلقة، في السفر إلى أي بلد، بوثيقة سفره الأسترالية. لاحقته البحرين حتى تايلند، والأمر يبدو كما أنّها قد ظفرت به أخيرا، لا ليلعب في صفوف منتخبها الوطني، بل ليعاقب بالسجن، والتعذيب. إنّه مطلوب للانتقام.
في العام 2014 سجلت لجنة الدفاع عن الرياضيين المعتقلين أن عدد الرياضيين المحكومين والمعتقلين الذين قامت بتوثيق أسمائهم منذ احتجاجات 14 فبراير/شباط 2011 وما بعدها، بلغ 75 رياضيّاً في مختلف الرياضات، لا زالوا في السجن حتى ذلك الوقت.
قالت اللجنة في تصريح إن «اعتقالهم يأتي لأهداف سياسية، منها الضغط على المعارضة».
الكثير من اللاعبين تحوّلوا من مطلوبين للمنتخب، إلى مطلوبين للأجهزة الأمنية. حدث ذلك مع بعضهم في ذات يوم استدعائهم للمنتخب، ومن بينهم حكيم، الذي اعتقل في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، اليوم الأول الذي كان من المقرر أن يبدأ فيه تدريبات مع المنتخب الوطني.
بدأت قصة العريبي حين مر بنقطة تفتيش، لم يكن يحمل بطاقة هويّته، فطلبوا منه الذهاب معهم إلى مركز الشرطة للتعرّف على هويّته. منذ أن دخل المركز، سألوه مباشرة: هل أنت حكيم محمد علي العريبي؟ «أنا حكيم نعم». صمدوا عينيه، وأدخلوه إلى غرفة، وصبوا عليه الماء البارد، دون أي مقدمات.
حكيم قال إن عناصر الأمن كانوا يضربونه على رجليه لمدة 3 ساعات أثناء التحقيق، ويرددون أمامه بأنه «شيعي إيراني صفوي»، مستهدفين دوره الكروي بشكل صريح «لن ندعك تلعب الكرة مرة أخرى... سنزجك في السجن 7 سنين».
«لا يريدون أن يروا أي اسم شيعي متألقا، لا يريدون نجما شيعيا حتى في الكرة» يقول حكيم، في لقاء مع «مرآة البحرين» أجري العام 2016.
إثر الحملة التي شنّت ضد ترشّح الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة لرئاسة الفيفا، قال حكيم «إننا كلاعبين، نضع أملنا على الفيفا لكي نمارس رياضتنا. إذا فاز سلمان سنخسر مستقبلنا، وكل الرياضيين في العالم سيخسرون مستقبلا مثلما حصل مع اللاعبين الشيعة في البحرين».
خسر سلمان بن إبراهيم رئاسة الفيفا خسارة مذلة، لكن مباراته لم تنته بعد. بسفره إلى تايلند، وقع حكيم في فخ التسلّل، وهو ينتظر اليوم أن يصدق أمله في الفيفا، وفي العالم الحر، حتى وإن لم يكن يثق بحظّه.