الصهاينة في البحرين.. لا جالية ولا من يحزنون

مرآة البحرين - 2025-03-20 - 3:00 م

فتح اللُبس الذي أثارته صورة تتضمّن علم الكيان الصهيوني في فعالية "القرقاعون" نظّمتها بعض أندية الروتاري في مجمع النخيل في سار، الباب على الحديث عن وضع اليهود في البحرين، بعد توقيع اتفاق التطبيع عام 2020.

 

بمعزلٍ عن صحّة ما تردّد عن مشاركة مُسجّلة في فعالية مجمع النخيل أم لا، أو كان علم الاحتلال موجودًا في الأصل على إعلان الفعالية أم أُدخل لاحقًا، المسألة تدعو إلى طرح العديد من التساؤلات عن جدية وجود جالية من الصهاينة على أرض البحرين.

 

عقب توقيع اتفاق "أبراهام" قبل نحو 5 سنوات، انتشرت صورة في البحرين ليهودي يرتدي زيًّا دينيًا مع ولده على في أحد الشوارع، تبيّن لاحقًا أنها لم تكن في المملكة بل في بلد خليجي آخر. لكن سرعان ما بدأت وتيرة تردّد المسؤولين اليهود، إلى المنامة تنشط، مع توالي إبرام الاتفاقيات التجارية والمالية والأمنية والرياضية بين الجانبيْن. 

 

الملك حمد بن عيسى لم يتأخّر في بذل كلّ ما يمكنه لإقناع الحليف "الاسرائيلي" بأنه صادق في العمل على صون هذا الاتفاق وحمايته برموش العين. لأجل ذلك، عَمَد إلى وضع خطة لجذب السياح اليهود إلى بلاده انطلاقًا من شعاره المرفوع صباحًا ومساءً "التعايش السلمي والحوار بين الأديان"، تصل إلى توفير كلّ ما يُناسب الشريعة اليهودية في الطعام أو ما يُصطلح تسميته "سياحة الكوشير" (حلال على الطريقة اليهودية). 

 

وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني تحدّث وقتها عن مبادرة الملك السياحية، فرأى أنها "ستفتح آفاقًا جديدة للسياح اليهود الباحثين عن وجهة جديدة ومثيرة".

 

وللغاية، انطلقت الرحلات المباشرة بين المنامة و"تل أبيب" في إجراء يُسهّل نقل هؤلاء السياح. بالموازاة، تكثّف العمل لتحقيق الهدف مع تدشين تأشيرة السياحة الإلكترونية بين رعايا الجانبيْن كما قالت نائب رئيس بلدية القدس المحتلة فلير حسان ناهوم لصحيفة "الأيام" مع نهاية سنة 2020. 

 

تلاحقت الخطوات التي تُثبت فكرة احتضان اليهود في البحرين. أُعيد تجديد الكنيس الوحيد في البحرين الذي يقع وسط المنامة القديمة، حيث صلّى فيه رئيس ما يُسمّى الطائفة اليهودية في البحرين إبراهيم نونو، بعد أن كان قد صلّى فيه عدد من المغتربين اليهود الصهاينة والدبلوماسيين بشكل علني في تجمّع حضره أفراد من الطائفة اليهودية. 

 

في هذا الوقت، كانت خارجية الاحتلال تعلن عن تأسيس رابطة للمجتمعات اليهودية في دول الخليج العربية، ترعى شؤون الجاليات اليهودية في البلدان الخليجية الستّة فيما يخص النواحي الدينية والعقائدية والطقوس والمناسبات الاجتماعية والدينية وأيضاً الأمور التي لها علاقة بالتربية والتثقيف اليهودي ولا سيما لدى الأطفال.

 

أمنيًا، كان الاحتضان في أوجّه مع فتح مكتب للموساد في العاصمة وإطلاق العنان للتعاون الأمني، أو ما هو أصحّ لتقديم ما يلزم للعدو وكشف البلد أمامه. وفي كلّ هذا المشهد، كان وفود الصهاينة لا تتوقف عن زيارة البحرين لعرض المشاريع ومجالات الاستفادة والاستثمار واستباحة المملكة. 

 

وعلى وقع هذه الرشاقة في العلاقات الرسمية، كان مشروع تهويد بعض أحياء المنامة، عبر شراء عقارات لصالح يهود، انسجامًا مع ما كان قد أعلنه الحاخام الأكبر للمجلس اليهودي في الإمارات إيلي عبادي بعد تطبيع أبو ظبي و"تل أبيب" علاقاتهما، لجهة إقامة أول حيّ يهودي على مستوى الخليج. كلّ هذا يندرج في البحرين في سياق مشروع خطير يستهدف ضرب التركيبة الديموغرافية والوجود الشيعي المتأصّل في البلد. 

 

اليوم عند التدقيق في نشاط الصهاينة في الخليج وحتى على صعيد سفير الاحتلال في المنامة إيتان نائيه، لا يبرز أيّ جديد. كلّ التحركات متوقّفة منذ منتصف العام الماضي. وعلى الرغم ما تردّد عن مشاهدة إيتان نائيه في البحرين بعد عودته إليها في توقيت اختاره هوعقب مغادرته المملكة، إلّا أن الجمود يحكم أيّة خطوات على الأرض. 

 

الأكيد أن الدولة ما زالت متمسّكة بقرار التطبيع مع الصهاينة، ولن تعود عنه أو تُراجع حساباتها مع علمها بعجزها عن إقناع الشعب البحريني باتفاق "أبراهام" وخيار تشريع البلد أمام الأعداء والطامعين بثروات البلد. البيئة الشعبية الحاضنة للصهاينة واليهود في البحرين معدومة وغير متوفّرة تحت أيّ ظرف، ومن هنا يمكن فهم سبب عدم رؤية أيّة جالية يهودية محدودة كانت أم عريضة بأمّ العين.

 

القرارات الرسمية شيء والواقع الشعبي شيء آخر. البحرينيون يقولون في كلّ المحطات الوطنية وفي الاستحقاقات والمناسبات العربية والقومية كلمتهم: لا مكان للصهاينة بيننا.