أوراق 2022: قطر تصدّر فاتورة النزاع الخليجي والبحرين تدفع الثمن

بعد زيارة محمد بن سلمان للدوحة، استقبل تميم بن حميد رئيس الإمارات محمد بن زايد في 5 ديسمبر 2022 (الصورة) فيما بقيت البحرين خارج الحسابات القطرية
بعد زيارة محمد بن سلمان للدوحة، استقبل تميم بن حميد رئيس الإمارات محمد بن زايد في 5 ديسمبر 2022 (الصورة) فيما بقيت البحرين خارج الحسابات القطرية

2022-12-31 - 10:20 م

مرآة البحرين (خاص): للعام الثاني على التوالي، استمرت قطر في تجاهلها لمطالب الاستجداء البحرينية بتطبيع العلاقات وإنهاء الخلاف السياسي الذي بدأته المنامة قبل أعوام، فعلى الرغم من توقيع اتفاق العلا في يناير 2021 إلا أن أسرة الحكم القطرية قررت أن لا داعي لترميم العلاقات مع الجارة الصغيرة.

وإن كانت نهاية العام 2021 حملت في طياتها نبأ سيئاً لملك البحرين بعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للدوحة، فإن العام 2022 واصل حمل الأنباء السيئة لقصر الصافرية، حيث التقى ولي عهد أبوظبي (حاكم الإمارات الحالي) محمد بن زايد آل نهيان على هامش دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.

الأحداث اللاحقة أثبتت لآل خليفة بما لا يدع مجالاً للشك، أن السعودية والإمارات قررتا المضي قدماً في تطبيع وتنمية العلاقات مع قطر دون اكتراث لمصير البحرين التي ظلت لوحدها تدفع فاتورة الخلاف الخليجي ومقاطعة قطر.

من الجانب القطري فقد قلل وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني من أهمية الخلاف مع البحرين قائلاً في ندوة أقيمت في لندن إن الأمر "ليس بالضخامة التي يتم تصويرها وهو يرجع إلى عدم الاتفاق على آليات حل الخلاف (...) لكن أعتقد أننا في وضع جيد جدا مقارنة بالعام الماضي وعلاقتنا طيبة مع السعودية والإمارات".

لكن الأمور ستأخذ منحى آخر مع اقتراب انعقاد مونديال كأس العالم لكرة القدم في الدوحة، فقد قامت قطر بإلغاء المكتب الذي كان يشرف على بناء "جسر المحبة" وهو الجسر الذي كان من المزمع إنشاؤه بين البلدين وفق اتفاقية وقعت في 2008 وقامت قطر بموجب هذا الاتفاق بدفع 350 مليون دولار للبحرين، لكن المماطلة البحرينية أدت لعدم إقامة المشروع، واليوم بعد إغلاق هذا المكتب باتت البحرين مطالبة بإرجاع هذا المبلغ لقطر.

كما أعلنت قطر على أعتاب انطلاق المونديال إن شركات طيران خليجية ستسير أكثر من 180 رحلة يومية إلى قطر خلال تنظيم البطولة، حيث صرح الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر أن شركة فلاي دبي الإماراتية، والطيران العماني، والخطوط الجوية الكويتية والخطوط السعودية ستسير هذه الرحلات، وأن شركتي الاتحاد والعربية الإماراتيتين قد تنضمان لهذا الاتفاق، في تجاهل واضح للبحرين التي بقيت خارج هذا الاتفاق الخليجي.

هذا التجاهل القطري لم يعجب البحرين، التي حاولت بشتى الطرق حل الخلاف والاستفادة اقتصادياً من كأس العالم، وفي يوليو أثناء زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لجدة للقاء قادة الخليج، استغلت البحرين هذه المناسبة، وقامت متمثلة بالملك حمد بن عيسى آل خليفة، بزيارة لمقر إقامة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وبعد ساعات من نشر نبأ وصورة الزيارة عبر الصحافة البحرينية، قامت البحرين بإزالة قطر من الدول التي يمنع السفر إليها، إلا أن قطر تعاملت مع الحدث بتجاهل تام، حيث لم تشر وكالة الأنباء القطرية أو صحفها المحلية إلى هذه الزيارة مطلقاً.

بعد أسبوعين من اللقاء، تحدث وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني عن التجاهل القطري وقال إن بلاده بادرت ولعدة مرات بدعوة قطر لعقد مباحثات ثنائية بين الجانبين لتسوية المسائل العالقة إلا أن قطر لم تتجاوب مع الدعوات التي وجهتها البحرين حتى الآن لتنفيذ ما نص عليه في بيان العلا.

استغلت المملكة العربية السعودية حدث كأس العالم بتهيئة المرافق لاستقبال السواح، وتحولت المنطقة المحاذية لنقطة سلوى الحدودية في الإحساء إلى منطقة سياحية، فيما امتلأت فنادق المنطقة الشرقية للسعودية بالسياح الذين يرغبون بحضور فعاليات المونديال في قطر لكنهم يبحثون عن أماكن إقامة أقل كلفة.

كذلك الإمارات فقد شهدت إشغالاً في الفنادق بنسب مرتفعة، وأعلنت على لسان أحمد إبراهيم الجلاف، المدير العام المساعد لقطاع خدمات الملاحة الجوية في الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتي عن ارتفاع الحركة الجوية مع قطر بنسبة بلغت 360٪ خلال فترة المونديال.

لكن البحرين التي رأت نفسها خارج المونديال بفعل سياساتها الطائشة، فقد قررت شن حملات إعلامية عبر صحفها المحلية غير المقروءة على قطر، وبدأت ببث تقارير شبه يومية عن حقوق العمال في قطر وقضايا حقوق الإنسان.

انعقد المونديال وحضرت كل الدول الخليجية بمسؤولين رفيعين، حضر ولي العهد محمد بن سلمان ممثلاً السعودية، وحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم ممثلا الإمارات، وولي العهد مشعل الأحمد ممثلاً الكويت، وولي العهد ذي اليزن بن الهيثم ممثلاً سلطنة عمان، وسط غياب تام للبحرين التي لم يمثلها أحد.

في اليوم التالي قررت الصحف البحرينية تجاهل الحدث الرياضي الأبرز والأعلى مشاهدة في العالم، تعاملت الصحف البحرينية مع الحدث كأن لم يكن، خلت الصحف الرسمية الأربع (الأيام، البلاد، الوطن وأخبار الخليج) من أي إشارة للفعالية التي شاهدها معظم سكان ومواطني البحرين قبل غيرهم.

واستمرت المراهقة السياسية البحرينية واللامهنية في التعاطي مع الحدث، حين قامت صحيفة الأيام المملوكة لمستشار الملك الإعلامي نبيل الحمر بوضع جدول مباريات بطولة كأس الخليج دون الإشارة لمنتخب قطر وكأنه غير موجود، فيما غطت الصحف البحرينية الأربع نبأ خروج منتخب قطر من دور المجموعات بشكل يشبه الاحتفال منه إلى نقل الأخبار.

انقضى كأس العالم، ولم تنته مشكلة البحرين مع قطر، واصلت الدوحة تجاهلها للبحرين، فيما استمرت الصحف المحلية البحرينية وخصوصاً صحيفة الأيام، التي باتت تعبر عن مزاج ملك البحرين بشكل فاقع، هجومها على قطر، في صراخ يبدو أنه صادر من شدة ألم ومرارة الخسارة التي تجرعتها أسرة آل خليفة جراء الحظر القطري لها ومنعها من الاستفادة المادية من كأس العالم.