النائبة البريطانية كلوديا ويبي: لمَ الصمت بشأن البحرين؟

من حراك 14 فبراير 2011 (أرشيف)
من حراك 14 فبراير 2011 (أرشيف)

كلوديا ويبي - صحيفة مورنينغ ستار - 2023-02-17 - 5:19 م

ترجمة مرآة البحرين

تحدّثتُ الأسبوع الماضي في البرلمان في فعالية بمناسبة الذكرى الثانية عشر لانتفاضة العام 2011 في البحرين، بحضور عدد من أبرز الشخصيات وأكثرها شجاعة في الحراك من أجل حقوق الإنسان، بمن في ذلك مريم الخواجة، والدكتورة آلاء الشهابي، وحسين عبد الله.

اتّسم جزء كبير من تاريخ البحرين بتقاليد تقدمية ومتساوية تعود إلى ألف عام مضت -تاريخ جعل الشعب على خلاف عميق مع الدكتاتورية الّتي أُجبِر على العيش في ظلالها في العقود الأخيرة.

ولقد عبّرت عن احترامي لهؤلاء الضيوف، وأيضًا للصحافيين والأكاديميين وسجناء الرأي والآخرين الّذين ناضلوا من أجل تمديد هذا الإرث على الرغم من التّعذيب والضرب والسجن والقمع.

يتواصل هذا القمع حتى يومنا هذا. لا يزال المعارضون السياسيون، مثل عبد الجليل السنكيس، في السجن، وهناك 26 شخصًا على لائحة الإعدام على خلفية جرائم إرهابية ملفقة، إذ يقول نصفهم تقريبًا إنّهم تعرضوا للتعذيب لانتزاع الاعترافات منهم.

يُمارَس التعذيب ضد الأطفال حتى، على الرغم من توقيع البحرين على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. سُحِبَت جنسية آخرين، وأُعيدَت سلطات الاعتقال إلى الأجهزة الأمنية، كما حُجِبَت حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون وفقًا لأهواء أصحاب السلطات.

وقف الكثيرون في المجتمع الدولي متفرّجين، في حين استفاد آخرون-بمن فيهم بريطانيا- من مبيعات الأسلحة للبحرين، وهي الأسلحة ذاتها الّتي استخدمتها البحرين، وتواصل استخدامها، لقمع الاحتجاجات والمعارضة.

مع تزايد التجمعات لتظاهرات العام 2011، حاول النظام في البحرين ترهيب النشطاء -200000 شخص، أي 40% من الشعب. لم يكن ما طالب به النشطاء متطرفًا بأي حال من الأحوال: الانتقال إلى ملكية دستورية، والمزيد من الحرية السياسية، والمساواة للـ 70% من السكان الشيعة.

مع ذلك، وبهدف إخماد هذه الاحتجاجات السلمية بأكملها، شنّ النظام ما أسمته قناة بي بي سي حتى بالقمع "الوحشي". كان الهجوم على المتظاهرين السلميين عنيفًا للغاية لدرجة أن نواب حزب الشين فين الّذين تحدثوا معي الأسبوع الماضي قارنوه على نحو مبرّر بأحداث الأحد الدامي ومعاملة الحكومة البريطانية للمحتجين من أجل الاستقلال في بلفاست.

ولم يستخدم النظام فقط الشرطة والجيش في البحرين في هذه الهجمات، بل جلب قوات خارجية من السعودية وأماكن أخرى.

لم تتوقف الفظائع عند الاعتقالات والإصابات والوفيات التي لحقت بالمحتجّين السلميين -بمن في ذلك أولئك المشاركين في جنازة أحد الضحايا: إذ قُتِل خمسة أشخاص على الأقل تحت التعذيب كما عانى عدد غير محدد أثناء احتجازهم من قبل السلطات بعد الاحتجاجات. 

لا جدل في ذلك، لكن مؤخرًا، منذ عام مضى، أفادت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (داون)، والّتي أسّسها جمال خاشقجي، أن ثقافة الإفلات من العقاب مستمرة في البحرين. كما يترافق التعصب الديني مع السخرية السياسية. تتعرض المعارضة البحرانية، المُكوّنة بغالبيتها من الشيعة، للتمييز بانتظام في ما وصفته لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ب"بالاضطهاد المُمَنهج".

