بين خواجة والعيساوي.. أمعاء خاوية

إيمان شمس الدين - 2013-05-01 - 1:47 م


إيمان شمس الدين*

الأمعاء الخاوية أسلوب جديد من المقاومة ضد الاستبداد والظلم والاحتلال، إضراب من نوع آخر، لا كتلك الاضرابات التي تعطل مرافق الدولة وتضرب على وتر تعطيل مصالح الناس لتزيد من حالة تذمر الشعب وترفع وتيرة المواجهات مع السلطة كوسيلة تصعيدية في أي حراك مطلبي، بل هو إضراب عن الطعام في حملة أمعاء خاوية تكون فيها المواجهة بين فرد أعزل لا يملك إلا جسده وسلطة تملك كل مقومات الموت وسلب الحياة والقهر.

مواجهة غير متكافئة لكنها في عالم الحقوق والحريات تعني الكثير، بل هي أشبه ما يكون بعملية استشهادية يقدم فيها فرد نفسه ليعبد الطريق أمام من خلفه ليرفعوا مشعل الحرية.

فكونك ترفض حكما قضائيا جائرا ضدك من خلال " الأمعاء الخاوية " فأنت بذلك تعترض رافضا الظلم من جهة يفترض فيها العدل - أي القضاء -  هذا الرفض لأحكام سلطة تعتبر من أهم السلطات الحاكمة في الدولة هو مقاومة تصب في مسيرة الاصلاح والتحرر.

فالناشط الحقوقي عبد الهادي خواجة الذي أعلن الإضراب عن الطعام وبدأ مشوار الأمعاء الخاوية كان يريد التعبير عن رفضه لحكم السجن الذي صدر بحقه من غير وجه حق، وسامر العيساوي السجين الفلسطيني في سجون الكيان الصهيوني الذي بدأ اضرابه عن الطعام من شهر اوغسطس - آب من العام 2012 أيضا كان يريد بذلك رفض الحكم الجائر بحقه من قضاء الكيان الصهيوني.

في كلتا الحالتين كان الحكم هو الجلاد، لكن المفارقة أن في حالة (سامر العيساوي) رضخ الكيان الصهيوني أخيرا لحملة الأمعاء الخاوية التي بدأها العيساوي منذ أشهر، وانتصر جسد (سامر) النحيل ليحقق نصرا آخر في ساحات المقاومة ضد الطغيان الصهيوني، وأوضح بولص محامي العيساوي أنه «جرى التوصل إلى صيغة اتفاق عرضها الأسير سامر العيساوي وأنا وتتضمن مجموعة من البنود أهمها فرض عقوبة تقضي باحتساب الفترة السابقة التي قضاها في الأسر منذ السابع من تموز/يوليو 2012، إضافة إلى ثمانية أشهر من السجن الفعلي ابتداءً من تاريخ اليوم، مع انتهائها سيفرج عنه إلى مسقط رأسه في العيساوية».

وأشار بولس إلى أن «أهم ما حققه هذا الاتفاق هو إصرار سامر على عدم إدانته بكامل فترة محكوميته السابقة والبالغة 26 عاماً».

أما الحقوقي عبد الهادي الخواجة لم يحقق أهم مطلب له وهو الحرية ليس لقصور فيه وفي حركة الأمعاء الخاوية التي أعلنها، بل لاستكبار سلطة، بلغت من الاستهتار بحياة الإنسان مبلغا فاق حتى الكيان الصهيوني في عتوه واستكباره.

ومن جهة أخرى تتعلق بكينونة كل نظام واحترام الغرب له، فالصهاينة بعد أن لعب الإعلام دورا بارزا في تسليط الضوء على قضية الأسير العيساوي وبدأت المنظمات الحقوقية الغربية حملتها بالضغط على الكيان الصهيوني، ولأن الصهاينة حريصون على صورتهم في الغرب، وأمريكا أحرص على تلك الصورة، رضخ هذا الكيان تحت هذه الضغوط لتحقيق مطلب العيساوي، بينما النظام البحريني لا يعنيه ذلك ولا يعني السلطة الأمريكية وأنظمة الغرب سمعة البحرين في أوروبا،  كون البحرين دولة وظيفة نظامها هو حماية المصالح الغربية أي هي مجرد جسر للآخرين، بينما الكيان الصهيوني هو أصل في مشروع ضد منطقتنا، وهناك فرق بين أن تكون جسرا لا قيمة له تذكر وأداة في اللعبة, وبين أن تكون اللاعب فيها وصاحب اليد الطولى.

العيساوي حقق مطلبه من الكيان الصهيوني الغاصب المعروف بغطرسته وجبروته وظلمه، ولكن خواجة لم يحقق ذلك وهو ما يشير أن أنظمتنا تفوقت على نموذج الكيان الصهيوني، ويمكننا القول إن التلميذ تفوق على أستاذه بكثير.

فأمعاء العيساوي الخاوية حققت إنجاز الحرية، بينما الأمعاء الخاوية للخواجة، لم تستطع أن تقرع الطبول في عقول متحجرة، فتحقق أمنية الحرية.

Chamseddin72@gmail.com

*كاتبة كويتية.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus