» تقارير
استهداف القيادات والناشطين: المهزلة القضائية في أسوأ محطاتها التاريخية
2013-03-30 - 3:09 م
مرآة البحرين (خاص): منذ عقود طويلة، والنظام البحريني مستمر في مسخ صورة القضاء البحريني، وتحويله من ملاذ المحرومين والمضطهدين والمتضررين، إلى أداة من أدوات قمع النظام وتنكيله وانتقامه وبطشه. بعد 14 فبراير لم يعد النظام مكترثاً حتى بادعاء العدالة تحسيناً لوجهه وصورته أمام الرأي العام العالمي، التعامل الهستيري من قبل السلطة مع المحتجين تزامن مع هستيريا الأحكام القضائية التي صدرت في حق المحتجين وتطابق معها تماماً، ما يكشف أن الأحكام الصادرة بمجملها سياسية بحتة.
التطابق السافر أثار استنكار العالم بشكل مخزٍ ومخجل، ما اضطر النظام وجهازه القضائي (المُمتثل له لا للعدالة) بتخفيف الأحكام التي أصدرتها المحكمة العسكرية إبان قانون الطوارئ فيما بعد، لكنها بقت مرتهنة لإرادة النظام في البطش والتنكيل، بدلاً من الارتهان إلى صوت الضمير والعقل والعدالة، ولا تزال الأحكام تنزل مكتوبة للقضاة، الذين يقتصر دورهم على تلاوتها. لم يكن ما سبق جديداً، لكن الجديد الآن هو استخدام السلطة ورقة القضاء، لضرب الناشطين (الذين لا تملك ذريعة علنية لاعتقالهم)، برفع دعاوي قضائية ضدهم، واستلال الأحكام الجائرة ضدهم. كيف؟ هذا ما يستعرضه التقرير التالي.
حسيبة: المهزلة القضائية
لم يكن تعديا أن تصف منظمة العفو الدولية محاكمة قادة الثورة (قضية الرموز) بـ "المهزلة القضائية"، فقد قالت (حسيبة حاج صحراوي) نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه "يتعين على السلطات البحرينية أن تضع حداً لهذه المهزلة القضائية، وأن تلغي جميع الأحكام الصادرة بحق ناشطي المعارضة الثلاثة عشر"
فيما وصفت ذات المحاكمة بـ "الصورة الزائفة للعدالة"، وفي بيان آخر طالبت السلطات "بإصدار أمر بإجراء تحقيق فوري ومستقل في بعض ادعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب، وإعلان نتائج هذه التحقيقات، وتقديم كل من تثبت مسؤوليته عن الانتهاكات إلى العدالة"، معتبرة أن "هذه المحاكمة بمثابة اختبار للسلطات البحرينية لإظهار الالتزام بالإصلاح، الذي وعدوا به بجلبة كبيرة بعد أن تم إطلاق تقرير اللجنة المستقلة للتحقيق في البحرين".
لكن السلطات البحرينية سقطت في اختبار تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق إذ لم تنفذ إلا 3 توصيات فقط حسبما أعلن مشروع الديمقراطية للشرق الأوسط "بوميد".
السلطات لا زالت تتمسك بسلوكها القضائي الزائف ضد النشطاء والمعارضين البحرينيين كأحد أدوات الترهيب التي أرادت منها بناء حاجز الخوف وكذلك الانتقام من المعارضين. ولعل ذلك يفسر استمرار الأحكام القاسية بحق النشطاء والمتظاهرين التي وصلت لـ 15 سنة ضد متظاهرين بحرينيين، وما بدأه النظام من حرب دعاوى قضائية ضد جمعية الوفاق الوطني، أكبر فصيل معارض في البحرين، حيث عمد النظام إلى استخدام ورقة الإجراءات القضائية والقانونية بشكل لافت خلال شهر مارس ضد شخصيات بارزة في الجمعية التي تقود القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في الحوار.
القضاء يحاكم الديهي
المتحدثة الرسمية باسم الحكومة رئيس هيئة شؤون الإعلام سميرة رجب، أقامت دعوى قضائية ضد نائب أمين عام الجمعية الشيخ حسين الديهي، متهمة إياه "بتجاوز حق النقد المباح والمساس بشخصها"، الوزيرة رجب أن (الديهي) تعرض لاعتبارها في كلمة ألقاها أمام تجمع لأنصاره في المقشع 9 فبراير.
النيابة العامة استدعت (الديهي) 12 مارس للتحقيق في ما نسب إليه، فيما اعتبرت الجمعية "الشكوى كيدية وتستهدف الرأي الآخر والعمل السياسي في البحرين، وتمسّ جوهر الجهاز القضائي وحياديته وكل توابعه". ردت النيابة العامة على الجمعية "إن رأت الجمعية أن هناك استهدافا، فهو بالفعل كذلك، ولكنه استهداف الجريمة بكل عناصرها واستهداف للجاني طالما قام الدليل على ارتكابه جريمته فلا عصمة لمجرم أمام القانون أياً ما كانت صفته".
ويتجاهل مقاضاة الوزيرين
وفي الوقت ذاته، لم تباشر النيابة العامة "استهداف" المسؤولين الحكوميين عن جرائم مثل القتل خارج القانون والتعذيب وهدم المساجد وغيرها من الانتهاكات التي أوردها تقرير لجنة تقصي الحقائق. وقد تقدم النائبان أسامة التميمي وخالد عبدالعال 15 يناير الماضي بشكوى ضد وزيري العدل خالد بن علي الخليفة والداخلية راشد بن عبدالله الخليفة والنائب العام علي فضل البوعينين كونهم مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي جرت خلال السنتين الماضيتين.
