عام من الاستهتار بتقرير بسيوني: حقائق معلقة ووعود لا تتحقق

2012-11-23 - 11:52 ص


"ورجل مُسْتَهْتَرٌ: لا يبالي ما قيل فيه ولا ما قيل له ولا ما شُتِمَ به"

مرآة البحرين (خاص): هذا هو التلخيص البليغ للنظام الذي يحكمنا باستهتار، لا يبالي بما قاله تقرير بسيوني فيه، ولا يبالي بما يقوله له حلفاؤه الدوليون من نصائح ومخارج وتقرير بسيوني واحد منها، ولا يبالي بشتائم خصومه الذين قطعوا معه كل إمكانية من إمكانية إصلاحه، ولا شتائم مواطنيه الذين أذاقهم من ويلات  استهتاره، ولا شتائم حتى مواليه الذين يعرفون حجم فساده وتخبطه ولا يبالي بما يقوله معارضوه.

لقد استخدمت منظمة العفو الدولية  مفردة الاستهتار استخداماً دقيقا لوصف سلوك السلطة البحرينية "أصبح الاستهتار بمعطياته (معطيات تقرير بسيوني) أمراً روتينياً بالنسبة للسلطات"ما الذي جعل الاستهتار بمعطيات تقرير بسيوني أمراً روتينياً؟ الجواب من غير مرواغة بسيوني نفسه.

كان بسيوني يحمل دواء لمعالجة شرعية هذا النظام (المستهتر) لذلك كان الجهد الجبار الذي كاد يهلك بسيوني هو كيف يمكنه أن يسجل حقائق ما حدث ويغيب الإرادة السياسية التي كانت هي السبب في كل ما حدث. تمكن بسيوني في تقصيه للحقيقة من إقصاء صفة (الممنهج)عن الإرادة السياسية العليا، فبقيت لدينا حوادث حقائقها معلقة  في المجهول، لم يعلق أي حقيقة منها في رقبة أحد من رؤوس النظام، فبقيت ترقص على جراح الناس. هذا هو سرّ استهتار المشير مثلاً وضابط الداخلية .

كيف يمكننا أن ننتج "إرادة سياسية حقيقية في اتخاذ القرارات الصعبة"من غير محاسبة؟ الديمقراطية والعدالة الانتقالية والحكم الرشيد، كلها بنت المحاسبة. تقرير بسيوني على الرغم من أهميته وحسن استخدام المعارضة له، كان يمكن أن يكون مشروع محاسبة، نعبر من خلاله إلى مرحلة جديدة، لكن لم يحدث ذلك. أنتج  توصيات جيدة (الوصايا العشر1715-1725) لكن التوصيات الجيدة لا يتطوع أحد للالتزام بها من دون سيف المحاسبة، وتقرير تقصي الحقائق لم يحاسب أحداً ولم يقل لنا نحاسب من، كان أقرب بالنسبة للنظام إلى مشروع إفلات من العقاب. وهذا ما جعل السلطة تنقض تعهداتها وتمعن في ممارسة تجاوزات أكثر، وتوفر حماية لكل طاقمها الذي شارك في حفلة الزار في الإعلام والسجون ووزارات الدولة، لم تضح حتى  بأصغر موظف عندها.

الإرادة السياسية تتحقق بتسمية الأشخاص الذين منهجوا كل ما حدث، وإلا فإن الاستهتار سيكون أمراً روتينياً، والخروج من روتين يحتاج للحظة ثورية غالباً. لحظة ثورية يقوم بها الناس أو لحظة ثورية يقوم بها النظام في شكل "إصدار اعتذار رسمي على أعلى مستوى في الدولة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان" وهذا لم يعد مطروحاً.

تقول منظمة العفو الدولية "إن إرث تقرير لجنة التحقيق المستقلة يتلاشى بسرعة" لن يتبقى شيء من إرث هذه اللجنة، فأجهزة النظام استهترت بكل شيء قاله بسيوني في وجه الملك ذات يوم، وأمعنت في هذا الاستهتار في استغنائها عن تقرير بسيوني الخاص بتطبيق توصياته، قالت إنه سيصدره في مارس ولم يأت مارس بعد، كأنها قالت له باي باي بسيوني.

سيبقى هذا النظام يستهتر بمطالب المنظمات الدولية ب: الإفراج عن سجناء الرأي فوراً، تحقيقيات جدية وفعالة ومستقلة  وشفافة  في مزاعم التعذيب. احترم حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، والتحذير من الاستخدام المفرط للقوة، وضمان المحاكمات العادلة، والمساءلة على انتهاكات حقوق الإنسان، وجبر الضرر لضحيا انتهاكات حقوق الإنسان.

لقد فلت النظام من تقرير بسيوني، لكنه لن يفلت من تقرير مصير الشعب.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus