إخوان سنّة وشيعة.. شعارُ السّنة أيضاً
2011-05-29 - 9:37 ص
مرآة البحرين- كرّس تحرّك 14 فبراير عدداً من المفاهيم والشّعارات الوطنيّة. اخترقَ شعار "إخوان سنّة وشيعة" أجواءً من الاحتقان، فضلاً عن كونه شكّل رسالةَ تعريف مباشرة لهويّة التحرّك وطبيعته.
الوسائلُ القذرة لم تسمح بانسياب الشّعارُ المذكور كما تمنّى أصحابه، وتولّت عناصر تابعة للسّلطة العملَ المتواصل للتّشكيك في صدق الشّعار، وتفرّغ عددٌ من إعلاميي السّلطة لإثبات أنّ مردّدي الشّعار هم "طائفيّون" في الأصل، والدّليل أنّهم "حوّلوا دوّار اللؤلؤة إلى (مأتم)". يُحاجِج أتباعُ السّلطة في إثبات "خواء" الشّعار بتكرار الإشارة إلى أنّ "الشّارع السّني" ليس مع ما يدور، وأنّ الأهداف المرفوعة تمثّل فئة معيّنة، وليس الشّعبُ كلّه.
ناشط سياسي من أبناء السّنة يقرأ هذا الطّرح بأكثر من معالجة. "لقد شعرَ النّظام بخوف وإحراج شديدين بسبّب تقدّم هذا الشّعار الوطني في الاحتجاجات"، موضّحاً أنّ منظومة "التّخويف والتّقسيم" التي هندسها النّظام طوال العقود الماضية، كانت على وشك التّداعي بسبب ذلك، وهو أمرٌ بالغ الخطورة بالنسبة إليه.
يشير ناشط آخر رافقَ القيادي المعتقل إبراهيم شريف في أكثر محطات ثورة 14 فبراير إلى أنّ "اعتقال محمد البوفلاسة مبكّراً، جاء لأجل تغييبه بسرعةٍ عن مشهد الأحداث، لكي لا يكون عنصراً مشجّعاً لأمثاله من الطائفة السّنيّة".
أحد المتابعين يرصد أن "الضّخ التعبوي الذي ميّزَ السّلطة طوال الفترة السّابقة؛ كان ينطوي على المادة الطّائفيّة بالدّرجة الأولى"، السّبب الذي جعل كثيرين يميلون إلى أن الإعلام الرّسمي كان شريكاً محورياً في إحياء الجاهليّات الطائفيّة، وإعادة التشبّث بها.
يُخيّل لغير العارفين بتفاصيل هذه البلاد؛ بأنّ ما جرى كان استمراراً لطبيعةٍ ساكنةٍ في أهلها. وهذه شُبهة تورّط فيها أصحابُ التفسير الطائفي للحدث البحريني. لاشك أنّ النّظام هو المستفيد الوحيد من توسيع نطاق هذه الشّبهة، وهو نفسه على عِلم قاطع أنّها صنيعة صندوق الأكاذيب والإشاعات الذي ملأ العقول والقلوب المشدودة.
في المدار النّقي، يميلُ شعبُ البحرين كلّه إلى التّلاقي وإعلان المحبّة. في مرّاتٍ كثيرة، فشل الكثيرون في جرّ الطرفين إلى إيقاع الفتنة. تكرّرت المحاولات، والفشل كان لها بالمرصاد. كان ذلك حين تتحرّك الأصابع في السّر، وبين الجيوب السُّفلى، إلى أن استلم تلفزيون البحرين المهمّة، ففعلَ الكثيرَ من الخراب بين أبناء الشّعب الواحد.
كيف كال حالنا قبل ذلك؟
ناشط سياسي معروف يروي أنّ السّنوات السابقة التي اتجهت فيها الجمعيات السياسية لإجراء اتصالات وتحالفات مع الأطراف الأخرى، أبرزت "تجربة رائعة" في اختبار التلاحم الوطني بين أبناء البحرين، وباستثناء بعض الأصوات غير المحترمة لدى الجميع، فإنّ العناوين المشتركة أوحت أنّ الأمور كانت على أفضل ما يُرام.
بعض الشّخصيات السياسية المعروفة اليوم بتعاضدها مع السّلطة، وترويج خطاب الفتنة، كانت في وقت سابق تقف في ميدان واحد مع المعارضة، وتندّد بشعارات الطائفة المغلقة. الدكتور صلاح علي خطبَ في منبر الوفاق، وبين جمهورها الغفير، مندِّدا بسياسة السّلطة في ملاحقة الجمعية وهي تعقد مؤتمرها العام الأوّل.
الكاتب حافظ الشّيخ، في أوّل انفراجات العقد المنصرم، كتب رسالةً مفتوحة إلى "أهل سترة"، مثمّناً وعيهم في الوقوف بوجه المجنّسين، أو منْ أطلق عليهم الشّيخ في رسالته ب"المرتزقة من عمّال العنف الخام (...) ومعهم أولئك الغرباء أيضاً من عمّال العُنف الإعلامي والثقافي والمكتبي". وقال في جانب آخر من رسالته وهو يُخاطب أبناء سترة: "فإنّ النّعال التي تلبسونها في أرجلكم هي -والله - عندنا أثمن من رؤوس مائة ألف مرتزق من المعدودين اسمياً، وزوراً وبهتاناً، في عداد مذهب السّنة".
عندما وصلت الجمعيات السياسية إلى طريق مسدود لإقناع الحُكم بخطأ تغييره للدّستور، وخلافاً لتعهّداته المعلنة، دشنت هذه الجمعيات عريضة شعبيّة موجّهة إلى العاهل، تعبّر عن المطالبة بدستور صحيح وفق ما تضمّنه ميثاق العمل الوطني، وحدّد إطاره الضمانات. وقد نُظمت مقار جائلة لحصْد التوقيعات، وقد لجأت السّلطة في حينه إلى التّعامل الأمني مع الحملة، وشنّت حملة اعتقالات للمشرفين على مراكز التوقيع.
نتيجة ذلك، بادرت عوائل من منطقة الرّفاع الشّرقي لإصدار بيان يُطالب بالإفراج عمّن وصفهم ب"معتقلي الرّأي". تأسّس البيان عن فكرة "الثوابت الوطنيّة"، ورفْض "إثارة الفتنة الطائفيّة التي أخذت تلوح بوادرها من جراء الاعتقالات". طالبت العوائل الموقعة بالإفراج عن المعتقلين انطلاقاً من روح "الأسرة البحرينية الواحدة التي يشهد لها التاريخ".
وقعَ على البيان عائلة طارق درّاج، وعائلة أحمد فهد الهاشل، وعائلة أحمد المطوّع.