ويتضمن هذا الاضطهاد عمليات الاعتقال والاحتجاز والتحقيق وتوجيه التهم الجنائية الزائفة بما في ذلك تهم الإرهاب لمجرد التّجمع السلمي- وغالبًا بحجة أنّ المواطنين البحرينيين سيتصرفون كعملاء لإيران فقط لأنهم من الشيعة. ووصف خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هذه المعاملة بـأنها "اتهامات لا أساس لها تُتَخدَم للتستر على الاستهداف المُتَعمّد للشيعة في البلاد". 

والمنفيون البحرينيون ليسوا آمنين، حتى هنا في بريطانيا. فقد قاضى سعيد الشهابي وموسى محمد الحكومة البحرينية في المحاكم البريطانية بسبب دسّها برنامج تجسس على جهازي الحاسوب الخاصين بهما، ما سمح لها بمراقبة مراسلاتهما والوصول إلى ملفاتهما، وحتى تشغيل الكاميرات والميكروفونات عبر الإنترنت للتجسس على اتصالاتهما. 

حاولت الحكومة البحرينية التهرب من هذه الدعوى بادعاء امتلاكها حصانة الدولة -لكن المحكمة رفضت هذا الادعاء الأسبوع الماضي، وسمحت بالمُضي في القضية. 

وفي الوقت الذي تواصل فيه المحاكم عملها في الدفاع عن حقوق البحرينيين في بريطانيا، لا يمكننا قول الأمر نفسه عن حكومتنا.

من الواضح أنّ الحكومة البريطانية قرّرت منح الأولوية لمبيعات الأسلحة -فهي تُدرِج البحرين كزبون أساسي في ما يتعلق بصادرات الأسلحة. ووفقًا للحملة ضد تجارة الأسلحة، سمحت بريطانيا ببيع أسلحة تبلغ قيمتها 105 مليون جنيه إسترليني إلى البحرين منذ بدء الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية في العام 2011، وفي الأعوام الثلاثة الماضية، باعتها أسلحة تبلغ قيمتها على الأقل 82 مليون جنيه إسترليني. 

تُقَدّم بريطانيا أيضًا التمويل والتدريب الأساسي للبحرين - عبر برامج وزارة الخارجية والكومنولث، وتتاجر بالذخائر مع البلاد. 

في الأسبوع الماضي فقط، اتهم معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومنظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة "بالتبييض الخطير" في تقرير صادر عن وزارة الخارجية بشأن البحرين، وقالا إنّه سيشجع منتهكي حقوق الإنسان، في الوقت الذي أظهرت فيه طلبات حرية المعلومات أن حكومة المحافظين تواصل إرسال ملايين الجنيهات إلى الحكومة البحرينية عبر صندوق استراتيجية الخليج. 

في غضون ذلك، يبدو أنّه ليس لدى الولايات المتحدة نية بالسماح لإزعاج الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان بتعكير صفو مبيعات الأسلحة أو منشآتها العسكرية الأساسية في الجزيرة. 

أعتقد أنه يتوجب علينا جميعًا أن نعارض حكومة الإعدام في جميع الحالات، بغض النظر عن المتهم أو الجريمة أو الذنب أو براءتهم أو طريقة تنفيذ الحكم. 

تثير قضايا السجينين السياسيين البحرينيين محمد رمضان وحسين موسى مخاوف إضافية، نظرًا للادعاءات، بما في ذلك تلك الصادرة عن منظمة العفو الدولية، بأنّ اعترافاتهما انتُزعَت بشكل قسري تحت التعذيب، ومع ذلك حُكِم عليهما بالإعدام. 

علينا أن نتضامن مع أولئك الذين يناضلون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين. على الأقل علينا القيام بذلك. علينا أن نعارض الاستبداد حيثما يرفع رأسه. 

علينا أن نرفض القبول بأقل من الاحترام الكامل من طرف الحكومة البريطانية لحقوق الإنسان في البحرين وكل الأماكن الأخرى التي تُنتَهَك فيها في العالم. 

علينا أن نطلب التحرك للدفاع عن هذه الحقوق، مهما بلغت تكاليف ذلك في الجانب التجاري -وعلينا أن نطالب بوقف مبيعات الأسلحة إلى الأنظمة الاستبدادية ورفض أي محاولة لتبييض سجل هذه الأنظمة. 

إنّ التضامن في المطالبة بالتغيير في البحرين وبريطانيا وأينما دعت الحاجة هو السبيل الوحيد الحقيقي لتكريم الكفاح والشجاعة الّتي أظهرها أولئك المناضلون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، في الوقت الّذي نحتفي فيه بذكرى الانتفاضة. 

 

النص الأصلي