بوكشمة: رسالة من مُوالي درجة أولى
بوكشمة - 2022-11-18 - 8:25 م
بعد بسم الله والسلام هذه قصتي باختصار:
ولدت لعائلة جبلت على الولاء والطاعة ولم يشد على القاعدة سوى عمي (المفتون بجمال عبد الناصر) وقد اتخذته العائلة مثل (أم الخضر والليف) تخيف به أبناءها عندما ينطقون بكلمة خارج نطاق الولاء الأعمى "شوف شنهو صار فيه سجنوه وعذبوه وفصلوه من شغله" "من فاده بعد ما فصلوه " " خل جمال عبدالناصر يفيده، لو يدري عنه "
شبينا على الولاء وتعزز ان أغلب عائلتنا إما عسكريون أو موظفون حكوميون وأصبحنا نحن نخيف بعضنا بعضا "امشي الحيط الحيط وقول يا حفيظ" "الحيطان لها ودان" وعزز هذا خطب الجمعة التي لا تخلو من تذكيرنا بوجوب "طاعة ولي الأمر وتحريم " الخروج على ولي الأمر". هكذا جبلنا وهكذا تربينا وربينا أولادنا ولا زال عمي مثال واضح لثلاثة أجيال من العيلة. عائلتنا متوسطة العدد والحال نتخرج من الثانوية وأمامنا خياران لا ثالث بينهم أما وظيفة عسكرية أو مدنية ومؤخرا تخرج بعض أولادنا من الجامعات الوطنية ورغم ذلك لم يكن لأي من العيلة منصب كبير ولا جاه ولا ثروة، فجلنا موظفون عساكر ومدنيون برتب وبدرجات عادية.
ومثل أغلب العوائل ننتظر راتب آخر الشهر الذي يصل ليتوزع في أول أسبوع. ونحلم ببيت الإسكان ونعلق صور القيادة في مجلسنا بجانب صور آبائنا وأجدادنا. في العيد الوطني نحمل الأعلام والصور ونرقص ونغني والآن أولادنا يلونون سياراتهم بلون علم البحرين ويرسمون صور القيادة ولا نعترض رغم أن الكلفة تكلف ماجلة أسبوعين .
في 2011 لبينا النداء وحملنا الأعلام وصور القيادة ورددنا بكل جوارحنا ما يراد لنا ترديده وصدقنا عمياني كل من خطب وقاد ولم نفوت أي مقابلة ولا برنامج في التلفزيون والإذاعة ولم نكتفِ بلصق صور القيادة البحرينية بل السعودية والاماراتية وصور المشير. وكلنا جميعا جندنا انفسنا كجنود احتياط وساهم بعضنا في هجمات على من سميناهم (العملاء) ومحلاتهم وأصبحنا مخبرين ببلاش وضعنا الدوائر الحمراء على الصور ونشطنا في وسائل التواصل الاجتماعي ولكن ما انتهى المولد إلا وجدنا من تصدروا وخطبوا حصلوا على كل الغنائم فمنهم من أصبح وزيرا ومنهم سفيرا ومن عين في الشورى ومن حصل على منح من أراضي وسيارات وعين أنجاله في أفضل المناصب ونحن أولاد الخدامة ماذا حصلنا؟ "طلعنا من المولد بلا حمص" لم نحصل على ترقية ولا حتى رتبة ولا زيادة بل تم إرغامنا على التقاعد تارة بالإكراه وتارة بالتخويف وتارة بالترغيب والغريبة أن وظائفنا ذهبت للبحرينيين الجدد ولم يحصل عليها أبناؤنا المتخرجين من الثانوية والجامعات وانطبق علينا المثل "وقت الطباخ نادوا أم ناصر ووقت النجاب نادوا البياسر".
نحن أبناء الزوجة القديمة العجوز (أم ناصر) والآن استولت على قلب رب العائلة عروس شامية جميلة وأخرى آسيوية وأخرى أفريقية وملكوا قلبه وجلبوا له درازن من الأبناء وأصبحوا هم المفضلون علينا وعلى أبنائنا (البياسر). أدمنا على الاستجداء والشكوى والمناشدة وتبطيل الوجه لأولياء الأمر في وسائل التواصل الاجتماعي ويبدو أنهم أدمنوا أيضا سماع شكوانا وأنيننا وربما أصبحت من متعهم المفضلة، نناشدهم حتى لحل المشاكل البسيطة مثل شفط مياه الأمطار و ردم حفرة في شارع والحصول على موعد أو سرير في مستشفى. بقدرة قادر تحولنا من مواطنين إلى مستجدين وطراروة. وحتى أبنائنا أغلقت في وجوههم الوظائف العسكرية والمدنية وأكيد القطاع الخاص وانظموا إلى إخواننا الي سميناهم (خونة) في طابور العاطلين الطويل.
بعضنا حاول أن يفتح له مشاريع بسيطة ولكن السوق أصبحت محتكرة ومغلقة، فالغول الآسيوي والبحرينيون الجدد ابتلعوا الصغير والكبير والحكومة من خلال الفري فيزا والفيزا المرنة ساعدتهم ولذا خسرت كل مشاريع أولاد القديمة (أم ناصر) وحاصرتهم الديون ودخلوا السجون بسببها. وصدقنا لعبة البرلمان ورغم الخيبات في كل مرة إلا أنهم يعرفون كيف يقنعونا إذ يشغلون أسطوانة الوطن والمواطنة وأعداء الوطن الداخليين والخارجيين إضافة إلى الوعود المخملية. وما أن ينتهي العرس ويصل من يصل لقبة البرلمان تصبح الأسطوانة مشروخة ولا صوت لها وكل واحد يبحث على مصالحه الخاصة. وحتى عروبتنا وإسلامنا وشرفنا تم النيل منه بالتطبيع مع الصهاينة والترويج للشذوذ وتحويل الديرة لماخور لتجارة الجنس والخمور والمخدرات.
الخلاصة تحولنا إلى غرباء في وطننا وأصبحنا "مثل العومة مأكولة ومذمومة" فلا أولياء الأمر ولا الحكومة ومسئولوها يدرون عنا ولا البرلمانيون والشوريون ناشدين فينا ولا الجمعيات اللي وقفنا وياها تكلمت بالحق ودافعت عنا وما يعرفونا إلا حزة الحزة أي قرب الانتخابات وكما يقول المثل الشعبي "إحميدوه ما نحبه بس نقضي به الحوايج" وأقصى ما حصلنا عليه من رجال الدين أنهم وعدونا بالجنة بقولهم "من صبر على حاكم ظالم فجزاؤه الجنة " ولكننا نعرف أن هؤلاء حصلوا على جنة الأرض من عطايا وهبات ورشاوي هذا الحاكم لكي يخدروا رؤوسنا. ونحن أولاد القديمة (أم ناصر) نفرح عندما ينادونا للطباخ رغم علمنا أن الطبخة ليست لنا فنحن لسنا من البياسر. هذه مشكلة عائلتي التي تشابه عائلات كثيرة في الشارع الموالي.