سيوف الولاء
علي مطر - 2011-05-16 - 11:43 ص
علي مطر
أهم منجزات الدولة الحديثة أنها نقلت الولاء من الشخص والقبيلة والدم إلى النظام والمؤسسة والدولة، لذلك مهمة هي دعوة "صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية إلى ضرورة أن تبدأ رحلة تأهيل وتدريب الموظف العام الجامعي في الوزارات والمؤسسات الرسمية بتنويره وتعليمه عن مفهوم الدولة وإشباع وعيه بحتمية الولاء لها والتفاني في خدمته".
لكن ليس بحفلات السيوف تبدأ رحلة الولاء، ولا بوثائق الإقرار التي تشبه حد السيوف يترسخ الولاء للدولة، وهنا أنا أتحدث عن الولاء للدولة وليس الولاء لصاحب السمو الملكي، فالدولة ليست هي صاحب السمو، بل صاحب السمو هو واحد من الذين عليهم أن يبدأوا رحلة تعلم الولاء، فهو موظف في الدولة وفي خدمتها، ولا بد أن يتأهل ويتدرب ليكون في مستوى الدولة.
حفلات سيوف الولاء تعيدنا لمفهوم الولاء الذي قبل الدولة، الولاء للشخص والعائلة والقبيلة، والدولة أكبر من الشخص والعائلة والقبيلة، ولا تتجسد الدولة فيما هو أقل منها، لكنها تعطي بعض ما فيها إلى من هو أقل منها، وصاحب السمو هو أقل من الدولة، والدولة تعطيه شيئا منها، تعطيه سلطة من سلطتها الثلاث (السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والسلطة التشريعية). وعليه أن يتعلم باعتباره موظفا عاماً أنه يمثل الدولة فقط فيما تمنحه هي إياه من سلطة.
وركن أساسي من ولائه للدولة أن يتعلم الالتزام بحدود ما تعطيه الدولة له من سطة جزئية محدودة، ولا يمد يده إلى كل السلطات ليجمعها في قبضة يده، فحينها لن يكون لدينا دولة، بل سيكون لدينا شخص يتحكم في كل الدولة، والدولة لا تكون إلا مستقلة عن الشخص.
إن حفلات سيوف الولاء تجعل صاحب السمو هو الدولة، وتمنحه ما لا يملكه. وهي بهذه الحفلات ومظاهرها البدائية تعود بنا إلى شكل أدنى من الدولة، وهي فوق ذلك تعيق تعلم صاحب السمو مفهوم الولاء للدولة، وتجعله يفهم علاقته بالدولة على نحو "أنا الدولة". كيف يمكن للناس أن يبدأوا رحلة الولاء للدولة قبل أن يبدأ صاحب السمو هذه الرحلة. أوقفوا حفلات سيوف الولاء ليبدأ صاحب السمو رحلة تعلم الولاء، كي يبدأ الناس الذهاب معه في هذه الرحلة.
قالت "الصحافة" البحرينية إنه قد "تدفقت جموع المواطنين وكبار الشخصيات من وزراء وشوريين وبلديين للتوقيع على سيف الولاء، في حفل أقيم في شركة ديباج للسيوف والخناجر بتنظيم من عائلة الصايغ".
وأوضحت الشركة بدورها أنها "تهدف من حفل سيوف الولاء الى توصيل ثلاثة رسائل: تجديد الولاء والبيعة لجلالة الملك حمد بن عيسى وإلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان وإلى صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد. والرسالة الثانية تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية ولم الشمل، الرسالة الثالثة توصيل رسالة للعالم بأن شعب البحرين شعب واحد ملتف حول قيادته الرشيدة".
إن سيوف الولاء لن توصل هذه الرسائل، بقدر ما سترسل رسالة تقول: إنها سياط تفرض الولاء على من سولت لهم حقوقهم المدنية ممارسة الاحتجاج في الساحات العامة، ضمن فضاء الدولة المدني. وستقسم المواطنين بين موالٍ لصاحب السمو وموالٍ للدولة، وسترسل للعالم رسالة بأننا قبيلة لم تصل بعد إلى مستوى الدولة. وأننا منذ الاستقلال لم ننتج رجالات دولة، بقدر ما أنتجنا طفيليات تعيش على الانتفاع والفساد، وإعاقة مشروع إنجاز الدولة.