وحذر النائبان في بيان لاحق من المماطلة في مباشرة الدعوة، وأضافا "أن تأخير الإجراءات بمكتب النائب العام علي البوعينين مدة تزيد على العشرين يوماً لا يمكن تصنيفه إلا ضمن محاولات المماطلة وتعطيل إنفاذ القانون وهو ما يتعارض صراحة مع ادعاءات الدولة بأنها دولة المؤسسات والقانون".
وبعد مرور أكثر من شهرين لا تزال النيابة تحتجز أوراق الدعوى التي تقدم بها النائبان التميمي وعبدالعال في دلالة على تبعية النيابة العامة إلى السلطات التنفيذية، أضف إلى ذلك أن جمعية الوفاق تقدمت أيضا بشكوى جنائية لدى النيابة العامة ضد وزير الدولة لشئون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب، بعد أيام من رفعها دعوى ضد الديهي، إلا أن النيابة لم تحرك الدعوى إلى الآن. وقالت الوفاق في بيان لاحق "إن النيابة العامة التزمت الصمت حيال الشكوى الجنائية المقدمة من الجمعية ضد رجب لاستغلالها منصبها في الإساءة والتلفيق ضد الوفاق والمعارضة، بينما يكمل البلاغ أسبوعه في أروقة النيابة العامة".
الكعبي وميلاد
بعد نحو أسبوعين من شكوى رجب ضد (الديهي) قام وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني جمعة الكعبي 25 مارس برفع دعوى مستعجلة ضد رئيس مجلس بلدي العاصمة عضو فريق القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بطاولة الحوار مجيد ميلاد على إثر تصريحاته السياسية المسيئة لقناة فضائية، تناولت الإساءة للوطن والتي تجاوزت الثوابت الوطنية واحترام الوطن ورموزه –حسب زعم الوزير- وقرر الكعبي إيقاف "جميع أنواع التعامل مع رئيس بلدي العاصمة ميلاد لحين بت القضاء في الموضوع.
كتلة الوفاق البلدية اعتبرت شكوى الوزير "استهدافاً للحوار ومحاولة لضربه". وقالت في بيان "ليس من عادة المعارضة الإساءة لأي كان في خطاباتها، وأدبياتها منشورة في كل مكان إنما تنتقد الأداء وتصحح المسار من دون المساس بالأشخاص"، وكان ميلاد قد انتقد في مداخلة على قناة العالم الإيرانية أداء ولي العهد، مشيرا إلى أن جهة -لم يسمها- تسيطر على الأوضاع في البلد ولا تريد الحل لأنها تعلم أنها ستخسر امتيازاتها. وقد يكون ميلاد يعني بذلك وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد الخليفة وفريق عمله.
الناشط محمد الزياني احتج على تصريح لرئيس مجلس بلدي الوسطى عبدالرزاق حطاب طالب فيه مجيد ميلاد بعدم الخلط بين العمل البلدي والسياسي، وسأل الزياني حطاب في حسابه على تويتر ALZAYANImohd@ : بأي قانون سمحت لتجمع الوحدة باستخدام ممشى مدينة عيسى، في إشارة إلى مهرجان أقامه التجمع في الممشى المذكور في 15 ديسمبر الماضي.
والعدل تنذر سلمان
لم تكن تلك هي الإجراءات الأخيرة ضد الوفاق، بل كشفت وزارة العدل 26 مارس أنها قامت بإنذار أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان بسبب "استغلاله الواضح طوال الفترة الأخيرة لدور العبادة"، واتهمت سلمان بـ "استخدام عبارات متنوعة لإثارة الكراهية والطائفية وزيادة حالة الاحتقان السياسي والتحريض على رجال الأمن ووصفهم بالمرتزقة والمستوردة وغير الوطنية" –حسب ما أوردته صحيفة الأيام البحرينية-.
وتصمت عن "نغول" السعيدي
اتهمت وزارة العدل الشيخ علي سلمان بـ "إثارة الكراهية والطائفية" ولم تحدد طبيعة الكلمات التي استخدمها سلمان، لكنها لم تحرك ساكنا عندما وصف النائب السلفي جاسم السعيدي أبناء الطائفة الشيعية في البحرين بـ "النغول"، وقد أظهر تسجيل للسعيدي في خطبة الجمعة في 3 فبراير 2012 يتلفظ بألفاظ بذيئة بحق أبناء الطائفة الشيعية حين قال إنهم " أبناء يهود أبناء متعة يعني نغول".
وبعد مرور عام كامل ما زال السعيدي يخطب الجمعة ويستغل المنابر الدينية في شتم مكون أساسي من مكونات شعب البحرين، فيما تنشغل وزارة العدل بمزيد من الإجراءات القانونية والقضائية الزائفة ضد النشطاء والمعارضين، وفي الوقت نفسه الذي حذرت فيه وزارة العدل الشيخ سلمان من استغلال المنابر، دعت جمعية الوفاق إلى الالتزام بالقانون "الذي نص على عدم استخدام دور العبادة لممارسة النشاط السياسي، على إثر عقد المؤتمر العام للجمعية في قاعة الغدير التابعة لمأتم سار"، وتناست وزارة العدل التجمعات التي دعا إليها تجمع الوحدة الوطنية في جامع الفاتح بالجفير التي قام التلفزيون الرسمي ووكالة أنباء البحرين الرسمية بتغطيتها إعلاميا بالكامل.
اقرأ أيضا
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة