إرهاصات التغيير في الشرق الأوسط من 1970م حتى العقد الثالث بعد 2000م - (1)

2025-03-19 - 3:59 ص
محمد العصفور
مرآة البحرين : لا يسع من يحاول رصد الظواهر السياسية والفكرية في هذا التاريخ ، إلا أن يقرأ الأحداث التي سبقت ما آلت إليه المنطقة في 1970م .
فهناك زلزال اقتصادي أدى إلى تغيير سياسي واجتماعي. لقد كانت المآلات مدهشة على المستوى الاجتماعي ، الشعوب في حوض الخليج عرفت حقوقها أكثر ، وأضحت الناس تتطلع إلى ما وراء البحار ، وتسرب ما تسرب إليها عبر شركات النفط الكبرى ، بواسطة البعثات التي قامت بها تلك الشركات ، بغية تحسين قدرات كوادرها على المستوى التقني ، وعبر إشاعة ثقافة أخرى من خلال مستوصفات طبية ، وأسواق ومطاعم فتحتها تلك الشركات تدعم البعد الاستهلاكي للكوادر المنتمية إليها ، وأدى هذا إلى انبثاق ثقافة مغايرة قوبلت مرة بالرفض ومرة بالقبول ، ومرة بحالة متأرجحة .
ولاشك أن هذه الحالة ولّدت أسئلة تجاه الوافد وتجاه الموروث ، وفي الوقت ذاته كانت الظروف تتجه نحو استقلال سياسي رسمي إلى حد ما ، وتطلعت الدول إلى تطوير بعض مقومات الحياة الحديثة، على مستوى الصحة والتعليم والإسكان ، وبدأ على مستوى التعليم نشاط البعثات إلى الخارج.
غير أن هذا الواقع سبقته أحداث جسام أخرى، من أهمها خروج أوروبا من كونها لاعب دولي أساسي يؤثر في الشرق الأوسط في شكل واضح وغير خفي ، إلى دور باهت وغير مؤثر بشكل .
فبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ، في سنة 1945م ، وطفا على السطح بروز قوتين عظميين ، وهما أمريكا والاتحاد السوفيتي ، لعبت هاتان القوتان دورًا بارزًا في منطقة الشرق الأوسط ، وكان أن أدى ذلك إلى خلخلة في النظام السياسي ، وتغيير في أنظمة وتحويلها إلى جمهوريات، مثل العراق وقبلها مصر واليمن وليبيا ، ومحاولات في الخليج، غير أنها لم تفلح .
إلا أن بريطانيا أطلقت آخر رصاصة في جعبتها، وهي دعم قيام "دولة إسرائيل" على أراض فلسطينية ، غير أن هذا الدعم آزره دعم آخر في شكل واضح ، وهو أن الاتحاد السوفيتي كان أول من اعترف بإسرائيل .
أمريكا دعمت جمال عبد الناصر وثورة الضباط الأحرار ، وبدا هذا الدعم واضحا ضد العدوان الثلاثي ( فرنسا بريطانيا إسرائيل ) ضد مصر في سنة 1956م إبان تأميم قناة السويس .
لكن ثمة تغييرات طرأت وفي حاجة إلى وقفة من التأمل ، وهو أن أمريكا عدّلت من دعم مصر عبد الناصر ، إذ هدد أيزنهاور شرشل من مغبة التمادي في العدوان ضد مصر ، والذي كان بمقدوره أن يجتاح مصر لولا الموقف الواضح من قبل أمريكا .
غير أن الاتحاد السوفيتي الذي دعم قيام إسرائيل ، عاد ليدعم جمال عبد الناصر ، في حركة رمادية وغير واضحة ، ألقت كثيرا من التساؤلات في عقول المتابعين .
وأما انحسار البريطانيين من الخليج ، والذي بدأ إيدانه في النصف الأول من العقد السابع من القرن المنصرم، فليس بمعزل مما كان من تأميم قناة السويس ، ومتغيرات في العالم العربي ، من تغير على مستوى أنظمة من جمهوريات إلى ممالك ، ومع حراك سياسي خليجي شعبي كان أهمّه في البحرين ، شكلت الهيئة معلمًا واضحًا من معالمه ، وليس خفيا على قارىء تلك الأحداث ، ذلك الاجتياح الذي مارسته تلك الحركة ، غازية قطاعات واسعة من شرائح المجتمع البحريني.