» تقارير
الشيخ محمد حبيب المقداد، اللسان المقموع: نحن لا نتلثم عندما نتكلم«2 - 2»
2013-06-17 - 4:47 م
] فيلا وراتب وسيارة فخمة.. كان هذا عرض عبدالله آل خليفة عليه.. فسأله: لكن هل سيكون كل هذا للشعب أيضاً؟
] من الكويت إلى عبّادان إلى السويد.. غاصت نصف أجسادهم في مياه البحر فبكين بناته.. وكان سواد الليل مخيفاً
مرآة البحرين (خاص): كان في الخامسة والعشرين من العمر، حين شدّ الرّحال إلى طلب العلوم الدينية. فيما كان يتنقل بين جبال لبنان، جلس عند رب أسرة لبناني لشرب «إستكانات» من الشاي، ثم فجأة راح يطلب يد ابنته للزواج. كانت في سنتها الأولى لدراسة البكالوريا، تردد الأهل قليلاً قبل أن تتم الموافقة. قبل الزفاف همس لها: "كلفة فستانك أولى بها للمناضلين في حربهم مع إسرائيل". منحت قيمة بياض فستانها لأهلها في الجنوب وطارت معه إلى مدينة قم حيث يكمل دراسته في الحوزة الدينية هناك، بدأها منذ 1982. استشهد أخوها بعد عام، عادت مع طفلتها حوراء إلى لبنان لحضور مراسم الأربعين، فيما نزل المقداد إلى سوريا على أن يلحق بها بعد ثلاثة أسابيع.
فبراير 1989: مفقودًا لمدة عام
من سوريا قرر العودة للبحرين برًا، انقطعت فجأة أخباره وتحولت الأسابيع إلى شهور. الهواجس استبدت بالزوجة: هل تعرض لاغتيال؟ تصفية؟ موت؟ أم مازال بخير؟ بقى كل شيء مقطوعاً ومخيفاً. بعد ستة أشهر زار غريب منزل والد المقداد في منطقة البلاد القديم، أخبره أن أحدهم خرج للتو من مركز شرطة مدينة عيسى، وقال إنه التقى المقداد، وأن الأخير طلب منه إخبار أهله باعتقال السلطات السعودية له إثر اشتباهها به على أنه شخص آخر. بقي معتقلاً في السجون السعودية لمدة 6 أشهر قبل أن تسلمه إلى البحرين.
وفي البحرين بقي ممنوعاً عن الاتصال بأهله، ولم تنفع محاولاتهم للقائه. 6 أشهر أخرى قضاها في السجون البحرينية دون أن يعلم عن مصيره أحد. بعد نهاية العام، أُلقي عند باب القلعة، والتقطه صاحب سيارة نقل جماعي «بيك أب» وأوصله البيت. تبين فيما بعد أنه صديق شقيق الشيخ المقداد. بقي إطلاق سراحه مرهونا تحت شرط الإقامة الجبرية التي امتدت لمدة 7 أشهر تقريبًا.
مسيرة الاختطاف والنفي
لم تكن هي المرة الأولى التي ينعم فيها المقداد بضيافة الدولة، اعتقل في 1986 حين ترصّد له مخبر يسكن البلاد القديم يكنى بـ "أبو الحمير" لركوبه الحمار في تنقلاته، سجن لمدة عام. وفي 1991 اعتقل لمدة 6 أشهر بتهمة التحريض، لكن إطلاق سراحه حدث بطريقة دراماتيكية. كان والده في حوش المنزل حين سمع جرس الباب، وعندما فتحه، فوجيء بمجموعة تُلقي جسد ابنه عليه خائر القوى، ثم ترحل دون أية كلمة. صرخ الأب فزعاً، فالتم الاخوة ليفاجأوا بالمقداد ملقىً في حضن والده وقد تورمت قدماه وطبع على ظهره آثار التعذيب.
في المرة الرابعة اخطفته السلطة من مأتم الشويخ بمنطقة باربار بعد انتهاء خطبته السياسية، نقل مباشرة إلى جهاز أمن الدولة "القلعة"، ومن ثم تخلصت منه ونفته للخارج لتتكفل به الجارة دولة الإمارات. أكثر من 10 سنوات بقي المقداد متنقلاً في المنفى القسري من بلد إلى آخر. في منفاه الأول في الإمارات التحقت به زوجته بعد غيبة طويلة كبرت فيها ابنته حوارء، وعاش هناك لمدة 4 سنوات دون هوية ودون عمل. اختار أن يجرب الذهاب إلى دولة الكويت المنفى الثاني القريب، كانت طفلته الثالثة زهراء في طريقها لترى النور بعد طفله جاسم.
الحياة بلا هوية
في الكويت انشغل بممارسة الخطابة وقراءة المجالس، ترتبت له حياة مستقرة لمدة أربع سنوات قبل أن تستشعر الحكومة الكويتية خطر انفلات خطابه. نُصح بالهرب في عتمة الليل فتهمة زعامة حزب الله جاهزة في درج الأمن العربي، حوكم غيابيًا وزاد بعدًا عن الوطن.
في جوف الليل تسلًل الشيخ المقداد مع عائلته على سطح بانوش قديم، وفي الليلة التالية وصل إلى عبادان، لم تكن بينهم وبين اليابسة سوى بضعة أمتار عندما توقف صاحب البانوش: "انزلوا هني ما أقدر أوصلكم للمرفأ، إن شافونا بيعتقلوننا".
غاصت نصف أجسادهم في مياه البحر، وأمسك كل واحد منهم بأحد الأطفال كيلا يبتل بمساعدة مرافق البانوش. كان سواد الليل مخيفاً، أرهب خديجة التي كانت في الشهر السابع من عمرها، لم تجد إلا صوت بكائها يعيد لها الطمأنينة لتسكت حنحنة البحر، ابتلع البحر مصاصتها التي سقطت من فمها. صاح صاحب البانوش: "سكتوها لا يقبضون عليكم يعني لو انكشفتون بيضربونكم بالرصاص".
بدا البحر وكأنه يعاند مشيهم، بلع أحذيتهم فقطعوا اليابسة حفاة وحبيبات الرمل تلتصق بأقدامهم المنهكة وثيابهم المبللة. استضافهم أحد الخيرين وقدم لهم الملابس والأحذية، بقوا لعدة أيام ثم سافروا إلى مشهد ومنها إلى قم. لن تمنح إيران بسهولة الهوية في بلد فاض بعدد اللاجئين من الأفغان والعراقيين والشعوب الأخرى.
وفي غياب الهوية لن تكون الحياة يسيرة لأطفال في سن المدرسة ويحتاجون المشافي. الهوية التي تحرمك منها السلطة في بلدك بحجة أنك غير جدير بها، لن تحصل عليها بسهولة في مكان آخر، خصوصاً في دولة أرهقتها الحرب، لذا بقت فكرة الهجرة إلى بلد يمنح الإقامة أمرًا ملحًا.
الطريق إلى السويد
كان لابد من تقديم طلب لجوء سياسي في دولة أوروبية، حتى هذا لم يكن سهلا، فلم يكن بطش السلطة يصم الآذان بعد، احتاج منهم تقديم الأدلة حتى يتيقنوا بأن السلطة البحرينية إحدى الدول القمعية. بعد عام انتقل المقداد وعائلته إلى هولندا ومنها إلى السويد. ثمة مراكز اسلامية ومدارس في العاصمة ستوكهولم. هناك أسس مجمع الزهراء الإسلامي وبدأ نشاطه الاجتماعي والثقافي. أصبح رمزًا للجالية المسلمة والتفت حوله الجالية العراقية بالذات. لم يكن المقداد نخبويًا، حرص على مصاحبة البسطاء وحضور أنشطة المختلفين معه فكريًا، بنى علاقات واسعة مع الجميع بكاريزمته وهمته العالية. حصل وعائلته فيما بعد على الجنسية السويدية واستمر بإدارة مشاريعه حتى بعد عودته إلى البحرين بعد التصويت على الميثاق.
العودة للبحرين .. اعتقالات في العهد الإصلاحي
بعد الميثاق أسس المقداد "جمعية الزهراء لرعاية الأيتام " امتدادًا لمشروعه في السويد، عنى المركز بكفالة الأيتام البحرينيين، لم يستثن حتى الجاليات الآسيوية ويتامى الحروب خصوصًا في لبنان والعراق. بعد عامين من العمل المكوكي حصل المركز على تصريح رسمي 2006.
