نضال من أجل استعادة السمع... «صنقور»: عاملني الأطباء معاملة افتقدتها 11 عاما (1-2)
2024-05-08 - 9:43 م
مرآة البحرين (خاص): من داخل السجن يروي المعتقل السياسي علي صنقور كيف فقد سمعه، وكيف كان لقاؤه بوالدته بالصدفة في أحد أروقة مستشفى السلمانية وماذا فعلت، ومرارة رحيل والده دون وداع.
ليست المرة الأولى التي يكون فيها الناشط صنقور في ضيافة الجلادين، فقد تم اعتقاله تسعينيات القرن الماضي. تعرض للتعذيب آنذاك وتعرض له مجددا بعد اعتقاله مرة أخرى 21 يناير 2013، وما بين هذا وذاك فقد سمعه بنسبة 90%.
«منذ بداية اعتقالي في 21 يناير 2013، كنت أطالب إدارة السجن في الحوض الجاف و هنا في سجن جو، أطالبهم بالعلاج بخصوص سمعي، فقد أصبح ضعيفا جدا بسبب ما تعرضت له في سجن التسعينيات لمدة أربع سنوات حين كان عمري 17 سنة، وبسبب الضرب الشديد فوق رأسي في سجني الحالي. أخبرت منظمة الصليب الأحمر، ولم يتم الاستجابة لي أبدا».
يضيف صنقور «بعد أحدث 5 مارس 2015 الشهيرة في سجن جو، تضرر سمعي تقريبا بشكل كلي. في أكتوبر 2018 فقدت السمع كليا من الأذن اليسرى، واليمنى كنت أسمع منها بمقدار 10٪ فقط».
لقد تسبب ذلك في حرمانه من الاتصال بعائلته، إذ لم يكن بإمكانه الاستماع للاتصالات الهاتفية مهما كان الصوت مرتفعا، ولم يكن بالتأكيد بإمكانه لقائهم بشكل شخصي، بسبب القيود على الزيارة.
لم تستجب سلطات السجن كعادتها لمناشدات المعتقل صنقور، حيث تمارس السلطات سياسة عقاب ممنهجة بحرمان المعتقلين السياسيين من حقهم في العلاج.
يؤكد صنقور «حاولت وطالبت بلا فائدة، حتى وصلنا لإضراب (لنا حق) في أغسطس 2023، قمت بتسجيل رسالة صوتية شرحت فيها معاناتي وأعلنت أنني سأدخل في إضراب، وأرسلتها لخارج السجن».
ويتابع «انتشرت هذه الرسالة، وشكلت رأيا عاما. استجابت إدارة السجن، وأخذوني للمستشفى لأجل العلاج، وهناك تم تحديد موعد لإجراء عملية زراعة قوقعة في الأذن، وبالفعل أجريت العملية بتاريخ 31 أغسطس 2023».
«بقيت قرابة الأسبوع في المستشفى ولم يكن أهلي يستطيعون الوصول لي ومحادثتي، طالبت بلقاء أهلي لطمأنتهم لأن العملية حساسة، لم يوافقوا».
استغرقت العملية مدة ست ساعات، تم فتح أذني وزراعة القوقعة، إضافة لوضع مغناطيس وسمّاعة فوق الجلد. كنت بحاجة شديدة لرؤية أهلي، فالعائد من مشقة تقرّ عينه برؤية أحبته، لكنهم رفضوا حتى أن يطلوا علي من بعيد.
وعما إذا كان هناك تجربة جديدة تعلمها أثناء رحلة العلاج التي ناضل من أجلها لسنوات يقول صنقور «عاملني الأطباء والطبيبات (مستشفى السلمانية) معاملة إنسانية راقية، معاملة ممتازة افتقدتها طوال 11 عاما وأنا في السجن، لقد أهتم الأطباء بعلاجي كثيرا وبالمواعيد الخاصة بي».
لا زال صنقور يعيش حلاوة تلك اللحظات الاستثنائية «كنت لا أطلب شيئا مثل تغيير البرمجة الخاصة بالسمّاعة، أو إجراء اختبارات للسمع، إلا والأطباء كانوا يلبّونه لي (...) لديهم خطة لإجراء عملية في أذني اليمنى أيضا».
للأسف لم تستمر تلك اللحظات إلا لأسبوع واحد فقط. لقد قررت السلطات نقل صنقور للسجن مجددا.
يقول صنقور بمرارة «للأسف، أرجعوني إلى السجن بعد أسبوع واحد فقط، على الرغم من أن جرح العملية لم يلتئم حتى. كان ينبغي أن أمكث في المستشفى لمدة أسبوعين على الأقل».
ويضيف «بعد عودتي للسجن لم أستطع الوقوف لأني فاقد التوازن، ولا أستطيع المشي باتزان كذلك. كان كل شيء يدور حولي بسبب العلمية، وكنت لا أستطيع الصلاة من وقوف(...) لقد استمر الأمر لفترة لأن العملية حسّاسة جدا».
بعد عودته للسجن بأقل من شهر، في سبتمبر أخذوه للمستشفى، يقول صنقور «وتم تركيب السماعة وبدأت أسمع الأصوات من جديد لكن على طريقة صوت الروبوت الآلي، كل الأصوات إلكترونية بالنسبة لي في البداية.
وعما إذا كان لا زال يستمع للأصوات بشكل غريب يقول صنقور وهو يضحك «بعد أسبوعين، ومع تغيير برمجة الصوت لمدة شهرين، تغيرت الأصوات وأصبحت أسمع كل الأصوات كأنها أصوات دبلجة الرسوم المتحركة، وكنت أضحك على زملائي في السجن حينما يتحدثون».
لكن صنقور الآن بدأ يسمع بنسبة 70% أو أكثر قليلا، ويبقى السؤال لماذا يحتاج أن يقاتل المعتقل للحصول على حقه في السمع؟! المزيد من التفاصيل في الحلقة الثانية من اللقاء مع صنقور.