ملف العاطلين .. فتيل الانفجار القادم في البحرين!

2025-12-13 - 12:32 م

مرآة البحرين: في قلب كل أزمة وطنية، هناك ملفٌ مهملٌ يتحول بمرور الوقت إلى بركانٍ مكتوم، وملف العاطلين في البحرين هو ذلك البركان. إنه ليس مجرد قضية اقتصادية، بل قنبلة اجتماعية وسياسية موقوتة تهدد النظام بأكبر هزة منذ انطلاق الحراك الشعبي قبل أكثر من عقد. اليوم، تتجمع حول هذا الملف كل أسباب الانفجار: انسداد الأفق، غياب العدالة في التوظيف، احتكار العائلات النافذة للفرص، وتراجع الثقة في مؤسسات الدولة التي تحولت إلى أدوات تمييز لا مؤسسات إنصاف.

منذ سنوات، يعيش آلاف البحرينيين، من الشيعة والسنة، من القرى والمدن، من أبناء الطبقة الوسطى والفقراء، تحت وطأة البطالة التي باتت تمس الكرامة لا الجيب فقط. النظام، بدل أن يواجه جذور الأزمة، اختار سياسة التسكين والترقيع، برامج شكلية، ووعود فضفاضة، ومشاريع لا تتجاوز الإعلام، والنتيجة أن الشباب باتوا يرون المستقبل مغلقًا أمامهم، بينما تتكدس المناصب والامتيازات في أيدي قلة من أبناء العائلة الحاكمة وحلفائهم الاقتصاديين.

ملف العاطلين لم يعد يخص طائفة أو تيارًا سياسيًا بعينه، بل صار مساحة التقاء حقيقية بين أبناء الوطن الذين ذاقوا التهميش بصوره المختلفة. هذا الشاب الذي حُرم من وظيفة لأنه ليس من عائلة نافذة، وذاك الذي أُقصي بدافع الهوية المذهبية، وأولئك الذين لم يجدوا "واسطة"، كلهم اليوم على قناعة بأن النظام لم يترك لهم سوى الشارع.
هذه المرة، لن تكون الاحتجاجات تقليدية، لأنها تعبّر عن وجع جامع، لا عن مطلب فئوي كما يدعي النظام في كل مرة.

ما يجهله النظام أن الاحتقان الاجتماعي لا يمكن ضبطه بالعصا الأمنية ولا بالبيانات التطمينية. حين تُغلق كل الأبواب أمام الناس، يتحول الصبر إلى ثورة. والبحريني الذي صبر عقودًا، واحتمل التمييز، وصدّق وعود ""الإصلاح" المزعوم، بدأ يدرك أن العطالة ليست أزمة مالية بل أداة سياسية لإذلاله وكسر إرادته. وعندما يُدرك الناس أن كرامتهم هي الثمن، فإن كل الخطوط الحمراء تسقط.

التحولات القادمة لن تكون كسابقاتها، لن يُرفع فيها شعار سياسي، ولن تُقاد من حزب أو جمعية، بل من الناس أنفسهم. سيخرج العاطلون ومعهم عائلاتهم، سيصرخ العمال، والطلاب، وربات البيوت، وسيتشكل وعي جديد يدرك أن "الخبز والكرامة" عنوان واحد لمعركة واحدة. النظام سيحاول كعادته تفكيك موجة الاحتجاج بالتخويف والفتنة، لكن الضرر هذه المرة لا يُفرّق بين سني وشيعي، بين ليبرالي وإسلامي.

من يراقب المزاج الشعبي يدرك أن الشرارة قريبة. التدهور الاقتصادي، الغلاء، انعدام الثقة في الحكومة، انسداد الافق السياسي والتضييق على فرص العمل، كلها عناصر تهيئ الأرض لانفجار غير مألوف، انفجار لا تحدّه الطائفية ولا تنظمه الأحزاب، بل تنفجر فيه الصرخة الجماعية: "نريد أن نعيش بكرامة".

الملف الذي تجاهله آل خليفة طويلًا سيعود ليُحاصرهم. فحين تتوحد البطون الخاوية، لا تنفع مركبات الأمن ولا التهديدات. وحين يجتمع الجوع مع الظلم، تذوب الفوارق، ويتحول الشارع إلى ساحةٍ لوحدةٍ وطنيةٍ حقيقية لم تستطع المعارضة ولا النظام صناعتها.

في النهاية، البحرين مقبلة على لحظة مفصلية. ملف العاطلين لن يبقى رقماً في التقارير الرسمية، بل سيصبح الرافعة التي تعيد تعريف الصراع: بين نظامٍ يحتكر الثروة والفرص، وشعبٍ قرر أن يقول كلمته.