الخيار الصعب: لكنه ممكن!
2011-05-23 - 10:21 ص
مرآة البحرين (خاص): إلى أي حد تستطيع المعارضة التعويل على هبة جديدة في 1 يونيو/ حزيران، اليوم الذي يصادف رفع حالة السلامة الوطنية؟ وإلى أي حد مضمونة الاستجابة؟ واضح أن النظام قد زيّد من كلفة اللجوء إلى الشارع وأضاف أعباءاً مستجدة على الناس. ذلك أن الصورة الآن ليست صورة ما قبل 14 فبراير/ شباط.
فيومذاك، حين راحت الدعاوى تتطاير عبر أثير الإنترنت والشبكات الاجتماعية من أجل هبة في الشارع تزامناً مع ربيع الثورات العربية كانت ثمة حدود مرسومة للعب: حد متوقع من القوة في مقابل حد متوقع من الضرر. في حين نحن نتحدث اليوم عن حد أقصى على الجانبين: لا حدود متوقعة للقوة أو الضرر.
ومع ذلك، تقول المعارضة: إنها ستلجأ إلى الشارع مرة ثانية، وهو خيارها الآن وليس أي شيء آخر. فهل هذا ممكن؟
أحد القيادات الشابة التي تعمل على الدفع في هذا الاتجاه، وخلق مساحات للتداول بشأن الفكرة في المجال العام صرح في حديث لـ "مرآة البحرين" بأنه "لا يمكن توقع أي شيء، أقول كما كنا نقول لدى اقتراب لحظة 14 فبراير/ شباط، إن التوقعات بشأن مجريات ما سيحصل متعذرة، بيد أن كل شيء ممكن".
ويقول "إن السلطة قد سعت طيلة فترة السلامة الوطنية إلى إعادة بناء جدار الخوف. كان واضحاً من العنف الوحشي الذي مورس والقتل وقهر الناس في أرزاقهم، أنها تريد تلقين المنتفضين درساً لن ينسوه". وفي حين أنهم لن ينسوا ذلك فعلا، يستدرك "إلا أن السلطة نفسها تنسى أن الجحيم يكمن في قهر مستحكم لا يمكن أن ينساه الناس" على حد تعبيره.
وفيما يبدو فإن التعويل على التحركات في يونيو/ حزيران يضع في الحسبان عاملين: الغطاء السياسي الذي ستوفره الجمعيات السياسية إلى التحرك الجديد المستأنف، ووراءها القوى التقليدية في المجتمع كالرمزيات الدينية والواجهات الاجتماعية.
ويمكن القول إن ذلك قد بدأ فعلاً، حيث مررت الرسائل إلى من يهمه الأمر! ومن جهة أخرى، الغليان الشعبي ضد الفظاعات الوحشية التي مورست بحق الناس منذ أن أطلقت يد قوات الأمن.
ومضافاً إلى ذلك، التعاطف الدولي الذي بدأ يضغط بقوة على حكومات الغرب ويجبرها على تسجيل مواقف حازمة ضد انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، بصورة لم تكن مشهودة لها طيلة حركة 14 فبراير/ شباط. كما في خطاب أوباما الأخير وكذلك موقف الخارجية البريطانية لدى زيارة ولي العهد لها. مضافاً إليه كل ذلك، تصبح حركة 1 يونيو/ حزيران المزمعة ممكنة الصرف، خصوصاً مع تصلب السلطة في إبداء أية مرونة في لقاء المعارضة منتصف الطريق.
في الوقت الذي تعتقد الأخيرة أن الكلفة الباهظة التي تم تدفيعها إياها، ودفعتها معها قاعدتها الجماهيرية، خسارة في الأرواح وانعداماً للأمن، لا يمكن أن تكون بلا ثمن سياسي تربحه، ويربحه الناس، في ختام الملحمة. حتى لو اضطرها ذلك إلى المكث أشهرا عازفة عن مجمل العملية السياسية ومتطلعة إلى الساحات والميادين.
لقد حاول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان لدى زيارته الأخيرة إلى البحرين أن يفهم وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة بعضاً من الحكم التي يفهمها الأميركان جيداً ويدركون دلالاتها "أن خطورة هدم المساجد في البحرين أكبر من قصة تراخيص سخيفة تتحجج بها السلطة في محاجّتها الطائفية، ذلك أن لها تداعيات إقليمية وخيمة".
وهو الشيء الذي يبدو أن الوزير قد استوعبه لكن متأخراً جداً. واعداً بالنظر "في إعادة بناء بعض المساجد وتحسين خدماتها"! كما سعى إلى بث بعض رسائل الطمأنينة إلى دول الإقليم.
بيد أن الشيء الذي لم يستوعبه أن ضرب الناس في رمزياتهم الدينية هو أحد روافد التعبئة المعتمدة الآن للمضيّ في تثوير الناس في 1 يونيو/ حزيران.
فكما أن قتل الناس لا يمكن أن يمر بلا ثمن، فإن جرحهم في شعائرهم هو، إلى جانب طقم طويل من حوافز التحرك المستجد، هو الخزان المعنوى الذي لا ينضب مما سيتوجب استثماره لأبعد حد في طلب هذا الثمن، وإقناع متحمسين له ومغامرين. وتلك هي ضمانة الحركة المستأنفة!