جواد فيروز: مشاركة البحرين في التحالف البحري في البحر الأحمر مخالف للدستور
2023-12-24 - 4:31 م
يتلمس الجميع وجود معارضة شعبية عارمة في البحرين من كافة المكونات الاجتماعية والتيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لقرار الحكومة المشاركة في التحالف البحري في البحر الأحمر لضمان مرور الناقلات والسفن البحرية إلى دولة الإحتلال الإسرائيلي والتصدي لأي هجوم عسكري يعرقل مرور هذه السفن والناقلات، وذلك تأييداً للشعب الفلسطيني واستنكاراً للحرب على غزة ولتجنّب البحرين التداعيات الأمنية المحتملة من هذه المشاركة.
يبرر البعض بأن سبب مشاركة البحرين في التحالف البحري في البحر الأحمر هو وجود قاعدة الأسطول الأمريكي البحري الخامس التابع لسلاح البحرية الأميركي، والذي يتخذ من البحرين قاعدة له، وهو أكثر الأساطيل الأميركية الإستراتيجية أهمية في تأمين إمدادات النفط من الخليج إلى الأسواق العالمية وللإشراف على العمليات الملاحية في منطقة الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي. علماً بأنه بتاريخ 27 أكتوبر 1991، وقعت المنامة وواشنطن اتفاقاً عرف باسم «التعاون الدفاعي»، ومنذ 1993 أصبحت القيادة المركزية للبحرية الأميركية، مقيمة في البحرين، ومنذ يوليو 1995 استضافت البحرين الأسطول الأميركي الخامس. لذا يبرر هؤلاء بأن البحرين ملزمة ضمن اتفاقية وجود هذه القاعدة على أراضيها المشاركة في اي تحالف تشارك فيها الولايات المتحدة الأميركية في نطاق مهام هذا الأسطول الأمريكي.
وإذا نظرنا إلى مشاركة الحكومة في هذا التحالف من الناحية القانونية والدستورية فإنه بلا شك هناك شبه دستورية في هكذا تحالف في إطار عمليات حربية وذلك استناداً إلى المادة (36) من دستور البحرين "أ - الحرب الهجومية محرمة، ويكون إعلان الحرب الدفاعية بمرسوم يعرض فور إعلانها على المجلس الوطني للبت في مصيرها" وكذلك المادة (37) "يبرم الملك المعاهدات بمرسوم، ويبلغها إلى مجلسي الشورى والنواب فوراً مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية. على أن معاهدات الصلح والتحالف، والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة، ومعاهدات التجارة والملاحة والإقامة، والمعاهدات التي تُحمل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الميزانية أو تتضمن تعديلاً لقوانين البحرين، يجب لنفاذها أن تصدر بقانون. ولا يجوز في أي حال من الأحوال أن تتضمن المعاهدة شروطاً سرية تناقض شروطها العلنية".
لذا فحسب المادتين أعلاه فإن كان طابع المشاركة في التحالف هجومي فهو محرّم بنص الدستور وإذا دفاعي فيجب أن يعلن بمرسوم فور إعلانها وهذا لم يحصل!! وهكذا الحال بشأن معاهدات التحالف.
كما أن هناك مخاوف واقعية من المشاركة في هكذا تحالف قد تؤدي الى مخاطر أمنية وسياسية جمّة تمس استقرار وأمن الوطن والمواطن.
هذا ومن الناحية الحقوقية فإن الأولوية يجب أن تكمن في بذل جميع المساعي في وقف الحرب على غزة وإنهاء جميع العمليات العسكرية المرتبطة بذلك والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين والضحايا، والأولى للبحرين المشاركة في هكذا مساعي وليس العكس! بالطبع المشاركة في اي تحالف يسعى إلى القيام بالعمليات العسكرية في أيّ بقعة جغرافية في العالم لترسيخ نفوذ وهيمنة دولة الإحتلال الإسرائيلي سيؤدي بلا شك إلى تقوية آلتها العسكرية في إبادة الشعب الفلسطيني وزيادة وتيرة القتل و الإجرام الممنهج على سكان غزة وهذا أمر مرفوض قطعاً انسانياً وحقوقياً.
* رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، نائب برلماني سابق.