في العام ذاته انكشفت فضحية تقرير البندر، وبدأت الأصوات المعارضة بالظهور، فعاد أمن الدولة بقالب مختلف وعاد الشيخ المقداد يجاهر بالأقصى الذي لا يحتمل التحوير ولا التغليف، وشارك في المسيرات مستنكرًا الأحكام الصادرة ضد المعتقلين.
كان لاذعاً حتى في مجالس الموالاة حين يباركهم بقدوم العيد. في إحدى المرات، صادف وجود مدير مكتب رئيس الوزراء خليفة بن سلمان في مجلس بالمحرق فقال له: "مو إنت تشتغل ويه رئيس الوزراء، قط يوم شفت رئيس الوزراء قال لك يا الله نقوم نروح البيت الفلاني نعطيه المقسوم، أو أشوف البيت الفلاني متألم أو محروم؟ فرد عليه: "لا، كلامك صح". كان يرمي حجر الأسئلة ويدع مهنة التفكير تتسع لوحدها.
ديسمبر 2007: خلية الحجيرة
زعمت السلطات أن 35 مواطناً سافروا إلى منطقة الحجيرة بسوريا، لتلقي التدريب على استخدام المتفجرات، بتجنيد من قبل حركة حق المعارضة، لتنفيذ هجمات على الممتلكات والتحريض على العنف. المحتجزون بدورهم، اشتكوا تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة.
وفي بث على قناة الحكومة التلفزيونية أدلى 11 محتجزًا بتصريحات يُزعم أنها اعترافات، تؤكد مزاعم الحكومة وتورط قيادات حركة حق مثل د. عبد الجليل السنكيس والشيخ المقداد، بصفتهم المنظمين لحملة شن الاحتجاجات العنيفة وتدمير الممتلكات.
لكن المعروف أن منطقة الحجيرة في سوريا تسكنها الطائفة السنية، بيوتها متراصة تفصلها الأزقة الضيقة، وتشتهر ببيع الخضروات. ولا يعرف حتى الآن سبب انتقاء السلطات لهذه المنطقة السكنية بالذات، لجعلها مكاناً للتدرب على استخدام المتفجرات!
حين التقى الشيخ المقداد بالمتهمين أول مرة، قالوا له: "شيخنا سامحنا اعترفنا عليك مع إنا ما نعرفك ولا تعرفنا".
جاء ما يسمى بـ"العفو الملكي" بعد أشهر، خرج متهمو الخلية المزعومة لحرية قصيرة. سريعاً ما تمادت السلطة في الفساد والاعتقالات، فتمادى المقداد في النقد الصريح لرئيس الوزراء ولوزير الداخلية. فكان الاعتقال مجدداً في 2010.
فبراير 2008: إلى رئيس الوزراء
في إحدى المرات اختار أن يوجه كلامه إلى رئيس الوزراء: "يصرح رئيس الوزراء في الجريدة، أنا أرحب بأي انتقاد يردني من أي مواطن. إذا ترحب بأي انتقاد، ليش تسجن الفقير المسكين، لأنه فيه كلام عن سياستك الفاشلة والتجربة تقول إن سياستك فاشلة، ما تقدر تدير الوضع. كلنا نصف مليون مو قادر توفر إليهم وظائف بس لأنه سياستك فاشلة. 50 ألف عاطل عن العمل في البحرين، هذي بذمة منو؟ برقبة منو؟ دليل إنك فاشل يا رئيس الوزراء في إدارة وضع البلد، هذي البلد غارقة، وفوق هذا كله يجنسون ويجنسون ويجنسون".
يضيف: "قالوا البرلمان بالانتخاب انزين سووا لنا حكومة بالانتخاب بعد، والوزراء ليش يجون معينين وحضرة العم العزيز ليش يجي بالتعيين ليش ما يجي بالانتخاب، إذا الشعب يريده عليه بألف عافيه لكن إذا الشعب ما يريده عليه أن يزيح".
وفي خطبة أخرى من العام نفسه راح يوجه حديثه مرة أخرى لرئيس الوزراء، قائلاً: "نحن لا نتلثم عندما نتكلم، بكل شفافية بكل وضوح بملء الفم وبكل صراحة نتكلم ونقول إحنا معارضة. نتكلم ونقول يا حضرة رئيس الوزراء ما لك في قلوبنا حب، ليش؟ لأن مواقفك واستبدادك وديكتاتوريتك ما خلت وما أبقت بعد محبة في القلب".
