عن عدالة البحرين الزائفة في بيوت الله
مرآة البحرين - 2024-12-02 - 4:06 م
"البحرين شريكٌ دوليّ فاعل في ترسيخ العدالة والمساواة ومواجهة التحديات الإنسانية". الكلام لنائب رئيس مجلس الوزراء خالد بن عبد الله آل خليفة أثناء استقباله رئيسة المفوضية العالمية المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر تيريزا ماي بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. من يستمع الى ما صرّح به المسؤول البحريني يظنّ أنه يعيش في المدينة الفاضلة حيث كلّ صاحب حقّ ينعم بحقّه، وبعيدٌ كلّ البعد عن التمييز والاضطهاد.
أيّامٌ ثقيلة تمرّ بها فئة كبيرة من البحرينيين منذ أكثر من 7 أسابيع. فئةٌ مُلتصقة بالجوامع وتلتزم الحسينيات والمجالس الأهلية ولها تاريخ فيها وذكريات. صورُ "زمان" تُبيّن هذا التعلّق بموعد إسلامي أسبوعي يبني وعي الأجيال دينيًا ووطنيًا. الماضي والحاضر يُبرزان هذه العلاقة المتينة بين المجتمع الإسلامي المحافظ وبين المسجد وأئمّته. كَبُرَ البحارنة على هذا الترابط فأين تقع المشكلة اليوم؟
دولة آل خليفة لا تُعير اهتمامًا لهذه الحقيقة الشعبية. تبحث عن طرقٍ وآليات لإخماد هذه الظاهرة المتأصّلة منذ عقود طويلة. تُصرّ على نسف كلّ العادات الدينية التي نشأ عليها النظام كي تشعر بنشوة التحكّم بالمواطنين، لكنّ الأزمة الراهنة باتت عميقة، ومسافة انسلاخ بيت الحُكم عن الشعب أصبحت شاسعة وكبيرة جدًا. الدولة في وادٍ والشعب في وادٍ آخر تمامًا، ولاسيّما أولئك الذين يشكون أعباءهم الاقتصادية الضخمة قبل السياسية.
بالعودة الى مِحنة المُصلّين الذين يرتادون جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز وحصار منبر الجُمعة فيه وإفراغه من أيّ محتوى هادف على المستوى الوطني والعربي، تُكمل الدولة فصول انفصالها عن الواقع. عن قصدٍ تلجأ الى مُخاطبة الرأي العام الغربي ومسؤوليه الحقوقيين بما ليس موجودًا على أراضيها.
هل يصدّق نفسه نائب رئيس مجلس الوزراء عندما يتحدّث عن عدالةٍ في البحرين؟ هل يعي ما يقول جديًا؟ هل يسمع نفسه فعليًا؟ واذا كان يُدرك ويؤمن بما يصرّح أمام الضيفة البريطانية، فليشرحْ على الأقلّ لمُرتادي مسجد الدراز أين العدالة في حرمانهم من شعيرة مُقدّسة؟ وأين العدالة في التحكّم بصلاة ومنبرها؟ هل المساواة تكمن عندما يُحظر إمام جامع من اعتلاء منبره للحديث في شؤون البلد وهمومه، وتُمنح في الوقت نفسه شخصياتٌ أخرى مساحةً للتعبير عن رأيها المُطبّل للتطبيع مع عدو الأمة؟ هل من العدالة أن يُعتقل إمامٌ وخطيبٌ وشيخٌ جليٌل من أجل تضامنه مع فلسطين ولبنان؟ هل التحديات الإنسانية أن تُلاحق الأصوات المناصرة لغزة التي لم ولن تقبل المشاركة في جريمة تشريع البحرين أمام الصهاينة وأعوانهم؟
تأثير منبر الجمعة ومسجد الدراز وكلّ مجلس معطوف على حركته الوطنية والقومية والعربية يؤرق بيت الحكم في البحرين. الحرب مستعرة بوجه علمائه، والمصّلون أضحوا محرومين من ممارسة طقوسهم الدينية التي تتغنّى الدولة بزعم أنها تُسهّلها لكافة أطياف الشعب، فمتى تستعيد رُشدها وتكفّ عن ضلالتها؟