جلبة وفوضى داخل «السلمانية»... 4 شرطيين يمنعون والدة صنقور من عناق ابنها (2-2)
2024-05-10 - 9:15 م
مرآة البحرين (خاص): الثلاثاء 17 أكتوبر 2023 في إحدى أروقة مستشفى السلمانية الطبي جمعت الصدفة والدة المعتقل السياسي علي صنقور بابنها، كان الشرطة يجرونه مقيدا بالحديد بينما كانت تجلس على مقاعد الانتظار.
يروي صنقور الحادثة من داخل زنزانته في سجن جو «في أحد مواعيدي لمستشفى السلمانية، وأنا أمشي مقيّدا وحولي أربعة رجال شرطة، تفاجأت أن والدتي تجلس أمامي في المستشفى. كنت أعرف أنها لن تتحمل رؤيتي».
يضيف «بالفعل وقعت عينها في عيني، فنهضت مذهولة. أتت راكضة مسرعة لاحتضاني، لكن الشرطة الأربعة وقفوا في وجهها حائلين بينها وبيني، ظلت تصرخ غير مبالية قائلة أريد احتضان ابني، أريد تقبيل ابني».
لم تسمح الشرطة لوالدة علي بأن تلمسه أو أن يسمحوا له بتقبيل يد والدته. دفعوه إلى أقرب باب، كانت تلك غرفة إحدى الطبيبات التي ذُهلت هي الأخرى.
في الممر حدثت جلبة وفوضى كبيرة، حيث كان عدد كبير من الناس والأطباء والممرضات يملؤون الممر ليروا ماذا يجري. اتصل أحد أفراد الشرطة بضابط متابعة الحركة الذي كان عند بوابة المستشفى. وصل ذلك الضابط خلال ثلاث أو أربع دقائق تقريبا.
يقول صنقور «تحدثت لذلك الضابط، وقال لي انتظر قليلا، وبالفعل ذهب لأمي في الخارج وتحدث معها، وأدخلها للغرفة، كي لا تحدث ضجة ورأي عام في الخارج».
يصف صنقور المشهد «أقبلت على أمي إقبال الواله العطشان. أحتضنت أمي لأول مرة منذ 2017 قبل أن تحظر إدارة السجن اللقاء المباشر، كان احتضانا مليئا بالمشاعر والدموع، بكى كل من حولنا من الممرضات والأطباء».
ويتابع «سألت أمي لماذا أتيت هنا، قالت إن لديها موعد طبي، استفسرت منها عن والدي، فقالت لي: أبوك تعبان، مريض جدا وهو يرقد في المستشفى، وهنا طلبت أمي من الضابط: دعه يرى أباه المريض، فربما لا يراه مرة ثانية».
يقول علي إن أباه كان متأثّرا لعدم الإفراج عنه عبر قانون العقوبات البديلة. «لقد كان مريضا ومنكسر القلب لما جرى على ابنه البكر. كان متأثرا بسبب سجني».
تعب والده وهي يرى الأحكام بالسجن لسنوات طويلة تتوالى على ابنه. قضت محكمة بسجن صنقور 15 عاما، وأخرى قضت بسجنه 15 عاما مثلها، بينما قضت محكمة أخيرة بسجنه 3 سنوات. يرى صنقور أن هذا كله أثّر على صحته.
يقول صنقور والغُبن يملؤ صوته «للأسف لم يوافق الضابط على لقائي به».
كان بين صنقور ورؤية أبيه الذي يحتضر صعود المصعد فقط في مجمع السلمانية إلا أن الشرطة لم يسمحوا له بأن يلقي السلام والوداع في آن على أبيه الذي قتله داء الفراق.
عاد صنقور للسجن وكان ذلك يوم الثلاثاء 17 أكتوبر 2023 دون أن يرى أباه، بدأ فورا بكتابة الرسائل لإدارة السجن، يطلب فيها السماح له بلقاء أبيه قبل رحيله من هذا العالم. لم يوافقوا للأسف على طلبه.
بعد 3 أيام فقط فارق والده الحياة. يقول صنقور الحزين «لقد توفيّ واستحال اللقاء في الأرض، وصار أمنيةً في السماء».
يضيف صنقور «أخبرتني إدارة السجن بوفاة أبي، وقالوا لي سنعطيك اتصالا تجريه لعائلتك، اتصلت بالعائلة وتحدثت معهم وهم في المقبرة».
كتب رسالة مستعجلة للضابط المسؤول، يطلب فيها السماح بالخروج المؤقت لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان والده ووداعه الوداع الأخير.
يضيف «وعدني بالمحاولة، وقلت له إن هذا حقي. عائلتي من طرفها تحركت حثيثا لأجل ذلك، ولكن لم يوافقوا للأسف، بعدها قالوا لي سنعطيك زيارة خاصة بعد انتهاء مجلس العزاء، إلا أنهم لم يفوا بوعدهم ولم أحصل على زيارة خاصة».
يقول صنقور غاضبا «والدي توفّي وأنا أكبر أبنائه، من حقّي أن أقوم بكل الواجبات التي يقوم بها الابن الأكبر عند وفاة والده، من المفترض أن أشرف على تجهيزه وتكفينه ودفنه، أنا أعتبر الوليّ وأقرب الأشخاص. لم يعطوني زيارة خاصة، ولم أحصل إلا على الزيارة المعتادة بعد شهر من وفاة والدي، ولم يسمحوا بتمديد وقت الزيارة إلا خمس دقائق فقط بعد مطالبات أمي بذلك».
عشرات من السجناء توفى أحد أبويهم أو أقاربهم، ولم يحصلوا على فرصة إلقاء نظرة أخيرة على أحبابهم، وهو إجراء يخالف القانون التي تعمل بها إدارة السجون.
يؤكد صنقور «بعد وفاة والدي بأسبوعين، توفي والد السيد علي والسيد محمد العبار، رفقاء السجن في مبنى 7، هما شابان صغيران، صدفة كان مدير السجن هشام الزياني مارا بالقرب منهما، فتحدثا معه وطالباه بالخروج لإلقاء النظرة الأخيرة، وكان جوابه كالتالي: هذه ميزة نعطيها للسجين الذي يستحق ذلك، ولا نعطيها للسجين الذي لا يستحق ذلك».
هكذا كان جوابه وهو مخالف للائحة السجن وقوانينه، لأن هذا الأمر حق للسجين وليس ميزة. هكذا تتصرف إدارة السجن، «تتعامل مع حقوقنا الطبيعية على أنها مميزات تعطى لأشخاص ولا تُعطى لآخرين».
وعن حقوق المعتقلين، قام وفد من المؤسسة الوطنية (يضم الدكتور مال الله جعفر الحمّادي، والنائب السابق خالد الشاعر) بزيارة السجن، جلس صنقور معهما وسألهما: تتحدثان عن حقوقنا في الحصول على الزيارة، فهل تعتبرها هذه حقوق لنا أم ميزة؟ فقال لي: هذه حقوق. فأجبته إذن إدارة السجن خالفت اللائحة والقانون حينما حرمتني من الاتصال ومن الزيارة فقال لي: سوف نعمل تقرير بذلك وسوف نطلب منهم السماح لكم بالخروج للزيارة والاتصالات، لكن لم يحدث شيء مما وعدوني به.