عن حال المملكة والملك: خَلاَ لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي
2024-02-21 - 7:15 ص
مرآة البحرين (خاص): طوال العشرين عامًا الأولى من حكمه، لم يكن الملك هو القوة الوحيدة المتواجدة على الساحة. كانت هناك حاجة للتنافس الطويل حول النفوذ في مؤسسات الدولة وأجهزتها مع نفوذ عمه رئيس الوزراء الراحل خليفة بن سلمان الذي كان يمتلك جناحا داخل الحكم وفي مؤسسات الدولة نظرا لفترة رئاسته الطويلة جدا للحكومة.
احتاج الملك لتعظيم صلاحياته في دستور 2002، ثم لاستخدام أداة المراسيم الملكية طويلا على مدى سنوات حتى يستطيع تقليص نفوذ الجناح المنافس، وكذلك اضطر للتنافس داخل البرلمان، فكان للملك نوابه وجناحه داخل البرلمان، وكذلك لعمه، وما قضية "نائب تائب" التي شغلت البحرين طويلا وتسببت باعتقالات لبعض أفراد وزارة الداخلية، وتورط فيها عدد من النواب، إلا دليلا آخر.
كان الملك يحتاج للتوازن واللعب مع عمه وكذلك مع المعارضة من خلال نصوص القوانين والاستفادة من صلاحياته الدستورية.
اليوم وبعد أربع سنين من رحيل عمه خليفة بن سلمان وتبخّر جناحه الذي تم تفكيكه بالكامل، وكذلك مع ضرب المعارضة عبر حلّ الجمعيات، والقمع والسجن والتشريد وإسقاط الجنسيات والاستهداف الدائم وكذلك عزلها عن الحياة السياسية، لم يعد للملك حاجة لمراعاة طرف آخر داخل البلاد أو مشاركته في شيء.
الآن هو فقط وأبناؤه الذين وزّع المسؤوليات الأساسية بينهم، وأبعد من لم يرتح له الأولاد، مثل وزير المتابعة في الديوان الملكي أحمد عطية الله آل خليفة الذي استخدمه في مهمّات قذرة شملت تدمير الحياة السياسية وشقّ النسيج الاجتماعي في البلاد.
حاليا، هناك ما يشبه "أحادية القطب" في الحكم، الملك وأولاده فقط، يمكنهم فعل ما يشاؤون فلا أجنحة منافسة ولا معارضة يمكنها العمل في البحرين، لذا أصبحت القرارات تتخذ من خلال اجتماعات يعقدها الملك مع ابنائه فقط، ويكون حضور البقية مثل وزير الديوان خالد بن أحمد وأخيه قائد الجيش أو غيرهما، حضورا شكليا ليس له تأثير فعلي.
توجهات الحكومة وسياستها الداخلية والخارجية، والدين العام، وسياسات الطاقة والبترول والغاز، والأجهزة الأمنية، والتطبيع مع العدو الصهيوني، والعلاقات مع دول الإقليم، والاستثمارات التي تدخلها البلاد أو تخرج منها، كل هذه الملفات وغيرها صارت بيد الملك وبعض من أبنائه فقط.
لقد اختصر الملك الحياة السياسية بالكامل في شخصه وذريته، وخلا له الجو، كما قال طرفة ابن العبد "خَلاَ لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي".
صارت البلاد تترقب قراراتهم. يمكنهم فعل أي شيء في البلاد، تماما كما يفعل صاحب المزرعة في مزرعته، فلا قوانين تحده داخلها. ولهؤلاء فقط ولأحفادهم، سوف يتم رسم مستقبل البلاد في رؤية 2050.