طه الدرازي عن سجناء البحرين: يشربون الماء في "قناني كلوركس" ولو لم أعش المعاناة ما تكلّمت!
2017-10-24 - 2:53 ص
مرآة البحرين (خاص): في تغريدة صادمة، وصف استشاري جراحة المخ والأعصاب الدكتور طه الدرازي وضع السجناء السياسيين في البحرين بأنهم "يشربون الماء في قناني الكلوروكس ويأكلون وجباتهم على أكياس النايلون بدلا من الصحون، يقضون 23 ساعة في الزنازين".
#انقذوا_سجناء_البحرين إنهم يشربون الماء في قناني الكلوروكس، ويأكلون وجباتهم على أكياس النايلون بدلا من الصحون. يقضون ٢٣ ساعة في الزنازين.
— Dr Taha (@Dr_Alderazi) October 22, 2017
جاءت هذه التغريدة على حساب الدرازي، ضمن حملة تضامنية واسعة مع المعتقلين السياسيين تحت وسم #أنقذوا_سجناء_البحرين يوم الإثنين 23 أكتوبر 2017، حصلت على إعادة تغريد وانتشار واسع. الأمر الذي ألّب حسابات موالية للرد على الدرازي ومهاجمته، متهمة إياّه بالتجنّي والكذب والخيانة، وكان تعليق الدرازي عليها "لن أرد على من استنكر ما جاء التغريدة ووصمني بالكذب، وكما قالوا سجن خمس نجوم، لو لم أكن هناك وعشت المعاناة لما ذكرت ذلك!"
وكان الدرازي قد قضى في السجون البحرينية حكماً بالحبس 3 أشهر، بتهم تتعلّق بنشاطه الحقوقي وحرية التعبير عن الرأي، وأُخلي سبيله بعد انقضاء مدة محكوميته في 12 أغسطس 2017. وتعدّ هذه التغريدة الأولى التي يتحدّث فيها الدرازي عن بعض ما شهده داخل السجن خلال تلك الفترة.
أوقفت السلطات البحرينية الدرازي في 14 أغسطس/ آب 2016 بعد التحقيق معه لساعات طويلة متهمة إياه بالمشاركة في اعتصام الدراز احتجاجاً على إسقاط جنسية الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية في البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم، وأخلت سبيله في 23 أغسطس/ آب مع استمرار محاكمته، ثم قامت باعتقاله من قاعة المحكمة لتنقله إلى سجن جو مباشرة، بعد أن أصدرت حكمها النهائي بحقه في 24 مايو/أيار 2017 بالسجن 3 شهور.
الدكتور الدرازي الذي يعدّ قامة طبية متفرّدة في البحرين، هو أحد أفراد الطاقم الطبي الذي تعرّضوا للاستهداف والتوقيف من العمل منذ 2011، فقط لأنه عالج الجرحى خلال تلك الأحداث، وقد كان رئيساً لقسم جراحة المخ والأعصاب في مجمع السلمانية الطبي، وأستاذاً مساعداً في كلية الطب/ جامعة الخليج العربي، لكنه أوقف عن العمل منذ ذلك الحين، رغم الحاجة الطبية الماسة لتخصصه في مستشفى السلمانية، ووسط النقص الكبير للاستشاريين في هذا المجال الهام والخطير.
رغم التضييق المادي والمعنوي الذي مورس ضد الدرازي منذ ذلك الحين، متضمناً المنع من السفر دون إبداء أسباب واضحة من قبل الجهات المعنية، والاستدعاء المتكرر للتحقيق لساعات طويلة فيما بعد، وإلصاق تهم عشوائية له بالتجمهر في أماكن متفرقة في البحرين، فضلاً عن الحكم الأخير بسجنه، إلا أن ذلك لم يثنه عن الاستمرار في موقفه الثابت كاستشاري نبيل، ومواطن بحريني أصيل، وإنسان ناهض، وهو الذي أكّد ذات مرة لمرآة البحرين "لسنا سياسيين، نحن مهنيون، لكن الطب بلا إنسانيه كالصلاة بلا وضوء".
عندما أُوقف الدرازي عن العمل في 2011 ومُنع من فتح عيادته في البحرين، حصل على عروض عمل من دولتين خليجيتين، وعرض آخر من البرازيل، وعرض من المملكة المتحدة، وآخر من أمريكا في بوسطن، رفضها جميعها. كانت العروض أفضل بكثير من وضعه في البحرين من حيث المستوى الوظيفي والمادي، فضلاً عن كونها فرصة للعيش بعيداً عن التوتر والغبن السياسي، لكنه رفض، وقال: "رفضتُ بلا منّة على وطني، فإن كسرة خبز أغمسها في الماء وأتقاسمها مع أبناء شعبي، لا تعادلها العروض السخية التي قدمت لي للعمل في الخارج، وطني هو ما تحتاجه روحي أكثر من حاجتها إلى الخبز أو أي شيء آخر، وهذا الشعب هو الجمال الحقيقي الذي أفتخر أن أكون جزءاً منه وفيه وبه ومعه".
إنه هذا الذي يحب وطنه بهذا القدر من غير منّة، ويجد حاجته الروحية إليه أعزّ من حاجة جسده للخبز، هو ذاته الذي قضى في السجن شهوراً، يتقاسم كسرة الخبز مع السجناء السياسيين، ويشرب الماء معهم في قناني الكلوروكس، ويأكلون وجباتهم على أكياس النايلون بدلا من الصحون، ويقضون 23 ساعة في الزنازين!