سيدي: لقد فشلت المهمة

عادل مرزوق - 2011-05-25 - 6:08 ص

عادل مرزوق

لم تتكرم هوليود علينا ولو بمشهد واحد لجندي أميركي يعود لمعسكره خائباً، مطأطىء الرأس، ليقول بصوت خافت: سيدي، لقد فشلت المهمة!. ولأن أحداً ممن يمسكون بتفاصيل العملية العسكرية لقمع المتظاهرين في البحرين منذ 14 فبراير لم يرَ هذا المشهد ليستعير تفاصيله، فإن أحداً منهم لم يتقدم ليعترف بذلك حتى اليوم.

لم يعد في يد السلطة شيء سوى أن تسير الى التسوية، وهو بالمناسبة ليس خياراً بل نتيجة ملزمة للعسكر الذين لم يستطيعوا  الوفاء بما وعدوا به. كان السيناريو المطروح يقتضي الضمانات التالية: "نضمن عودة الوضع في البلاد تحت السيطرة، ونضمن أن تأتي الجمعيات السياسية لتستجدي العفو لتقبل بأي تسوية نفرضها نحن، ونضمن موقفاً دولياً إيجابياً وبأقل الخسائر". لكن شيئاً من هذه الضمانات لم يتحقق.

تعلم القيادة السياسية أن سيارات الأمن بشرطتها والمجنزرات والدبابات بجنودها ومسيلات الدموع والرصاص الانشطاري مجتمعة، لن تمنع أهل المدن والقرى من الخروج للعودة الى الدوار. وتعلم القيادة السياسية ايضاً، أن الجمعيات السياسية وبعد ما تحصلت عليه من دعم دولي رسمي من عواصم الدول الصديقة للنظام لم تعد مجبرة على التنازل في أي مطلب من مطالبها المشروعة. وتعلم أخيراً، أن صورة البلد وديمقراطيتها ومشروعها الإصلاحي أصبحت في عداد المفقودين المسجلين رسمياً في دفاتر المنظمات والهيئات الدولية.

وإذا كانت المواقف الأمريكية والبريطانية المتصلبة ضد النظام مزعجة، فثمة موقف جديد ستتبناه الحكومة الفرنسية قريباً جداً بعد ما عاين موظفو السفارة الفرنسية في المنامة بأعينهم ما حمله جسد مراسلة القناة الفرنسية 24 الصحافية نزيهة سعيد من تعذيب ليبادروا فوراً بإرسالها الى العاصمة باريس لتدارك ما يمكن تداركه ولعلاج ما يمكن علاجه.

إذن، اكتمل فصل التعرض للصحفيين البحرينيين والمراسلين بعد الإقالات الجماعية الطائفية، وبعد مقتل الناشر كريم فخراوي والمدون زكريا العشيري واعتقال الصحافي حيدر محمد والصحافي فيصل هيات والصحافي عبدالله علاوي والمحرر الصحافي جاسم الصباغ والمخرج الصحافي علي جواد والصحافي مازن مهدي والصحافية نزيهة سعيد. أخيراً بات ملفاً قاراً لا يحتاج للمزيد من الأدلة والبراهين. ولعله أصبح موضوعاً دولياً، وعلى كل الهيئات الدولية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة.

منذ ربيع الثورات الذي نبتت وردته الأولى في تونس، لم يكن لتدخل العسكر في أي بلد عربي أن ينجح. ومن الأرشيف البعيد، لم تستطع اسرائيل ورغم كل امكانياتها وقوة جيشها وملياراتها والدعم الدولي لها أن تنجز بالسلاح ما لا ينجز إلا بالحوار والجلوس على طاولة المفاوضات. انتهى عهد العسكر يا سادة، وعلى أحدهم أن يتقدم ليقول وبوضوح: سيدي: لقد فشلت المهمة.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus