باقر درويش: هل كان خليفة بن سلمان وحيداً لـ49 سنة؟
باقر درويش - 2022-12-30 - 1:45 م
مرآة البحرين:
لطالما تندَّر البحرينيون بأنه لن يَنتزع كرسيّ رئاسة الوزراء من خليفة بن سلمان آل خليفة سوى الموت، وهو ما حدث فعلاً عند وفاته في 11 تشرين الثاني 2020 عن 84 عاماً؛ حيث تحقَّق له ما كان أريد أن يُكتب له عند الموت (وفاة رئيس الوزراء). تمكّن خليفة بن سلمان من الحفاظ على هذا المنصب طوال 49 سنة، منذ أن أُسند إليه في 15 آب 1971، إلا أنه كان أحد أركان الدولة قبل ذلك، وتحديداً منذ الأوّل من أيلول 1954 لدى تعيينه عضواً ضمن لجنة الإيجارات، ثم رئيساً لـ«مجلس المعارف» في عام 1957، ليتدرّج بعدها في المناصب وصولاً إلى رئاسته لـ«مجلس النقد»، ومن ثمّ «مجلس الدولة» في عام 1970 قبل استقلال البحرين، ما يعني أنه ظلّ في جسم الدولة لـ66 سنة قضاها في احتكار المناصب التنفيذية، إلا أنّ الفترة الأكثر أهمية في حياته، كانت رئاسته للوزراء منذ حَلّ المجلس الوطني في السبعينيات وتطبيق قانون أمن الدولة السيئ الصيت، والذي دام 27 عاماً قبل إلغائه في عهد الملك الحالي، حمد بن عيسى آل خليفة، والبدء في أكذوبة ما سُمّي بـ«مشروع الإصلاح السياسي».
49 سنة من سيرة تمسّك خليفة بن سلمان بمنصب رئاسة الوزراء، لا يمكن أن تُطوى من ذاكرة البحرينيين، ولا سيما فترة القبضة الأمنية الحديدية وما خلَّفتها من آلام في بيوت عوائل المعتقلين والشهداء والجرحى وضحايا القمع السياسي. ولكن، هل يصحّ القول إنه كان وحيداً في الإمساك برقبة المناصب التنفيذية في الدولة؟، وماذا عن أركان الدولة العميقة؟ وماذا عن الملك الحالي والمقرّبين منه في المناصب الوزارية؟ هل الفرضيّة الشعبية في وصْم الفترة السابقة لعام 2001 بتفرّد خليفة بن سلمان صحيحة؟
في مسألة تقاسم النفوذ داخل السلطة، لا يُعدّ تعيين مدير أو وكيل تفصيلاً صغيراً، ولا سيما إذا كانت المنافسة قبل وفاة خليفة بن سلمان مع الديوان الملكي الذي استطاع تدريجياً اجتياح المواقع الإدارية والتنفيذية بتعيين مَن هم مقرّبون من الملك منذ تسلّمه لمقاليد الحُكم في عام 1999. «العم العزيز» كما كان يحلو للملك أن يسمّيه، لم تكد تمرّ ستة أشهر على وفاته حتى صدر تعميم تم تمريره بهدوء بإزالة صور خليفة بن سلمان من جميع الوزارات والجهات الحكومية لتعقبها، بعد خمسة أشهر، إقالة زوج ابنته راشد آل خليفة، وكيل وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة، وما تلاها من تغييرات حكومية تمثّلت في إزاحة العديد من المحسوبين على خليفة بن سلمان.
