أوراق 2022: الموت يغيب السيد حيدر الستري أحد أبرز وجوه انتفاضة التسعينات

السيد حيدر الستري (1952 - 2022)
السيد حيدر الستري (1952 - 2022)

2022-12-31 - 10:32 م

مرآة البحرين (خاص): في 31 أغسطس 2022 توفي السيد حيدر الستري، أحد أبرز وجوه انتفاضة التسعينات، وأحد الشخصيات الدينية والسياسية البارزة في البلاد عن عمر ناهز الـ 70 عاماً.

كانت حياة الستري (1952 - 2022) مليئة بالأحداث التي تستحق التدوين، فقد غادر إلى مدينة قم المقدسة في العام 1981 يرافقه ابن خاله محمد يوسف المزعل (أحد نواب الوفاق في برلمان 2006)، وبعد فترة وجيزة تكاد لا تتجاوز الشهر، قرر الاثنان العودة للبلاد لجلب عائلاتهم.

بعد جلب العائلة، باشر السيد حيدر الستري دراسته الحوزوية وقد تتلمذ على يد الشيخ حميد المبارك (أجزاء من ألفية ابن عقيل، وقطر الندى)، الشيخ جعفر المبارك القطيفي (النحو)، كما درس البلاغة على يد السيد عبدالصاحب الشادكاني والشيخ حبيب الكاظمي، والسطوح على يد الشيخ هادي آل راضي، الشيخ محمد باقر الإيرواني، السيد محمد العذاري البحراني، ودروس اللمعة لدى الشيخ حسن الجواهري والشيخ نور محمدي، وشرح التجريد عند السيد عادل العلوي، بالإضافة إلى البحث الخارج لدى كل من الشيخ حسين المؤيد، السيد محمود الهاشمي الشاهروي، السيد أحمد المددي، والشيخ الوحيد الخراساني.

مع اشتداد الحرب الإيرانية العراقية غادر السيد حيدر الستري بمعية عدد من رفاقه البحرينيين إلى سوريا، حيث استقر في حي السيدة زينب عليها السلام، وواصل دراسته المكاسب لدى السيد محمد النوري، كما شارك في إلقاء المحاضرات والدروس الدينية في حوزة السيد الإمام. وفي حي السيدة زينب كان يحرص البحرينيون من طلاب العلوم الدينية على حضور مجلس العلامة السيد عبدالله الغريفي الذي كانوا يطلقون عليه اسم (المَدْرَس)، حيث كان يتم إحياء مناسبات أهل البيت بمشاركة شخصيات مثل الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله، وهنا برز السيد الستري شاعراً يلقي القصائد في المناسبات الدينية.

عاد السيد حيدر الستري إلى البحرين في العام 1992، بعد سماح السلطات لعدد من المواطنين الممنوعين من دخول البحرين بالعودة، ومنذ عودته مارس نشاطه الديني والدعوي عبر إقامة صلوات الجماعة في جامع الزهراء بمدينة حمد، وجامع الإمام الصادق بالقفول ومساجد أخرى، ومع تصاعد الأحداث، كان الستري أحد أبرز الوجوه الداعية لإعادة الحياة البرلمانية والعمل بدستور 1973، بالإضافة إلى دعمه الصريح للعريضة الشعبية في العام 1994.

قامت السلطات البحرينية باعتقاله، وترحيله في 5 يناير 1995 على متن طائرة متجهة إلى دبي، وهناك اكتشف الستري أن رفيقي دربه الشيخ علي سلمان والشيخ حمزة الديري كانا على متن الطائرة ذاتها. من الإمارات قرر الثلاثة التوجه إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث طلبوا اللجوء السياسي ومارسوا دورهم السياسي عبر بيانات دورية باسم "علماء الدين المبعدين".

عرف عن السيد حيدر الستري مواهب أخرى إلى جانب نشاطه السياسي والديني، وهي الشعر والرسم، حيث قام بتأليف ديوان شعري بعنوان "شموخ الجراح"، وحمل في طيات شعره آلامه وأوجاعه كمهاجر بعيد عن وطنه.

وإضافة إلى موهبة الشعر، امتلك الستري موهبة الرسم، وكانت له رحلة قليلون واكبوها مع الفن التشكيلي، حيث عكست لوحاته التي وضع نماذج لبعضها في ديوانه الشعري الوحيد "شموخ الجراح" أسلوباً يضج بالمشاعر والعواطف والحالات الذهنية.

في العام 2001 عاد الستري إلى الوطن بعد العفو العام وتبييض السجون، وشارك مع رفاقه في تأسيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وكان أحد مرشحي الوفاق في أول انتخابات نيابية شاركت فيها المعارضة عام 2006.

حاز الستري يومها على 6476 صوتاً من أصوات الدائرة بواقع 91.87٪ من إجمالي أصوات جزيرة سترة، في شبه إجماع عكس شعبيته وجماهيريته في الدائرة، وعلى الرغم من كونه أحد أصحاب الآراء المعتدلة والوسطية لكنه كان دائماً مؤمن بما تنتجه العملية الديمقراطية داخل الوفاق من قرارات ظل ملتزماً بها ووفياً لأهدافها.

رحل الستري عن وطنه، مليئاً بشعور الغربة، حاملاً آلام وآمال من دافع عنهم وتحدث باسمهم لعقود بإخلاص وتفاني، لذلك استحق تشييعاً مهيباً لمثواه الأخير في جزيرة سترة التي بقيت وفية له.