أجيبوا الناس يا آل عطية الله: أين ذهبت الـ400 مليون دينار؟
2023-04-30 - 6:00 ص
مرآة البحرين (خاص): تكتب خبراً عنه في الجريدة أو تغطية صحفية كلفك بها مسؤولك لواحد من أنشطته العديدة المتغولة في الدولة فيردك اتصال من الشيخ. يكيل لك كلمات الإطراء والمديح ويحسسك بوزنك ودورك الخارق. لكن سرعان ما يتبع ذلك بسلوك مهين يظهر لك مشاعره الحقيقية تجاهك وهي احتقارك ومعاملتك كأجير. جهاز إلكتروني ذكي آخر موديل يصلك إلى مكتبك عبر مرسول منه مع كلمات بسيطة غاية في اللطف "هدية من عند الشيخ".
أنت لن تخاطر بمستقبلك المهنيّ بردّ هديّة الشيخ وهو من هو. ولكن منذ هذه اللحظة فأنت قد وقعت في المحظور.
لا تشجع المؤسسات الصحفية المستقلّة والمرموقة محرريها على قبول الأعطيات والهدايا لأنها تقيّدهم وتجعلهم أسرى بأيدي مُهديهم. عرفياً يمنع على الصحفي قبول الهدايا. ولكنك في البحرين وصاحب الهدية هو الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة الذي كان حتى وقت قريب وزير شؤون المتابعة في الديوان الملكي لكنّه دُفع اليوم إلى ما وراء الستار إذا لم يكن قد تمّ عزله. وهو ما ستؤكده لنا الأيام المقبلة أو لعلّها تنفيه.
بهذه الطريقة المذكورة اشترى أحمد بن عطية الله العديد من الصحفيين والإعلاميين. بأثمان بخسة كآيفون أو آيباد أو سامسونغ أو ماك برو أو بإعادة توظيفهم في الأجهزة الحكومية ونشرهم في منافذها كأذرعة وجواسيس له.
العشرات العشرات من القصص مثل هذه القصّة يعرفها العاملون في قطاعات الصحافة والإعلام والتلفزيون ويتداولون أخبارها فيما بينهم على طول الوقت.
أحد الإعلاميين كان شبه أمّي متسرّب من الدراسة حين بدأ عطية الله عمليّة تأهيله بالآيفونات والسامسونغات. لكنه الآن قاضٍ في الدولة يعطي الفتوى في قضايا الانتخابات وطعونها ولجانها. وقد تمّ ترتيب مؤهل جامعي له بنفس الطريقة التي حصل بها سفير البحرين في روسيا على مؤهلاته وكذلك العديد من المسؤولين في وزارة العدل والنيابة. وجارٍ الآن ترتيب رسالة دكتوراه له في القانون من فرنسا على نفقة الدولة.
إعلامي آخر مغمور كان يزجّي وقت يومه الطويل الفارغ في إعداد الفبركات ورفعها في المجموعات الحوارية باسم "فتاة". وقد أسفرت عملية تأهيله "العطية اللهية" عن جعله مديراً إعلاميا في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.
هكذا فقد قام أحمد عطية الله بنشر فرقة مجوقلة له من الأدوات والجواسيس بمثل هذه الأساليب في جميع أجهزة الدولة وممثلياتها المحلية والخارجية.
إذا كانت هناك دولة عميقة في البحرين تختفي وراء شكل الدولة الحالي الذي نعرفه من وزراء ووكلاء ومسؤولين معلنين نعرفهم بوجوههم فهي "دولة آل عطية الله" العميقة التي نعرف رأس جبل جليدها ممثلاً فيه وأخيه سلمان عطية الله الذي تم عزله مؤخراً من رئاسة مستشفى الملك حمد الجامعي ودفعه وراء الستار مثل أخيه. ولكن لا نعرف إلا القليل عن قاعدة الجبل وأوتاده ورواسيه.
سؤال الأسئلة الآن: أين ذهبت الـ400 مليون دينار التي قاما بسرقتها معاً فأغضبا بذلك الملك وأنجاله ليتخذ قراراً بإبعادهما عن المشهد حتى الآن من دون أن يجرؤ على أخذهما إلى فندق "الريتز كارلتون" في ضاحية السيف وإرغامهما على قبول تسوية بإعادة المبلغ من الأصول التي يمتلكانها كما فعل الملك سلمان وابنه في الجارة السعودية مع السارقين والسارقات من العائلة المالكة.
ما من حاجة إلى الإجابة على هذا السؤال. لقد ذهبت الملايين في الرّشاوى وشراء الضمائر عبر الأساليب التي تمّ شرحها أعلاه وغيرها من أجل مدّ خيوط شبكة "دولة آل عطية الله" العميقة إلى أبعد نقطة ممكنة في الدولة واستخدامها كسلاح كاتم الصوت بيد العقلين المدبّرين وزير الديوان الشيخ خالد بن أحمد وأخيه المشير خليفة بن أحمد.
قد يكون السؤال المناسب هو ما إذا كانت هناك جدّية حقيقية لدى الملك في استعادة الـ400 مليون المسروقة على خلاف الشروط والسقف المسموح به لسرقات أبناء وبنات العائلة الحاكمة أم سيلجأ إلى توفير طوق النجاة لآل عطية الله كما جرى في حالات عزل سابقة. إنّ هذا هو الشيء المرجح حصوله ما لم تكن هناك معجزة خارقة للعادة في العائلة.