ما الذي يجري بين الحكومة والتجار؟
2019-01-17 - 1:00 م
مرآة البحرين (خاص): بعد ساعات فقط من نشر انتقادات رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير ناس ضد نظام تصريح العمل المرن، ودعوته إلى إيقاف هذا النظام، وحديثه عن عدم رضى التجّار عن طريقة تطبيق ضريبة القيمة المضافة، تحرّكت المياه الراكدة.
كانت العصبية واضحة على واجهة الفريق الاقتصادي في الحكومة (الوزير زايد الزياني) خلال ندوة «بيئة العمل في البحرين» التي عقدت في مقر غرفة التجار، بدت الأجواء مشحونة. قدم عضو غرفة التجارة نادر علاوي مداخلة صريحة اتهم فيها وزارة الصناعة والتجارة بمحاباة الأجانب عبر السماح لهم بالتملك والعمل بحرية مطلقة دون توفير حماية للتاجر البحريني «الذي يعاني من المنافسة والركود».
ورغم أن اللقاء عام ووسائل الإعلام كانت موجودة، إلا أن الوزير الزياني كعادته في التحدث بطريقة متعالية، رد على علّاوي قائلا «سياستنا في الانفتاح ناجحة ولا رجعة عنها، ومن غير الممكن للحكومة أن توفر الحماية لتاجر بحريني لمجرد أنه مواطن يريد أن يجلس في دكانه في سوق المنامة». وخاطب الزياني علاوي بالقول «خل عنك هالسوالف، وخلنا نعمل يدًا مع يد وليس يدًا تصفع يد».
وفي السياق ذاته، تمت دعوة مجلس إدارة الغرفة لاجتماع عاجل مع وزيرين من الفريق الاقتصادي في الحكومة التي يبدو أنها لم تطق صبرا على انتقادات التجار. ساعات فقط كانت كافية ليدق جرس الإنذار لدى الحكومة التي يغيب رئيسها منذ فترة عن الظهور بعد مرضه، وهو الذي عُرف لعقود باللين مع الطبقة التجارية.
تحرّكت الحكومة بسرعة للاستماع لملاحظات التجّار، أو ربما لوضع حد لسيل الانتقادات المتصاعدة. أسفر الاجتماع عن لا شيء. تجلى ذلك من خلال التصريحات المنفصلة التي صدرت عن أطرافه.
أصر رئيس الغرفة سمير ناس على موقفه فيما يخص حماية التاجر البحريني من المنافسة من قبل التجار الأجانب، ودعا مجددا لحصر دعم صندوق تمكين للمؤسسات المملوكة للبحرينيين بنسبة 100٪.
وعلى الرغم من تخفيف حدة تصريحه بشأن تصريح العمل المرن، إلا أن ناس أكد على ضرورة دراسة أسباب تمّلك الأجانب لنسبة 85% من المؤسسات الصغيرة. وكان ناس قد أرجع تلك النسبة إلى منح الحكومة العمالة الهاربة والرخيصة تصريحا للعمل والإقامة في البحرين.
أما الجهة الحكومية، فأصدرت بيانا رسميا أكدت فيه المضي في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، واكتفت بتكرار ما قالته سابقا من أنها ستتدارك «أي معوقات أو أوجه للقصور». كان كلاما عاما لم يرد بشكل واضح على ملاحظات الغرفة.
إذن، بيانان منفصلان أظهرا هوّة كبيرة في التوجهات بين الطرفين لم يتمكن الاجتماع من ردمها. كل ما يبحث عنه التجّار الآن هو أن يتم الحفاظ على حصتهم الكبيرة في السوق وألا ينافسهم عليها الأجانب، وأن يكون عمّالهم تحت سيطرتهم تماماً، وأن لا تمس الضريبة هامش أرباحهم. بينما يمضي الجانب الرسمي في سياساته دون تردد.
بدون أدنى شك سيواجه التجّار فريقاً جديداً غير الذي كانوا يواجهونه في الأربعين عاماً الماضية، لقد اختلف الأشخاص، فخليفة بن سلمان وفريقه شمس آفلة على ما يبدو.
بعبارة أخرى، لا يعد نجاحا إجبار الفريق الحكومي على الجلوس مع مجلس إدارة الغرفة بعد تصريحات سمير ناس والأصوات التي ارتفعت خلال ندوة الغرفة، فالفريق الحكومي الجديد لا يظهر مرونة كافية لفتح النقاشات الجادة، فضلا عن استعداده للتراجع عن القرارات التي تضر فئة التجار أو غيرها من فئات المجتمع حتى تلك التي بدأت تتحسس الفقر فوق رؤوسها. إن رؤية هذا الفريق الجديد أحاديّة ويتعامل بِنَفَسٍ مختلف، نَفَسْ دولة ما بعد 2011.
السيناريوهات والاحتمالات مفتوحة، فبيت التجار قد يشهد انقساما كبيرا: تجار تابعون للفريق الاقتصادي داخل الحكومة وقد يتزعّمهم خالد الزياني شقيق الوزير زايد الزياني، وعارف هجرس الأمين المالي للغرفة، أو أنهم قد يسلّمون بالأمر الواقع، تحت الضغط، على طريقة الأفلام المصرية «سلّم نفسك المكان كلّو محاصر»، ولا مكان، على مايبدو، لفرضية الوقوف في وجه ما تسميه الحكومة بـ «الإصلاحات».