‏عقدية الشيخ علي سلمان…العبث الرسمي في مكونات الدولة البحرانية

عباس المرشد - 2024-12-03 - 2:41 م

‏[ففي زيارته الأخيرة إلى لندن قيل له إما القبول بشروط النظام والمشاركة في الانتخابات أو الاعتقال والأحكام المؤبدة وإغلاق جمعية الوفاق]

 

‏الباحث عباس المرشد؛ لندن

‏بعد أيام قليلة يكمل الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق عشريته الأولى في السجن ويكمل العقد الأول من حكم المؤبد الذي أصدره الملك حمد في نوفمبر 2018. 

 

‏تفاصيل كثيرة تحيط ذاك الحكم الظالم والقائم على رغبة الانتقام وإتمام الإحتكار الفعال للسلطة.

 

‏إحدى تلك التفاصيل التورط الأمريكي والبريطاني في إبعاد الشيخ علي سلمان من واجهة المشهد السياسي ومن ثم اطباق الخناق على مكونات العملية السياسية برمتها؛ ففي زيارته الأخيرة قبيل انتخابات 2014 إلى لندن قيل له إما القبول بشروط النظام والمشاركة في الانتخابات أو فإن الاعتقال والأحكام المؤبدة وإغلاق جمعية الوفاق؛ عندها ارتفعت حدة النقاش بين سماحة الشيخ والمسؤولين البريطانيين. 

 

‏وقرر الشيخ علي سلمان أن يتحدى كل من بريطانيا و قصر الصافرية؛ وأطلق شعار تصفير صناديق الاقتراع في انتخابات 2014 والدعوة إلى مقاطعتها. حينها يتذكر الجميع تدخل السفير البريطاني مباشرة وإطلاقه أوصافا مشينة بحق قوى المعارضة المقاطعة للإنتخابات. 

 

‏فشلت السلطة في الإنتخابات وفاز شعار تصفير صناديق الاقتراع فجن جنون البريطانيين وسكان قصر الصافرية.

 

‏ففي المحصلة بات واضحا أن هناك سلطة سياسية متسلطة لكنها تفتقد للشرعية الشعبية بل أكثر من ذلك صار من الواضح أن كلمة الشيخ علي سلمان يمكن أن تنافس كلمة الملك وكأن هناك حاكم شيعي قوي يقود الناس وحاكم وراثي منعزل مكروه من غالبية المجتمع.

 

‏سريعا تم اعتقال الشيخ علي سلمان في ديسمبر 2014 اي بعد إعلان نتائج الانتخابات التي تم العبث في نتائجها بشكل واضح وأعلن وزير العدل السابق كلمته المشهورة من أن موازين القوة قد تغيرت وأن الدولة أصبحت هي الطرف الأقوى وأن على المعارضة أن تتهيء لإعلان الهزيمة.

 

‏والترجمة الفعلية لهذه المقولة كانت ابتدأت في الرياض ولقاء حمد بن عيسى لترامب واعطاءه الضوء الأخضر لسحق المعارضة وقمعها دون أي محاسبة.

 

‏من جهة أخرى لم يكن نظام الحكم يملك أية أوراق يدين بها الشيخ علي سلمان؛ وظهر للجميع أن تقديمه للمحكمة هو صورة لما يطلق عليه بالمحاكم السياسية ونتيجة لذلك حكم عليه بالسجن. 

‏لنتوقف هنا عن سرد ما هو مفهوم للجميع بما في ذلك خليفات استبدال الحكم بالحكم المؤبد تحت ذريعة أوهن من بيت العنكبوت وهي التخابر مع قطر.

 

‏خلال العشرية الماضية وجدت السلطة نفسها مطلقة اليد قوية الى حد الجنون والغطرسة حيث أعاد الملك كافة القوانين الأمنية التي سبقت اتفاق ميثاق العمل الوطني في فبراير 2000.

 

‏خلال العقد الذي قضاه الشيخ علي سلمان في السجن تحولت البحرين إلى مزرعة شديدة الخصوصية لأفراد بيت الحكم وتم تقسيم ثرواتها على بضعة أفراد يشكلون الحلقة الضيقة للملك حمد.

 

‏في الشكل السياسي أصدر الملك قوانين العزل السياسي الشديدة في القمع ومنع كل مؤيدي المعارضة من المشاركة السياسية والمشاركة المدينة، وأطلق يد الأمن الوطني يعبثون في كل زاوية وشارع بلا محاسبة. 

 

‏تحولت البحرين خلال هذا العقد إلى راقصة إقليمية تجني سعرها من خلال الرقص على ضفاف الأزمات السياسية وتطق الطبول لتراقص أردافها كما تريد كلا من السعودية والإمارات. 

 

‏نتيجة لذلك ارتفع الدين العام من عدة ملايين إلى أكثر من 25 مليار دينار دون أن يعرف أحد اين ذهبت تلك الأموال. رغم أن دول الخليج أعطت حكومة البحرين أكثر من عشرة مليارات لدعم برنامجها الاقتصادي الذي مني بالفشل والتعثر بعد أن أفرغ أنجال الملك خزائن الدولة صرفا على هواياتهم وتنمية استثماراتهم الخاصة بعيدا عن المحاسبة والرقابة.

 

‏المجلس الوطني بغرفتيه قلصت صلاحياته وسحبت كل الصلاحيات الرقابية والتشريعية التي كان الشيخ علي سلمان يناضل ويكافح من أجل تعزيزها وتعزيز دولة القانون والشراكة السياسية.

 

‏قد تبدو هذه المقطوعة الوصفية قريبة إلى مرثية الدولة واعلان موتها، وهي بالفعل كذلك فقد دفعت سياسة قصر الصافرية إلى تعجيل موت الدولة والعبث في مكوناتها السياسية والاجتماعية؛ ولم نعد نرى اي مؤشر سياسي أو اجتماعي سوى احتفالات أبناء الملك.

 

‏البحرين بحاجة الآن الى بريق أمل وبحاجة إلى مبادرة إنقاذ وطني تعيد البلاد عقدين من الزمن كي تستطيع التقاط انفاس النهوض السياسي والاقتصادي.

 

‏وهذا يبدأ عمليا بالاعتراف وجعله سياسة دولة تعترف في سياقه السلطة بجرائرها وخطأها في اعتقال قادة المعارضة وعلى رأسهم الشيخ علي سلمان وتعترف أيضا بفشلها في إدارة البلاد المنفردة كما تعترف بكارثية الخيارات التي قدمتها للرأي العام على أنها فرص نجاة لكنها قادتنا جمعيا إلى مذبح موت الدولة وبدلا من البحث عن بعث سياسي كان يشدنا في 2001 اصبحنا أمام عبث سياسي مدمر في 2024.