لماذا كانت البحرين الدولة العربية الوحيدة التي انضمت علنًا إلى القوة المناهضة للحوثيين في البحر الأحمر؟

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلق فوق سفينة الشحن جالاكسي ليدر
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلق فوق سفينة الشحن جالاكسي ليدر

ريحان أودين - موقع ميدل إيست آي - 2023-12-27 - 2:25 م

ترجمة مرآة البحرين 

أطلقت الولايات المتحدة قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن يوم الإثنين الماضي. وسرعان ما لاحظ المراقبون أنها أنها تضم فقط دولة واحدة فقط من الشرق الأوسط، وهي البحرين.

وتحدث الإعلان الرسمي عن مشاركة عشر دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا والبحرين. ومن المقرر أن تتبادل هذه الدول المعلومات الاستخبارية البحرية في المنطقة في ما بينها كما ستُجري قواتها البحرية دوريات مشتركة.

وستشرف قوة المهام المشتركة 153، وهي مبادرة تقودها الولايات المتحدة، وتم تشكيلها في أبريل/نيسان الماضي لضمان الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. 

وكان الحوثيون في اليمن قد نفذوا عددًا من الهجمات في الأسابيع الأخيرة، واستهدفوا سفنًا قالوا إنها على علاقة بإسرائيل. 

وقال الحوثيون إنّهم سيواصلون استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل "إلى أن يتوقف العدوان الإسرائيلي على إخواننا الصامدين في قطاع غزة". وقد استولوا الشهر الماضي على سفينة الشحن جالاكسي ليدر، التي ترسو حاليًا في مدينة الحديدة على ساحل اليمن. ولجأ عدد من سفن الشحن العملاقة، بما في ذلك إفر غرين وبي بي، إلى تغيير المسار في البحر الأحمر خوفًا من هجمات الحوثيين. 

من جانبه، صرّح مسؤول أمريكي لوكالة أسوشيتد برس أنّ الدول الأخرى وافقت على أن تُشَكّل جزءًا من قوة المهام التي تقودها الولايات المتحدة، لكنه فضّل عدم ذكر اسمه. وقد أثار غياب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص، حالة من الاستغراب.

ومن المحتمل، في ما يخص الرياض، أن تكون جهود التقارب مع الحوثيين وحليفتهم الوثيقة إيران، قد لعبت دورًا في هذه المسألة. 

وقال توماس جونو، وهو أستاذ مشارك في جامعة أوتاوا، لموقع "ميدل إيست آي إن "السعودية انخرطت منذ أشهر في عملية سياسية صعبة مع الحوثيين، بهدف التفاوض على شروط هزيمتها في اليمن وانسحابها من الحرب".

وفي مارس/آذار 2015، تدخل تحالفٌ تقوده السعودية، ويضم الإمارات العربية المتحدة، نيابة عن الحكومة اليمنية لصد الحوثيين بعد أن سيطروا على العاصمة صنعاء. وبعد مرور ثماني سنوات، يجتمع الجانبان المتحاربان الآن علنًا لمناقشة السلام.

ورأى جونو أن التصعيد في البحر الأحمر، مع مساهمة المملكة العربية السعودية بنشاط في التحالف المناهض للحوثيين، يمكن أن يعرض البلاد للمزيد من هجمات الحوثيين.

وقال جونو إنّ هذا "سيكون هذا ضارًا جدًا لولي العهد [السعودي] الأمير محمد بن سلمان، الذي يبذل جهدًا كبيرًا لتحريك السياسة الخارجية لبلاده بعيدًا عن الموقف الأكثر حدّة في السنوات السابقة".

وللإمارات العربية المتحدة، التي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في السنوات الأخيرة، مخاوف مماثلة.

وقال أندرياس كريج، وهو أستاذ مساعد في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينجز كوليدج في لندن، لموقع ميدل إيست آي إنّه "رأينا في الماضي أن الحوثيين يملكون القدرة على ضرب الإمارات العربية المتحدة مباشرة" لافتًا إلى أنّ "هذا مصدر قلق أمني كبير في أبو ظبي في الوقت الحالي". 

وترى إليونورا أرديماني، وهي زميلة الأبحاث الأولى في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أن الدول العربية والخليجية ستتبع نهج "الانتظار والترقب"، كما تلفت إلى أن القوة الجديدة تخضع لإدارة قوة المهام المشتركة 153، التي يشارك فيها أغلب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. 

وتُعَدّ البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة - وحتى اليمن (وفقًا لحكومتها المعترف بها دوليًا) - من بين 39 دولة عضوًا في القوات البحرية المشتركة.

نقل لموقع ميدل إيست آي عن أرديماني قولها: "بما أنه لا أحد يرغب بأن يكون في مرمى هجمات الحوثيين أو الجماعات الأخرى المدعومة من إيران، فمن المرجح أنهم يختارون الابتعاد عن الأنظار، وقد يقدمون فقط الدعم الاستخباراتي للعملية".

