هل تولّد الأزمة المعيشية انفجارًا شعبيًا في البحرين؟

2025-03-28 - 1:12 ص
مرآة البحرين : وكأنّ قدر البحرينيين أن يعيشوا لينتظروا الفرج، لا أن يلمسوه فعلًا. الأزمة الاقتصادية تخنق هؤلاء أكثر فأكثر، مع انتشار أخبار خلال الأسبوع الماضي عن توجّه الحكومة لفرض ضرائب ورفع أسعار العديد من الخدمات وصولًا إلى تحرير أسعار الوقود وتعديل أسعار الغاز الطبيعي على الشركات، واستحداث رسوم على الانبعاثات الكربونية، لتحقيق فوائض في الميزانية العامة وتعزيز الاستدامة المالية للمملكة، بناءً على ميزانية السنتيْن الماليتيْن 2025 و2026.
بعد بلبلةٍ وأخذ وردّ وغضب شعبي عارم وانتقاد واسع لشرائح عديدة في البلد، أحالت الحكومة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب الذي أقرّه سريعًا وفي جلسة واحدة.
المسرحية المكشوفة
ملاحظات عدّة سُجّلت بشكل فاقع إزاء البروباغندا والحرب النفسية التي أدارتها الدولة في الخفاء تجاه الشعب وجيوب المواطنين المهدّدة أمس واليوم وغدًا.
الموازنة التي صادق عليها 33 نائبًا أتت متأخّرة عن موعدها 5 أشهر، وخالية من أيّة مكتسبات للمواطنين، أما دراستها فلم تستغرق سوى بضعة ساعات مع "أصحاب السعادة".
وهنا تُطرح أسئلة حيال ما يمكن وصفه بتهريب الموازنة والتغطية على كلّ الانتقادات التي طالتها:
* كيف استطاع النواب قراءة ومناقشة الميزانية التي يفوق عدد صفحاتها الـ 800 بهذه الرشاقة والنشاط الصاروخي؟
* أين انعكس رأي الشعب حيال الميزانية اذا افترضنا أن القاعدة تقول إن النواب صوت المواطن؟
* كيف مرّ العجز المُسجّل في الميزانية والذي يفوق المليارين دينار للسنتيْن الماليتيْن دون أية ردّ فعل من البرلمانيين؟
الجمعيات السياسية الثمانية العاملة في البحرين أصدرت موقفًا موحّدًا حيال ما جرى، وإلى جانب الانتقادات والاعتراضات، توقّعت أن تذهب الحكومة إلى خيار فرض اجراءاتها وسياساتها الاقتصادية القاسية لاحقًا بعد تمرير الميزانية، أي تحرير أسعار الخدمات الأساسية وخاصة الكهرباء والماء والبنزين، وذلك عقب المسرحية التي خرجت بها وادّعت فيها أنها تراجعت عن رفع هذه الأسعار تحت ضغوط النواب والشورى.
المسّ بجيوب المواطنين الهدف الدائم للحكومة
بعيدًا عن السياسة وصراعاتها، هموم المواطن اليوم باتت في الصدارة. توجّهات الحكومة باتت خطيرة إلى حدّ المسّ بجيوب البحرينيين بلا رفّة عين. مواقع التواصل تعكس بوضوح لا يحتاج إلى جُهد وتفسير، حجم المعاناة التي تُقلق هؤلاء أكثر من أيّ وقت مضى.
يقول مشهد المواطنين في الشوارع والأسواق وكلّ النشاطات على مواقع التواصل الاجتماع شيئًا واحدًا ووثابتًا: إبقاء فقر المواطن يبدو سياسة ثابتة. الثقة متزعزعة بين الشعب والحكومة، وكلّ ما يصدر عنها من قرارات واجتماعات ولاسيّما مع السلطة التشريعية يُثير الريْبة أكثر ممّا يمكن أن يكون عامل طمأنة.
لا توافق إذًا بين الدولة وشعبها، طالما أنها تُغرّد في جزيرة بعيدة عن معاناتهم. المسألة الأساسية في الطرح الذي سُرّب هي الركون إلى جيوب المواطنين ورفع الدعم عن خدمات ضرورية بالنسبة إليهم من أجل دعم الخزينة، من دون مراعاة الحدّ الأدنى لاستهلاك أيّ عائلة بحرينية للتيار الكهربائي والماء.
الحلّ لفساد الدولة المستشري ماليًا وفوضى المخصّصات المالية لحاشية الحاكم وفق منطق الدولة هو إفقار الشعب والتضييق عليه وخنقه إلى أقصى حدّ، لا الاستغناء عن مشاريع تهدر المال العام. وهنا يبرز سؤال عن جدوى إنشاء صندوق لدعم الفرسان في هذا الظرف، أو جدوى إطلاق مناقصة مرتبطة بقاعة أوسمة.
الاحتقان الشعبي إلى الانفجار؟
كمّ التعليقات والسخرية الشعبية من كلّ قرارات الحكومة الاقتصادية بات ضخمًا. إمّا أن أجهزة الدولة تطّلع على ما يُكتب ضدّها على حسابات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، وإمّا أنها ارتأت النأْي بنفسها عمّا يوجّه إليها من مناشدات ومطالبات وانتقادات عارمة. وفي هذا الأداء مُراكمةٌ لغضب الناس الذي يكبر أكثر وأكثر وقد يكون مفتاحًا لانفجار شعبي يؤدي إلى انتفاضة ربّما على غرار 2011 وما تلاها، وقد تفوقه بانعكاساتها.
الاحتقان الشعبي يتعاظم، والدولى إلى الآن لا تبعث رسائل تهدئة أو طمأنة للناس، لا تُجيب على هواجسهم، ولا تُلبّي طموحاتهم المعيشية بتخفيف الأعباء وليس زيادتها. وهنا تُسأل الحكومة:
* هل تضمن ردود فعل المواطنين إذا ما أصرّت على عدم الإنصات إلى أصواتهم ومطالبهم؟
* على ماذا تُراهن إذا قرّر الناس الخروج إلى الشارع والتحرّك؟
* أتسعى عاجلًا أم آجلًا إلى فرض تفريغ جيوب المواطنين من أموالهم بالقوة أو ربّما بالعصا الأمنية؟
بلا مبالغة، البحرين اليوم تغلي. والمشهد يتجه إلى تعقيد فوق التأزيم المستمرّ منذ 2011. أمام الدولة فرصة العدول عن توجّهاتها القاسية والمؤلمة قبل الشروع بها كما يُحكى في الفترة المقبلة، إمّا تستثمرها وإمّا تهدرها وتذهب بالشعب إلى المجهول.
- 2025-03-29فيلم السجون المفتوحة.. الاستعراض مستمرّ والدعاية مُستهلكة
- 2025-03-28عن ضخامة التبادل التجاري بين المنامة و"تل أبيب" والأزمة الاقتصادية المستمرة
- 2025-03-25مرسومٌ بتسريع وتيرة مشاريع الإسكان.. هل تصدق الدولة فعلًا؟
- 2025-03-24ملك البلاد ينجد حكومة ابنه بالاستهلاك الإعلامي: 50 ألف وحدة سكنية لامتصاص غليان الشارع تجاه خطط رفع الدعم
- 2025-03-22المنذر.. أولوية البحرين في زمن الديون ورفع الدعم