عند المحكمة 2010
لم تكن حركة الاحتجاجات في الشارع قوية خلال 2010، كان بعض الناس ما يزال يتأمل خيراً مما سمي بالمشروع الإصلاحي، لكن المقداد لم يكن ينتظر أحداً ليصدح بمعارضته واحتجاجه. يقف أمام ساحات المحاكم يمسك الميكروفون قائلأ: "لتسمعنا السلطة ولترتفع هذه الحناجر والصيحات، ليس الإفراج عن السجناء فحسب بل من أجل تحقيق كافة المطالب الحقة، وسوف نستمر في النزول للشوارع والمقاومة السلمية لهذا الشعب المسالم، لا حاجة لهؤلاء المرتزقة الذين يأكلون من أموال الشعب، برهنا سلفا ونبرهن لاحقا أننا معارضة سلمية أبية وطنية نطالب بتحقيق العدالة في هذا البلد".
يوليو 2010: دعوى ضد وزير الداخلية
زادت حدة خطاباته لوزير الداخلية خصوصاً، مطالبا إياه بالاستقالة، وتقدم بشكوى ضده وزير الداخلية في كلمة نشرت على اليوتيوب: "لقد توجهنا إلى المركز الأمني في المنامة لتقديم شكوى ضد وزير الداخلية على العمل العنفي الذي استخدمته البارحة، حيث إننا توجهنا لزيارة مريض تعرض لأكثر من عشرين شظية في جسده من فعل سلاح الشوزن المحرم دولياَ (...) كنا نحمل الورد، فتوجهت القوات المرتزقة الأجنبية وأطلقت علينا الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية وقنابل المسيلة للدموع والشوزن مما أدى الى إصابتنا برصاصة مطاطية فدخلت الى المستشفى. وإذا كانت الدولة كما تزعمون دولة القانون، فليمثل وزير الداخلية أمام القضاء النزية، لأنه هو الآمر بالعنف وننتظر حتى نرى، فإذا لم تنفع سأقدمها في الخارج ضد رئيس الأمن الوطني ووزير الداخلية، وعلى كل مصاب أن يرفع الشكوى إن لم تنفع بالداخل فلنوجهها للخارج".
سيارة وفيلا ومزرعة... وبعد!
هذه المرة ستتبع السلطة مع المقداد أسلوباً مختلفاً. يتم استدعاؤه من قبل مكتب نائب رئيس الوزراء، عبد الله بن خالد، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي. يتم إدخال المقداد فور وصوله لمكتبه في وزارة العدل. كومة من الأوراق مرصوصة على جانب المكتب. يبادر آل خليفة: "أعتقد أن لديك أزمة حصول جواز بحريني لزوجتك، راح نعطيها جواز، وبنعطيك سيارة"، بدأ المقداد يستدرجه للاسترسال: "وبعد؟" فيكمل: "راح نعطيك فيلا، ووظيفة وراتب، إنت تحط الرقم إلي تبيه، وبنحط لك مبلغ في البنك وبنعطيك مزرعة".
بعد أن ينتهي، يسأله المقداد مبتسمًا: "ستعطون كل هذا لكل الشعب؟ يجيب: لا طبعًا، أنت استثناء". فيرد المقداد:" حالي حال الشعب، ما يمنح لي يمنح للشعب كله". يشير آل خليفة إلى كومة الأوراق ليطلع عليها المقداد، ثم يقول محذرا: "هذي كل خطبك في المنابر، وإنت حطيت على العائلة الحاكمة".
يتناول المقداد الأوراق متصفحًا وهو يبتسم قائلاً: "إي والله هذي خطبي". ثم يلتفت لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى، قائلأ: "بس أنا للحين ما قلت شي!". تنتهي المقابلة، ويخرج الشيخ المقداد، ويكون في انتظاره المعتقل في اليوم الثالث من شهر رمضان، مع مجموعة من القياديين والشباب، ويكون "المخطط الإرهابي" كما العادة التهمة التي تنتظرهم.
أغسطس 2010: على نفقة الدولة
في نهاية شهر رمضان، يذيع تلفزيون البحرين خبر نجاح جهاز الأمن الوطني في تفكيك شبكة تنظيمية سرية تضم 23 متهمًا قبض عليهم في 13 أغسطس/ آب 2010، تستهدف "المساس بالأمن الوطني والإضرار باستقرار البلاد وتقويض الوحدة الوطنية والإساءة للنسيج الاجتماعي والعمل على ديمومة العنف واستهداف الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة" وفق ما زعمت السلطات.
التقرير الذي بثه تلفزيون البحرين في 4 سبتمبر/ أيلول 2010 (الموافق 26 رمضان 1431)، ركّز كما العادة أيضاً على نشر صور المتهمين وتفاصيل عنهم، وكان الجديد الذي استدعى سيل التعليقات الساخرة، هو إضافة تفاصيل مثل حصول بعضهم على التعليم أو القروض أو وحدات الإسكان أو العمل، بما أسماه التقرير "على نفقة الدولة"، ومن ثم لا يحق لهؤلاء الاحتجاج على سياسة النظام الذي وهبهم كل هذه الحقوق!
عبارة "على نفقة الدولة" لاقت استهجان الشارع وسخريته. النظام الذي يمن على المواطنين بأبسط الحقوق المكفولة لهم طبيعياً، والذي يفرض عليهم أن يكونوا عبيداً للنظام كي يستحقوها.
ضمت القائمة كلاً من الأمين العام لحركة حق حسن مشيمع والأمين العام لحركة أحرار البحرين الإسلامية سعيد الشهابي - لم يتم إيقافهم حينها لكونهم خارج البحرين آنذاك-. بالإضافة إلى القيادي في «حق» عبد الجليل السنكيس، والشيخ محمد حبيب المقداد، والشيخ سعيد النوري، وعبدالغني خنجر والشيخ عبدالهادي المخوضر، مع مجموعة من المعتقلين.
التليفزيون الحكومي.. أهم موظف في الداخلية
هيئة الدفاع عن المتهمين، طالبت بوقف بث التفاصيل الخاصة بالمتهمين في القضية، موضحين أن "المدعوين مواطنون بحرينيون تم اعتقالهم قبل عدة أسابيع، ولا يزالون رهن الاعتقال والتحقيق". المادة (246) من القانون جاءت صريحة في هذا الشأن.
لم يطل الوقت كثيراً، تم تقديمهم للمحاكمة، وكانت الجلسات في طور انعقادها عندما حل الربيع العربي مربكاً كل شيء. وبدأت بوادر الثورة في البحرين، استبقها النظام بإطلاق سراح سجناء الرأي في 28 فبراير/ شباط 2011، ظناً منه أنه سيهدئ من الغضب العارم والمطالب بالإصلاحات، لكن الأمور لم تسر كما أرادها النظام.
خرج المقداد، وعاد الصوت الأقصى كما كان، بلا تردد، وجهته رئيس الوزراء كما العادة: "رفض المعارضة لرئيس الوزراء لا يستند إلى البعد العائلي أو البعد الشخصي فالكل يشترك في المواطنة الواحدة ويتساوى الجميع في الحقوق والواجبات وإنما المسألة مرتبطة مستندة إلى أمرين". الأمران هما "آلية التعيين، والاستماع لمطالب الشعب في حراك 14 فبراير/ شباط والذي جاء بمثابة استفتاء شعبي".
لم يتوقف المقداد عن نقد ما أسماه بـ"الأداء المهلهل لرئيس الوزراء وأعضاء حكومته والفساد الإداري والإهدار المالي الذي نخر عظام الدولة والاستئثار بخيرات وثروات البلد لصالح المتنفذين والإقطاعيين والبرجوازيين الذين يقضمون أموال الشعب"، ولم يتوقف عن تعيينه لناهبي الأراضي والجزر المسروقة وتسميته للسراق والمتكسبين، ولم يتوقف عن مطالبته برفع القضايا لاسترجاع الأراضي المسروقة والمنهوبة.
لا يعرف المقداد غير الذهاب إلى الأقصى من الكلام، لا يعرف الكلام بين بين، ولا الكلام الذي يرتدي غطاءاً، لهذا صار الأقصى في عدد مرات الاعتقال والاختطاف، الأقصى في التعرض للتعذيب، الأقصى في عدد التهم الموجهة إليه، الأقصى في عدد المتهمين المطالبين بالاعتراف على قيادته لهم، الأقصى في عدد سنوات المحاكمة، الأقصى في البعد عن النظام الذي فشلت كل محاولاته في استمالة هذا الأصعب.
اقرأ أيضا
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة