القمة العربية: التلاعب بالديموغرافيا مرفوضٌ في سوريا مسكوتٌ عنه في البحرين
2024-05-18 - 5:59 م
مرآة البحرين (خاص): لم تستوقف القمة العربية التي عُقدت في البحرين الخميس الماضي أحدا، لا مواطن عربي ولا مسؤولين غربيين ولا شرقيين، فهي قمة كسابقاتها: خُطبٌ وبياناتٌ لا طائل منها، لكن القضية السورية لا زالت تفضح الازدواجية في التعاطي العربي مع قضاياه.
حتى وإن تراجعت الدول العربية عن دعمها للمعارضة السورية المسلحة وقوات الدولة الإسلامية (داعش)، لكن الموقف من تعقيدات المشهد في سوريا لا زالت تكشف الازدواجية التي تعمل بها الأنظمة العربية وخصوصا دول الخليج.
رفض البيان الختامي للقمة «أية محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية في سوريا»، وهي على وجه التحديد مخاوف تراود الدول الخليجية، وتتردد عبر أذرعها الإعلامية كقناة الجزيرة والعربية.
وتتهم الدول الخليجية الحكومة السورية بمحاولة تغيير التركيبة الديموغرافية في مناطق محيطة بالعاصمة السورية دمشق وحمص، عبر إحلال سكان من الطائفة العلوية وتوفير فرص عمل لهم في مؤسسات عسكرية أو حكومية.
وفي الحقيقة، لا تختص هذه المخاوف بالحكومة السورية فقط، فمثل هذه الاتهامات يتم توجيهها للأكراد في الشمال وكذلك للحكومة التركية، وهي مخاوف حقيقية، لكن لماذا لا يعبر الخليجيون عن مخاوفهم من التغيير الديموغرافي في البحرين؟
تعمل الحكومة في البحرين ومنذ أكثر من 20 عاما على إضافة كتلة سكانية كبيرة من دول مثل باكستان، بنغلاديش، بادية سوريا، الأردن واليمن، وذلك من أجل تغيير التركيبة الديموغرافية وإحداث توازن طائفي.
ولم يعد يخفى على أحد في البحرين حجم الكتلة الكبير الذي تم إضافته عبر التوطين وتوفير الوظائف لعشرات الآلاف مع عوائلهم، ويمكن أن تلمس ذلك في الجامعات والمدارس والعاملين في المؤسسات الأمنية والعسكرية.
ولا يقتصر التذمر من خطورة العبث في التركيبة السكانية على المُستهدفين من الطائفة الشيعية التي تمثل غالبية السكان، بل حتى الطائفة السنية بدأت التذمر من العبء الذي باتت تشكله الكتلة الجديدة على الخدمات الحكومية والبعثات والتوظيف.
امتد التذمر حتى لدول الخليج فقد اشتكت السعودية من أن الكثير من حاملي الجنسية البحرينية ينافسون أصحاب الأعمال في السوق السعودي.
وجاءت تلك الشكاوى من أعلى مستويات القيادة السعودية في يناير من العام 2018 عندما زار وزير الداخلية السعودي عبدالعزيز بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود البحرين وقال إن «حاملي جنسية بحرينية يستغلون التسهيلات التي تقدم لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي في السوق السعودي».
وبحسب تقييم الوزير السعودي فإن ذلك «أدى لإلحاق الضرر بمصالح المواطنين السعوديين».
إذا كان الضرر قد لحق بالمواطنين السعوديين وهم على أراضيهم، فيمكن معرفة إلى أي مدى أضر توطين عشرات الآلاف في البحرين بحياة البحرينيين، سوق العمل وجودة الخدمات الحكومية.
ويبدو أن هناك أكبر إجماع في البحرين على رفض خطط التوطين التي قامت بها الحكومة مع تولي حمد بن عيسى آل خليفة، لكن لا أحد يستمع لشكاوى المواطنين البحرينيين ما دامت أضرارها في الحدود الجغرافية للجزيرة ولا تتعداها للدول المجاورة، هذا إذا لم تكن أهدافها تحظى بتأييد الأشقاء الخليجيين أصلا.