حسين آخر يودع السجن للمقابر
ابتسام الصايغ - 2024-12-07 - 11:44 م
"سأستلم زوجي مجددًا ولكن؛ جثة محمولًا على الأكتاف، لأقبره تحت التراب، لا ليبقى معنا بعد سنوات العجاف و البُعد!!"
لحظات قاسية ومرة جدًا، فبعد 9 سنوات من الفراق، التقى معتقل الرأي المحكوم بالمؤبد الأستاذ حسين أمان بزوجته وأبناءه بعد خروجه يوم الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 من سجنه ضمن نظام "السجون المفتوحة" ، وكأنَّه خارجًا ليراهم لسويعات، ويودعهم وداع مسافر لا عودة له مجددًا، ساعات فارقهم عائدًا لسجنه المفتوح، وإذا باتصال غريب تلقته زوجته من إدارة السجن، اعتلت فرحتها ظنًا منها بأنَّ هذا الاتصال لاستلامه مجددًا، ولكن هذه المرة ستستلمه جثة محمولًا على الأكتاف، راحلًا للقبر لا لبيته
خبر مفجع جدًا وصادم، فهذا الشهيد تمَّ اعتقاله أمام أنظار طلابه ، علمهم درسًا بهذا الاعتقال؛ بأنَّ الحقوق التي تعلموها مجرد حبر على ورق، ونهاية ممارستها والمطالبة بها السجن!
أمان كان صوت المعتقلين المدافع عن حقوقهم منذُ لحظة اعتقاله لحين مفارقته للحياة، والموثق لكافة الانتهاكات التي يتعرضون لها، هو شهيد وشاهد على معاناة المعتقلين، فكان ينقل حتى التفاصيل الأخيرة للظروف اللا إنسانية التي أدت إلى استشهاد ضحايا الإهمال الطبي المتعمد من قِبل إدارة السجن، ما كان يعلم بأنَّه سيكون أحد ضحايا هذا الإهمال، وكان يوثق تفاصيل فقده لحياته داخل السجن بعد معاناة التعذيب الوحشي الذي ناله وزملاؤه لحظة الاعتقال، واتهامهم بما عٌرف بـ"خلية ذو الفقار"، وإجبارهم تحت وطأة التعذيب على التوقيع على التهم الخارجة عن القانون للحظة وفاته.
أمان لم يكن يعاني من أمراض قبل اعتقاله وتعرض للمشاكل الصحية بعد الاعتقال في المعدة، ولكن لم يكن يشتكي ، كان همه أن ينقل معاناة أصحابه في السجن.
ظروف سقوطه -سقوط الموت- هذا مُريب، حيثُ كان الاتصال باهت وبارد، ولا مبالاة لدى المتصل بزوجته لاخبارها بخبر وفاته!
لماذا لم يتم إنقاذ حياته؟
تعرض لما تعرض له ضحية الإهمال حسين الرمرام الذي سقط في السجن، ولم يتم إنقاذه وإنعاشه؛ بل تركوه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وها هو الخطأ والجرم الجسيم يتكرر مع حسين أمان؛ فمن المسؤول عن هذا الإهمال الذي تسبب بفقد أمان؟
نطالب بفتح تحقيق عادل في ملابسات استشهاده، ونكرر توفير كل سبل الإنقاذ السريعة للحالات الطارئة، ونحمل وزارة الداخلية المتمثلة في إدارة سجن جو مسؤولية وفاته ، وتركه يموت بسبب تأخير الإسعاف دون تحريك ساكن، حتى خمدت أنفاسه، وتوقف نبضه، وفاضت روحه، ليتضح أن الضباط المناوبين الذين يفترض أن يكونوا متدربين على الإسعاف الأولية فشلوا في إنقاذه ، وكان دورهم متفرجين على موته !!