البحرين تسعى لإغراق المتظاهرين بدماء الشيعة

2011-05-15 - 6:02 ص

باتريك كوكبرن - صحيفة الإندبندنت

ترجمة: مرآة البحرين


"دعونا نغرق الثورة بدماء اليهود".
 كان ذلك شعار القياصرة عندما نفذت المذابح بحق اليهود في روسيا خلال السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وفي البحرين كانت صيحة الحرب للنظام الملكي الخليفي منذ الوهلة الأولى لقمع المظاهرات المؤيدة للديمقراطية في المملكة قبل شهرين هي "إغراق الثورة بدماء الشيعة"، وبمثل ما فعل القياصرة باستخدام القوزاق الروس لقتل وتعذيب اليهود وحرق معابدهم، سعى نظام الأقلية السنية في البحرين لإرسال قواته الأمنية الملثمة ليلة بعد أخرى لترويع سكان الأغلبية الشيعية المطالبين بالمساواة في الحقوق السياسية والمدنية.

عادة ما تعمد قوات الشرطة إلى جعل غاراتها على مناطق الشيعة ما بين الواحدة إلى الرابعة فجراً، يسحب فيها الناس من فراشهم ويضربون أمام عوائلهم، وهم يواجهون معاملة سيئة وجرعات من التعذيب في السجون، وكان عبدالهادي خواجة، أحد الناشطين المؤيدين للديمقراطية، قد مثل أمام المحكمة العسكرية الأسبوع الماضي وبه جروح عميقة في الوجه، وقال بأنه أصيب بأربعة كسور في الجانب الأيسر من الوجه، بما في ذلك الفك الذي احتاج إلى جراحة استغرقت أربع ساعات.

وكان قمع الإحتجاجات قد تزامن مع إرسال المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي- التي تعرف أيضاً باسم "نادي الملوك"- قوات مكونة من 1500 جندي إلى البحرين للمساعدة في حملة القمع التي ابتدأت في منتصف شهر مارس، وسريعاً ما تكشف أن الحكومة متورطة في هجوم وحشي على الطائفة الشيعية برمتها- نحو 70% من تعداد السكان في البحرين.

وجاءت أولاً موجة الإعتقالات التي طالت 1000 معتقل، منهم 300 شخص زعمت الحكومة أنها أفرجت عنهم، على الرغم من عدم الإفصاح عن أرقام من هم رهن الاعتقال حتى الآن.

الكثيرون منهم أفادوا بأنهم تعرضوا للتعذيب، فيما أبانت صور التقطت لأولئك الذين ماتوا أثناء التحقيق علامات واضحة على الضرب والجلد.

ولا يوجد أي مؤشر حتى الآن على أن إعلان الملك حمد آل خليفة حول إنهاء الأحكام العرفية مع مطلع يونيو/ حزيران القادم يمكن أن يتجاوز مجرد الدعاية السياسية  لإقناع العالم الخارجي والشركات الأجنبية على وجه الخصوص بأن البحرين عائدة إلى وضعها الطبيعي.

القمع في توسع، وفي بعض الأحيان يعمد رجال الأمن الملثمين من أولئك الذين يداهمون القرى الشيعية في الليل إلى هدم المساجد والحسينيات، وهناك ما لا يقل عن 27 منها حتى الآن قد تعرضت للتدمير أو التخريب، فيما يجري رسم شعارات مناهضة للشيعة ومؤيدة للحكومة على مايتبقى منها من جدران.

وتحاول الحكومة بصعوبة إخفاء الطابع الطائفي لحملة القمع، فهي في معرض دافعها عن هدم المساجد والحسينيات تدعي أنها شيدت من دون رخصة بناء، ويشير الناقدون للسلطة بأن أحدها تم تشييده  قبل 400 سنة، وليس من المرجح أن الحكومة قد وجدت هذه الحماسة المفاجئة لتطبيق أنظمة البناء منذ منتصف آذار/مارس.

الحكومة مصممة على تدمير كل نقطة تجمع مادية للمتظاهرين، وكان أول تلك الأماكن هو ميدان اللؤلؤة، البناء الأنيق الذي يحمل ذكرى صيادي اللؤلؤ في الخليج، والذي تم تدميره بالجرافات مباشرة بعد تطهير الميدان من المتظاهرين، وكمؤشر على البارانويا الحكومية  اتجهت هذه الحكومة لسحب العملة المعدنية من فئة النصف دينار و التي تحمل المجسم الأيقوني لميدان اللؤلؤة.


وفي ظل انتقادات قليلة من الولايات المتحدة، القلقة للغاية لانتهاكات حقوق الانسان في ليبيا، تمارس الأسرة الخليفية سحق المعارضة بلا رحمة على كافة الصعد، فقد تم ضرب واعتقال المرضات والأطباء في نظام الرعاية الصحية الذي يديره بشكل واسع أفراد من الشيعة بسبب معالجتهم للمحتجين، كما جرى اعتقال الطلاب والمعلمين، وفصل ما يقرب من 1000 موظف من مهنهم وحرمانهم من معاشاتهم التقاعدية، إضافة إلى إغلاق صحيفة المعارضة الوحيدة، وسحب البعثات من الطلاب البحرينين الدارسين في الخارج من الذين شاركوا في تظاهرات احتجاجية.

