سلمية العودة
عباس بوصفوان - 2011-05-26 - 9:09 ص
عباس بوصفوان
هذه المرة، فإن شباب 14 فبراير لا ينطلقون نحو دوار الؤلؤة من دون غطاء. واضح ان الحالة الدينية والسياسية التي احتضنتهم، والمزاج العام الذي ساندهم، مازال على موقفه الصلب المطالب بالإصلاح، والرافض لاحتكار الثروة والسلطة من قبل طرف واحد.
لقد ردت الحكومة على مطالب الإصلاح بقمع غير مسبوق، دام نحو شهرين ونصف، بدأ في 14 فبراير، ولم ينته مع قرب رفع قانون الطوارئ.
تأمل الحكومة بعد كل هذا القمع، أن ينكفئ الناس، يركنوا في بيوتهم، على الاقل إن لم يكن خوفا من فصل عن عمل يحيل المواطن جائعا، فخوفا من اعتقال وتعذيب، من المحتمل أن ينتهي بالوفاة، كما حدث مع أربعة مواطنين سجل استشهادهم في السجون.
وهنا يقع الخوف تماما، فمع تنادي جماعات 14 فبراير المختلفة للتوجه نحو مقر اعتصامهم، فإن المخاوف من خيار قمع المتظاهرين تزداد، رغم ما ظهر من كلام إيجابي لرئيس هيئة شئون الإعلام الشيخ فواز بن محمد آل خلية، في مقابلته الأخيرة على قناة ال بي سي، حين قال بأن حق التظاهر مكفول.
ذلك ما يأمله الناس، فالتحدي الأساسي للحكومة بعد رفع قانون الطوارئ، يتمثل في قدرتها على حماية حق المواطنين في التظاهر السلمي، وهو حق أصيل وفقا للشرعة العالمية.وفشل السلطات في ذلك، سيعطي مؤشرات أخرى على ما يمكن اعتباره نهجا متسلطا للنظام.
كما سيؤكد ذلك مجددا، مدى ترسخ النهج الأمني في الدولة، وهو النهج الذي حكمها عمليا منذ حل البرلمان في العام 1975، ولم تستطع الجهود التي حاول النظام اتخاذها من وقف تغوله وتمدده، حتى في سنوات "الإصلاح".
العودة الفاقعة لليد الغليظة تعني نهاية أكيدة لليد المدنية، التي وإن لم ترس الحق، فعادة ما ينظر إليها على أنها اقل عداء للسياسيين من العسكر.
كما سيكون التحدي أمام المتظاهرين الاستمرار في سلميتهم المشهودة، التي رسختها ثقافة 14 فبراير، في ظل ما نعرف من أن جل الثورات الحديثة، من آسيا إلى اوروبا الشرقية، انطلقت هبات شعبية واستمرت، معتمدة النضال اللاعنفي طريقا اصيلا لها، لا غير.
بل يمكن القول بالفم الملآن، أنك ستجد صعوبة في البحث عن نموذج شعبي عنيف انتصر بحق.