الإنفاق العسكري في البحرين: صفقات مجنونة في ظل بطالة وغلاء معيشة

2025-12-05 - 8:56 م

مرآة البحرين : في مطلع ديسمبر 2025، أعلنت واشنطن عن موافقتها على صفقة عسكرية جديدة مع البحرين بقيمة تتراوح بين 445 و455 مليون دولار، مخصّصة لدعم وصيانة أسطول طائرات F-16. ورغم أن الصفقة تندرج ضمن التعاون الأمني المتواصل بين واشنطن والمنامة، إلا أنها أثارت أسئلة واسعة حول أولويات الإنفاق الحكومي في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المواطن البحريني.

نصف مليار دولار للصيانة فقط
تشمل الصفقة الأميركية الجديدة خدمات دعم لوجستي وفني، وقطع غيار، وخدمات ميدانية لمقاتلات F-16 الموجودة أساساً في الخدمة. وهي جزء من حزمة أوسع أعلنت عنها واشنطن في اليوم نفسه شملت السعودية، لتتجاوز قيمة الصفقات العسكرية الأميركية في الخليج خلال ديسمبر وحده 1.4 مليار دولار.

ويرى مراقبون أن حجم الصفقة مقارنة بطبيعتها -صيانة لا شراء- يطرح تساؤلات حول مدى ضرورة مثل هذا الإنفاق لدولة صغيرة لا تواجه تهديداً عسكرياً مباشراً.

إنفاق عسكري مرتفع لاقتصاد محدود
تشير بيانات البنك الدولي ومصادر اقتصادية دولية إلى أن البحرين أنفقت عام 2023 ما بين 1.38 و1.44 مليار دولار على الدفاع، ما يمثل:
- 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي
- أكثر من 10.7% من إجمالي الإنفاق الحكومي

كما تراوح الإنفاق العسكري بين عامي 2017 و2020 بين 1.3 و1.6 مليار دولار سنوياً، وهي نسبة مرتفعة جداً مقارنة بحجم الاقتصاد وعدد السكان وطبيعة المخاطر الحقيقية التي تواجه البلاد.
وتعادل صفقة F-16 الأخيرة نحو ثلث الإنفاق العسكري السنوي للبحرين، ما يعني أن عقد صيانة واحدة يوازي تقريباً إنفاق أربعة أشهر على قطاع الدفاع بأكمله.

ورغم أن نسبة البطالة في البحرين آخذت في الارتفاع، وبسبب الأوضاع الاقتصادية للبلد، واجه الناس سياسات تقشّف شملت رفع للدعم عن بعض الخدمات، وزيادات في الرسوم الحكومية، وفرض ضريبة القيمة المضافة.
كما شهدت البحرين ارتفاعا ملحوظا في كلفة السكن والخدمات الأساسية مقارنة بالمستويات المعيشية، إلا أن الانفاق العسكري المجنون لم يتوقف.

ويرى اقتصاديون محليون أن الفجوة تتوسع بين أولويات الإنفاق الحكومي الأمنية وبين احتياجات المواطنين المعيشية، خصوصاً في ظل تراجع الدعم الحكومي وغلاء الأسعار.

وتربط منظمات حقوقية بين ارتفاع الإنفاق العسكري وبين استمرار القيود على الحريات السياسية، معتبرة أن الحكومات الغربية تتجاهل سجل البحرين الحقوقي مقابل عقود بمئات الملايين.
حيث أن تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لعامي 2024-2025 ما تزال توثق:
- استمرار الاعتقالات ذات الطابع السياسي
- محاكمات جماعية تعتمد على اعترافات منتزعة تحت الضغط
- قوانين العزل السياسي التي تمنع المعارضين من المشاركة العامة
- تقييد حرية التعبير وإغلاق الصحف المستقلة منذ 2017

وتتصدّر البحرين دول الخليج من حيث الإنفاق العسكري نسبة إلى حجم الاقتصاد، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إصلاحات تنموية أعمق وأكثر إلحاحاً.

ويرى مختصون أن توجيه جزء من هذه المبالغ الضخمة نحو التعليم، وبرامج التوظيف، والإسكان، ودعم المشاريع الصغيرة، قد يحقق استقراراً اجتماعياً وتنموياً أعمق بكثير من أي صفقة سلاح.