التعليق السياسي : ماذا تقول المجالس الرمضانية عن حكومة سلمان بن حمد؟

2025-03-18 - 1:17 ص
مرآة البحرين (خاص): بلا فرق بين شيعي أو سني في البحرين، يُجمع البحرينيون اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، على استيائهم من حكومة سلمان بن حمد، والأقسى أنهم يترحمون على حكومة عمه المعمّر في المنصب، خليفة بن سلمان.
لا يهتم سلمان بن حمد بما يقوله البحرينيون في المجالس الرمضانية، الأهم أنه زار النخبة الموالية من أصحاب الكروش المتدلية والخدود المنعمة، وسمع ما أراد أن يسمعه من الإشادة بحكومته وبحكمة توجيهات والده، وانتهى الأمر، فلم يعد رجل الحكومة ورئيس وزرائها يملك الوقت كما كان يملكه في سنوات سابقة ليزور أهل القرى بسيارته الخاصة دون حراسات شخصية، ويبدو أن شرط تسلّمه للمنصب هو أن يرضخ للنخبة الحاكمة، وأن لا يتجاوز البروتوكول الرسمي وتقاليد المشيخة!
سابقاً، كانت صورة سلمان بن حمد الإصلاحية على النقيض من صورة عمّه الديكتاتوري المتخلّف، فحفيد الأخ الأكبر لخليفة بن سلمان تشرّب القيم الديمقراطية عن جامعات الولايات المتحدة، وقدّم نفسه منفتحاً براغماتياً مرناً، لكن ماذا حدث لهذه الصورة المزعومة بعد تسلمه خلافة عمه؟
لقد انكسرت هذه الصورة بقوّة، تهشّمت مع وصوله للمنصب على أنقاض حكومة عمه المتوفى، فالرجل استلم منصبه دون أن يغيّر شيئاً في السياسة العامة، خصوصاً فيما يتعلق بالملف السياسي، لقد ورث حقبة 2011 بأكملها دون أن يفعل شيئاً، وتناسى دوره يومها وبنوده السبعة، وفي هذا المنعطف من تسلّمه لمقاليد الأمور، حاول البعض أن لا يتسرّع في الحكم عليه، فربما أراد الرجل المزيد من الوقت، لكنه كلما نفد هذا الوقت، صار حاله أسوأ من سابقه، وتهشمت صورته أكثر وأكثر!
دعونا من الملف السياسي، ودعونا نجد للرجل عذراً، فربما لم يستطع تجاوز السياجات المرسومة له من الحرس القديم، الخطوط الحمر التي يضعها الخوالد، أو ربما لم يستطع إقناع والده الديكتاتور الذي يحمل حنقاً شخصياً مع أبناء شعبه، فالأخير لا زال يسمع أن هناك من يردد شعارات التسقيط بحقّه، ولكن، دعونا نقترب من هموم المواطنين في الملف الاقتصادي الذي يغلي الآن، لابد أن نطرح هذا السؤال: هل فكّر "خليفة بن سلمان" أن يفعل ما يفعله حفيد أخيه الأكبر؟ أن يمسح دور الدولة في دعم الكهرباء والماء والبنزين دفعةً واحدة؟
ربما، ربما فكّر صاحب المنصب الأطول في ذلك عندما كانت الأزمات الاقتصادية تحيق بحكومته هو كذلك، فلا يوجد حكومة بلا أزمة اقتصادية وملفات طارئة، ولكنه لم يتجرأ على فعلها، جميعنا يعرف أنه بقي متردّداً طوال حياته من أن يحطّم الجزء الأخير من أمل البحرينيين، وأن يحوّل الدولة إلى جابية للضرائب. في النهاية، رحل ولم يفعلها، محتفظاً بآخر "شيم الدولة" الديكتاتورية الحاضنة.
أما سلمان فقد كسر "شيمة الدولة" هذه دون أن يرف له جفن، ويريد بوقاحة من لا يجد على مواطنيه حرجاً أن يطلب منهم دفع رسوم حتى دخان سياراتهم، حتى لو كان الأمر بهذه الوقاحة، فما دامت الحكومة ستفعلها فلتفعلها مرّة واحدة، ولتصدم هؤلاء الفقراء مرّة واحدة.
وجّه عاشق سباق السيارات صفعته للدولة الريعية بكلّ مفهومها السياسي وحمولته الخليجية التاريخية المعروفة، هل يدري أنه حطّم ما بقي من العقد الاجتماعي المتعارف عليه خليجياً؟ عائلة مالكة مقابل دولة ريعية، أو فلا، فما دام الشعب سيدفع كلّ شيء، فعليه أن يختار من يجبي أمواله.
هي معادلة بسيطة معروفة في كلّ الممالك الخليجية المحيطة، ويبدو احتضارها اليوم يثير ما تبقى عند البحرينيين من تمسّكٍ بعائلتهم الحاكمة، حتى عند من يوالونها بلا هوادة، فقد أصبح لسانهم مقطوعاً في المحرق عندما طال، بتهديدٍ يتساوى في حجمه مع ما يُفعل بالشيعة، لقد وجدت حكومة سلمان بن حمد نفسها في النهاية في مواجهة مع السني والشيعي، وهؤلاء جميعاً اليوم يتهامسون في مجالسهم الرمضانية التي تغلي بحديث الاقتصاد الموجع، عن لقمة عيشهم وبطالة أبنائهم ورواتبهم الضعيفة، عن فقرهم وقلّة حيلتهم مما يجري: حكومة سيئة وغير جديرة، وانتهى الأمر.