"البحرين هي الدولة الخليجية الأكثر معاداة لإيران"

بالنسبة للبحرين، فإن تنسيقها البحري الوثيق مع الولايات المتحدة ساهم على الأرجح في رغبتها في المشاركة علنًا.

ولفتت أرديماني إلى أن البحرين تستضيف مقر الأسطول الخامس الأمريكي في الخليج والبحر الأحمر وبحر العرب. وأضافت أنّ المنامة تتعاون مع البحرية الأمريكية في ما يخص الذكاء الاصطناعي والأنظمة غير المأهولة التي تم إطلاقها حديثًا، ووقّع البلدان اتفاقية بشأن الأمن والدفاع في وقت سابق من هذا العام.

وقد يكون تورط البحرين المحدود في الحرب الأهلية في اليمن، مقارنة بجيرانها السعوديين والإماراتيين، شكّل عاملًا [لمشاركتها في القوة] أيضًا.

وقال جونو إن ""إن مساهمتها [البحرين] في قوة المهام البحرية الجديدة ستكون على الأرجح ثانوية، نظرًا لصغر حجمها" مضيفًا أنّ "مشاركتها في قوة العمل تعرضها لانتقام أقل بكثير من قبل الحوثيين".

وقال معهد البحرين للحقوق والديمقراطية يوم الأربعاء الماضي إن إبراهيم شريف، الناشط البارز في المعارضة البحرينية، اعتُقل بعد انتقاده مشاركة البحرين في فريق العمل في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي على موقع إكس.

وبخلاف الرياض، لم تحظَ البحرين بعد بعلاقات دبلوماسية مع إيران. وكانت كل من المنامة والرياض قطعتا علاقاتهما مع طهران في العام 2016، لكن السعودية أعادت هذه العلاقات رسميًا في مارس/آذار.

وقال كريج إن "البحرين... هي أكثر دولة معادية لإيران في مجلس التعاون الخليجي" لافتًا إلى أنهم ""طرحوا دائمًا أنفسهم بشدة في وجه المصالح الإيرانية".

وفي أعقاب تقارب طهران مع المملكة العربية السعودية، طرحت إيران فكرة التحالف البحري مع دول الخليج. وتظل خطوة مماثلة مستبعدة بشكل كبير، خاصة منذ تصعيد الحوثيين في مياه المنطقة.

وقال جونو: إنه "لا شك أن إيران ستطرح الفكرة بين الحين والآخر، لكنها ليست خطة جادة بأي مقياس موضوعي"، وأضاف أن "المملكة العربية السعودية وإيران، على الرغم من التخفيف المتواضع للغاية للتوترات في الأشهر الأخيرة، لا تزالان خصمين لدودين".

الولايات المتحدة تفقد شرعيتها بسبب دعمها لإسرائيل

وبصرف النظر عن المخاوف بشأن تعطيل التقارب مع حكام اليمن الفعليين في صنعاء، فإن دول المنطقة ستكون أيضًا حذرة من الظهور بمظهر معارض لفعل [يعبر عن] التضامن مع فلسطين. 

وقال كريج إنهم "لا يريدون أن يظهروا كداعمين للمجهود الحربي الإسرائيلي باختيار مواجهة الحوثيين"، مضيفًا أن "الرأي العام في الخليج أصبح معاديًا بشدة لإسرائيل والدعم الذي تقدمه الدول الغربية لها - وخاصة الولايات المتحدة".

وأكد كريغ أن عدم مشاركة الدول العربية بشكل علني يشكل مصدر قلق بالنسبة لواشنطن، وهو يتعلق بالشرعية أكثر من كونه متعلقًا بالفعالية العملياتية لفريق العمل.

وأضاف أن "دول الخليج ستعيد النظر في كيفية وأوقات اندماجها مع الولايات المتحدة" لافتًا أنه "بسبب ذلك، سيكون هناك الكثير من الانتقاء والاختيار".

ولفت كريغ إلى أن "الولايات المتحدة لا تتمتع بنفس حرية المناورة في الخليج التي كانت تتمتع بها قبل هذه الحرب في غزة".

ولا يشكل هذا الدليل الأول على الاستياء البحري من واشنطن في المنطقة، فقد أعلنت الإمارات في مايو/أيار أنها لم تعد تشارك في العمليات التي تقودها الولايات المتحدة لحماية الشحن في الخليج. ويُعتقد أن ذلك يرجع إلى التقاعس الأمريكي الملحوظ إزاء استيلاء إيران على الناقلات.

وقال جونو إنه لكي تكون قوة المهام الجديدة فعالة، سيتوجب على الولايات المتحدة "اتخاذ إجراءات حركية وضرب قواعد الحوثيين بشكل مباشر".

وأضاف أن  "تنفيذ هذه الخطوة في فترة تشهد توترًا إقليميًا شديدًا للغاية سيؤدي إلى التصعيد الذي ترغب الولايات المتحدة وشركاؤها في الغالب تجنبه".

النص الأصلي