كانت حركة 14 فبراير/ شباط الاحتجاجية في أصلها حركة معتدلة، تضم ناشطين من السنة والشيعة، وقد اتخدت طريقها لتكون غير ذات صبغة طائفية، وكانت شعاراتها تنادي بتنحي رئيس الوزارء  البحريني القوي، والذي يحتل هذا المنصب منذ أربعين سنة، وإجراء انتخابات نزيهة.

كانت تطالب بالمساواة في الحقوق، بما في ذلك وضع حد للتمييز ضد الشيعة والذي يحول دون مشاركة الغالبية من السكان في الجيش والشرطة وقوات الأمن المكونة من 60000 جندي، فالوظائف العسكرية ذهبت بدلاً من ذلك إلى مجندين سنة من باكستان والأردن وسوريا وغيرها من الدول السنية التي يمنحون معها الجنسية البحرينية على الفور.

في بعض الأحيان يبدو التحيز ضد الشيعة صريحاً وواضحاً، فقد نشرت إحدى الصحف الموالية للحكومة رسالة تقارن فيها المتظاهرين بالنمل الأبيض، وكيف أن هذا النمل يمتاز بالذكاء والتكاثر بسرعة مخيفة، و تورد الرسالة : "هي شبيهة جداً بجماعة 14 فبراير/ شباط التي سعت لتدمير وطننا الجميل والغالي"، ويوصي الكاتب بإبادة النمل الأبيض حتى لا يعود.

الغرض من التعذيب الممنهج وسوء المعاملة التي يتعرض لها المعتقلون في المقام الأول هو خلق شعور بالخوف بين السكان المدنيين. ليس المتظاهرون أو الناشطون فقط هم المستهدفون، فقد عرضت قناة الجزيرة الفضائية ومقرها قطر، وهي القناة التي لعبت دوراً مماثلاً في نشر الاحتجاجات وحالات القمع في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا، وكانت في البداية تبدي تحفظاً شديداً تجاه في نشر تقارير عن الأحداث في البحرين، عرضت القناة لإغارة الشرطة البحرينية على مدارس البنات، وكشفت عن أعمال الاعتقال والضرب لتلميذات المدارس، والتهديد باغتصابهن.

الطالبة هبة (16 عاما) وثلاثة من زميلاتها في المدرسة جرى احتجازهن لمدة ثلاثة أيام، تعرضن خلالها للضرب، تقول هبة: "ضربني رجل الأمن على رأسي وبدأت أنزف " وتشير إلى أنها تم ضرب رأسها بالحائط، وعلى رغم من تعرضها للضرب المبرح، تقول الطالبة بأنها بالكاد تشعر بالألم ساعتها وذلك بسبب خوفها من التعرض للإغتصاب، وكانت الجمعية السياسية المعارضة "الوفاق" قد أعلنت بأنه تم مداهمة 15 مدرسة من مدارس البنات من قبل الشرطة، وأن فتيات لم تتجاوز أعمارهن 12 ربيعاً تعرضن للتهديد بالإغتصاب.

وبعيداً عن هذا الترهيب ثمة دوافع إضافية لمزيد من الضرب والتعذيب، وهي بالتحديد: استخراج الأدلة التي -بعكس كل ما هو ظاهر -  تفيد بأن المعارضة تخطط لتمرد مسلح، وأنها متأثرة بقوى خارجية، ولا سيما إيران.

كان الهدف كما في حالة عبدالهادي خواجة هو انتزاع اعتراف بمحاولته اسقاط النظام بالقوة بالتعاون مع منظمة إرهابية تعمل لصالح بلد أجنبي.

يدرك الخليفيون أن الورقة الأقوى في محاولة تشويه سمعة المعارضة هو الادعاء بارتباطها بإيران، وكانت مراسلات السفارة الأمريكية التي سربتها ويكيليس أظهرت أن البحرين كانت باستمرار تقدم هذه الادعاءات للسفارة خلال السنوات الماضية لكنها لم تقدم أي أدلة على الإطلاق، وهذه الدعاية السياسية المتعلقة بالمؤامرة الإيرانية لا تمتاز بالنضج، لكنها تلعب بشكل ناجح في دول الخليج السنية  التي ترى بأن إيران وراء أي مطالبة شيعية بالمساواة في الحقوق ووضع حد للتمييز، وهي كذلك قادرة على إيجاد مستمعين لها في واشنطن، مدركين أن أسطولها الخامس يتواجد في البحرين، وأنهم يخافون من أي شيء يمكن أن يقوي إيران.

من المحتمل أن يربح النظام الملكي البحريني - الذي أعلن الحرب بشكل فاعل ضد الغالبية من الشعب - على المدى القصير لأن معارضته ليست مسلحة، غير أن الكلفة بالنسبة للبحرين، التي كانت تعد يوما ماً أكثر ليبرالية من جيرانها، أنها ستتحول إلى نسخة خليجية من بلفاست أو بيروت عندما اهتزت بالأحقاد الطائفية.


الأحد 15 مايو 2011
Independent.co.uk


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus