الشيخ علي الكربابادي: سياسات البحرين الخاطئة إلى أين؟
2023-12-28 - 1:14 ص
إذا كانت السلطات البحرينية قد نجحت في زمن ما في خداع بعض البسطاء وخلق اصطفافات طائفية لدى بعض العالم المسلم تجاه قضية البحرين، اصطفافات كان عنوانها أن الشيعة في البحرين قاموا بثورة ضد السنة وضد نظام الحكم السني. وإذا كانت علاقاتها الخليجية والإقليمية والعربية أكثر استقرارا في فترة ما، فإنها بفضل غضبها وعدم قدرتها على التواضع لاستخلاص فهم سياسي قادر على أن يكون خلاقا أخذت تخسر طواعية كل تلك المبررات لأي اصطفاف ظالم، وكل امتداد بل استقرار خليجي وإقليمي وعربي، كل ذلك جراء سياساتها الخاطئة التي لا تعود على حكم الأسرة في البحرين بعائدة ولا فائدة.
خسرت السلطة البحرينية -أو كادت- في زمن قياسي حوالي عقد واحد اصطفافاتها الثلاثية الأبعاد قاطبة:
البعد الأول: خسرت علاقاتها العربية والإسلامية على مستوى السياسة والعلاقات الدولية، فهي لم تتوان عن تقديم فروض الطاعة لذلك الوهم الذي يهيمن عليها، وهم أن المزيد من الارتماء والقبول بأن تكون فأر مختبرات سيوفر لها غطاء سياسيا وأمنيا يحميها من شعبها ومن إقليمها، في حين أن هذا الخطر غير موجود، ولو وجد لكان شيء من الفهم السياسي البدائي كفيلًا بتجنيب الأسرة والبلاد والعباد كل ذلك الخطر.
لذلك من الغريب أن تسعى دولة بإمكانات البحرين بمحاولة الإطاحة -على مستوى واسع- بالأنظمة المتعددة وتغييرها أو رسم سياساتها الداخلية؛ بدءا من التدخل في سوريا والعراق وإيران ولبنان وقطر وفلسطين واليمن ومصر وروسيا-أوكرانيا وربما في الانتخابات البريطانية والأمريكية.. وإن تعجب فعجب قولهم! عاد الأصيل في هذه الصراعات ليسترجع العلاقات بسلاسة وبقي الوكيل على التل، فلا كان في العير ولا بقي مع النفير.
البعد الثاني: خسرت السلطة في البحرين تلك الاصطفافات الطائفية القائمة على أساس وهمي خلقته أنظمة 2011، بعد السقوط المدوي لخطاب الطائفية ومبرراته ومستنداته الدينية، تبين للقاصي والداني أن ذلك الخطاب كان خطابا تجاريا لا علاقة له بالدين ولا بصاحب الدين. القاسم الطائفي سقط، وتبين للقيادات العربية والإسلامية المصطفة مع الأسرة الحاكمة على هذا الأساس أنهم لا يمثلون أي أهمية في قاموس الأسرة الحاكمة في البحرين، كما تبين أن الشعب المطالب آنذاك كان أكثر مصداقية وأكثر مقدرة على التمرد على حس النزاعات الأهلية.
البعد الثالث: البحرين حاليا في مرحلة استثارة العقل الموالي سياسيا وحثّ الوعي لديه. الساحة الموالية المتفانية في التصدي للأخطار الوهمية كانت تدرك عبر هذه السنوات حجم المعاناة والآلام الداخلية التي بقيت تذوقها يوما بعد آخر. إلا أنها وجدت نفسها مضطرة إلى التعبير عن آرائها فيما يرتبط بهويتها الدينية، الإحراج الشديد الذي تعاني منه قيادات الموالاة، يجعلها ترفع اليد باستحياء عن هذا الدعم المطلق لسياسات النظام. ليس من المترقب قريبا أن تعود إلى حالة شبيهة بوعي الحق في المشاركة الذي كان لدى بعض قياداتها فترة التسعينات. لكن السلطة على أي حال تمعن في إحراج هذه المساحة، وهي مقامرة على أي حال!
د. الشيخ علي الكربابادي