ملاذات صحيفة الوطن الآمنة
تفكيك "دولة آل عطية الله العميقة"
2023-05-01 - 4:00 ص
مرآة البحرين (خاص): تتخذ صحيفة "الوطن" سياسة "انجُ بعمرك" في قضية تورط عائلة آل عطية الله في سرقة 400 مليون دينار من خزينة الدولة. حتى وقت قريب كان الشيخ أحمد بن عطية الله هو من يتولى بشكل فعلي تحريك الكراسي الموسيقية في الصحيفة.
كانت "الوطن" اللسان الناطق باسمه وباسم جناح الخوالد الذي ينتمي له، والذراع الأيديولوجية النفّاثة في تنفيذ مخططهم المشؤوم المتمثل في شيطنة الطائفة الشيعية وإخراجها من الدولة.
"قال الشيخ" و"أمر الشيخ" كانت هذه لغة التخاطب الداخلي السائدة بين محرري الصحيفة حين يودون الإشارة إلى "مأمورية" واردة من قبله. فكلمة "الشيخ" بألف ولام التعريف الشمسية وحدها كانت كافية كي تعني أحمد بن عطية الله من دون الحاجة إلى ذكر اسمه الكامل.
لقد غير "الشيخ" حياة كثيرين في الجيل الأول من المحررين والمحررات الذين شاركوا في تأسيس الصحيفة عبر ترقيتهم داخلها أو نقلهم إلى مواقع حساسة في الدولة كي يصبحوا جواسيس له. وكان يتولى رعاية الجيل الثاني لأخذ أدوار مماثلة في "دولة آل عطية الله العميقة" إلا أن يد الأقدار كانت أسرع إليه.
جاءت فضيحة سرقته 400 مليون دينار على خلاف الشروط المتعارفة في سرقات أبناء وبنات العائلة الحاكمة لتدفعه بعيدا وراء المشهد. الآن وهو في هذه النائبة التي هو فيها مع أخيه الشيخ سلمان بن عطية الله الذي تم عزله مؤخرا بشكل رسمي من رئاسة مستشفى الملك حمد الجامعي في الوقت الذي يُنتظر صدور إعلان مشابه بحق الشيخ أحمد نفسه. الآن في ظل ذلك تتخذ صحيفة "الوطن" سياسة الصمت المطبق.
لا خبر عن "الشيخ" لا همسة لا برقية لا تهنئة لا هاتف لا مرسال لا عطسة من عطساته الكثيرة ولا أي شيء أي شيء. اختفت أخباره و"مونته" الكبيرة على محرريها ومحرراتها مثل فص ملح ذاب في المحيط.
منذ نوفمبر 2022 لغاية اليوم تتبع الصحيفة سياسة "انجُ بعمرك" معتمدة طريقة كوميدية في تنفيذها تشبه تلك التي تحدث عنها سعد الفرج لأخيه حسين في مسلسل "درب الزلق": "خباز كأنه مو إلك". خباز للشيخ أحمد بن عطية الله ولكن كأنه ليس له. هذا هو وضع "الوطن" الآن.
إنها تدس رأسها كالحرباء في الرمال وهي تشاهد أنف "شيخها" يُمرّغ في التراب بعد الفضيحة المليونية بدون آلية عمل أو وسيلة تحرك للدفاع عن مضاربه حتى في وجه من اعتادت تسميتهم "الخونة". كان بإمكانها على سبيل المثال أخذ لقطة له أثناء ظهوره في صلاة عيد الفطر لأول مرة منذ اكتشاف واقعة السرقة ونشرها في الصفحة الأولى للإيحاء بأنّ كل شيء على ما يُرام وأن كل القصص المتداولة عنه فبركات في فبركات إلا أنها حتى هذا الشيء لم تفعله.
لقد كانت صحيفة "الوطن" إحدى أذرع "دولة آل عطية الله العميقة" داخل الدولة إن لم يكن أهمها على الإطلاق. وفي الواقع فهي كانت الورشة الدائمة التي يتم فيها استقبال البيادق وتدريبهم وتأهيلهم وتلقينهم العقيدة "العطية اللهية" قبل نشرهم لاحقا وكخطوة ثانية في مرافق الدولة وأجهزتها وهيئاتها حتى يسمنوا ويصبحوا أحصنة وفيلة.
إن إبعاد الشيخ أحمد بن عطية الله وأخيه وراء المشهد ليس شأناً ذا بال إذا ما تمّ إبقاء أذرعه الفتاكة تسرح وتمرح وتعيث الفساد في الدولة.
إذا كان آل عطية الله قد سرقوا 400 مليون دينار من المالية العامة فإن نسبة ليست هينة من هذا المبلغ لابد أن يكون قد تم غسلها في ملاذات صحيفة "الوطن" الآمنة الشبيهة بجزر التهرب الضريبي. أولئك المحررون والمحررات الذين يتم الإنفاق بإسراف على غسل ضمائرهم وتجهيزهم للمهمّة التالية والذين حتى وقت قريب كانوا يتفاخرون علانيةً بتأسيس جيش إلكتروني لخدمة أهداف الدولة العميقة.
إنّ الدور الذي كانت تقوم به "الوطن" لصالح آل عطية الله لا يقدر بثمن فلا غرابة لو افترضنا بأنّ حصتها كانت وافية من الملايين المسروقة. يجب أن نضع هذه الفرضية على طاولة التحقق وأخذ صمت الصحيفة غير العادي والمشبوه باعثاً للسؤال والتحري. إنّ في الأمر "إنّ".