وبالعودة إلى الفرضيّة حول التعيينات، يتّضح لنا من خلال مراجعة الجريدة الرسمية، بدءاً من العدد 1050 وصولاً إلى العدد 3642، من خلال تحليل 631 قراراً بالتعيين في مناصب عليا ووزارية وإدارية استحوذت عليه عائلة آل خليفة كاملة في أهمّ مؤسسات الدولة، أنّ سمة احتكار المناصب التنفيذية ليست حكراً على فرد واحد من العائلة، وأوّلهم الملك الحالي، وهي تتوزّع في الوزارات التالية: الداخلية، الخارجية، العدل والشؤون الإسلامية، التربية، البلديات والزراعة، الصحة، التنمية والخدمات الهندسية، الإعلام، الشباب والرياضة، الدفاع، الصناعة، الأشغال والكهرباء والماء، المواصلات، وزراء دولة، العمل والشؤون الاجتماعية
أمّا في ما يتعلّق بالصلة التنفيذية في أزمات البلد منذ السبعينيات، فإنّ عدداً من الأسماء كانت ضمن المتابعة التنفيذية المباشرة لجوار خليفة بن سلمان، من باب المثال: في 27 أيلول 1973 صدر المرسوم الأميري الأوّل بتكليف الملك الحالي بأعمال رئيس مجلس الوزارء، تلاها 51 مرسوماً أميرياً اختُتمت في 11 كانون الأول 1998 بالتعيين في القيام بنفس المهام أثناء شغور المنصب لأسباب عديدة، منها السفر. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه، بعد ثلاثة أيام من تعيينه بأعمال رئاسة مجلس الوزراء في تموز 1996، تورّطت الأجهزة الأمنية بقتل البحرينية زهراء إبراهيم كاظم (54 سنة) بعد الاعتداء عليها بالضرب المبرح في محاولة لاعتقال ابنها شاكر. وما بين 14 أيار 1989 و8 شباط 1999، صدر 23 مرسوماً أميرياً بتكليف الملك الحالي، حمد آل خليفة، بمهام حكم البلاد بالنيابة، ما يعني أنّه تسلّم المتابعة التنفيذية في ظلّ أزمة انتفاضة الكرامة لـ14 مرّة، وهي المرّات التي تعدَّدت فيها مظاهر الأزمة من قبيل اعتقال أصحاب المبادرة، أو سقوط الشهداء، أو فتح أبواب السجون، أو إطلاق اليد السوداء لجلاوزة إيان هندرسون في تطبيق قانون أمن الدولة بكل حذافيره قمعاً بلا هوادة.
أمّا عن عدوى احتكار المناصب التي طاولت عدداً آخر من الأفراد في العائلة الحاكمة طوال هذه المدّة، فنذكر منهم: عبدالله خالد آل خليفة الذي ظلّ 27 سنة في الحكومة بين كونه وزيراً للبلديات والزراعة أو وزيراً للعدل والشؤون الإسلامية، محمد بن مبارك آل خليفة (49 سنة في الحكومة) ما بين كونه وزيراً للخارجية أو نائباً لرئيس مجلس الوزراء، علي بن خليفة آل خليفة (15 سنة نائباً لرئيس مجلس الوزراء)، راشد عبدالله آل خليفة (17 سنة وزيراً للداخلية)، خالد أحمد آل خليفة (15 سنة وزيراً للخارجية)، أحمد محمد آل خليفة (12 سنة وزيراً للمالية)، أحمد عطية الله آل خليفة (8 سنوات وزيراً لشؤون مجلس الوزراء)، خالد عبدالله آل خليفة (16 سنة وزيراً لديوان رئيس مجلس الوزراء ونائباً لرئيس الوزراء).
*رئيس «منتدى البحرين لحقوق الإنسان»
- 2024-11-17محمد ناس : البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13الشيخ علي الكربابادي : حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق
- 2024-11-12عباس المرشد : رواتب وعلاوات عائلة الحكم في البحرين هل تقود إلى حرب داخلية بين القصور
- 2024-11-05عباس المرشد : نهايات التطبيع في البحرين حصان العائلة الأعرج
- 2024-10-10علي صالح: رسالة إلى راشد بن عبد الله آل خليفة... وزير داخلية البحرين