سخط سنّة البحرين
2022-11-17 - 1:49 ص
مرآة البحرين (خاص): ما الذي يمكن استفادته من الفيديوهات العديدة التي يواصل نشرها النشطاء والمترشحون السنة التي تتطرّق إلى تدخل السلطة في الانتخابات؟
أن هناك قناعة داخلية قد تشكلت بأنّ الطائفة السنية لا حول لها أو قوّة ونوّابها يصلون بالأوامر والتوجيهات الحكومية فقط لا الإرادة الشعبية ورغم أنف كل تيارات هذه الطائفة وقواها الحيّة.
أن هذه الأوامر والتوجيهات ليست عبارة عن رغبات وأمنيات تصل إلى من يعنيهم الأمر إنما هناك حزمة من الأدوات الفعّالة للتدخل المباشر وحسم الأمور بالكيفية التي تريدها الحكومة.
أنّ هذه الآليات تشمل كتلة العسكريين المجوقلة التي يتم التحكم بها بقرار مركزي من الديوان الملكي، والمجنّسين، والمراكز العامة.
كما تشمل أيضاً أوامر واضحة للمترشحين بالخروج الطوعي من المنافسة قبل أن يُخرَجوا منها مُكرَهين وأحياناً يصل الأمر إلى التهديدات.
يفاقم من مشكلة السنّة أنّ كثيراً منهم يعملون في الأجهزة الأمنية والعسكرية وبالتالي فإن الحديث عن العسكريين هو حديث عن كتلة مُعَوّمة داخل الطائفة السنية نفسها وليست سلاحاً خارجياً يُستخدم ضدّها.
إن من يتمّ تحريكهم وتوجيههم لإسقاط أو ترجيح مترشحي الطائفة السنية هم أبناء وبنات هذه الطائفة نفسها وليست كائنات فضائية من الخارج؛ وأمّا المجنّسون فدورهم أشبه بدور المكمّلات الغذائية.
المشكلة الأكبر تتمثل في تقديرات التيارات السياسية السنية الرئيسة الخاطئة لمشكلة البلاد والتي تتبنى نموذجاً غريباً في السياسة يقوم على تأييد وتشجيع تكديس كامل سلطة القرار بيد العائلة الحاكمة وحصْر دورها هي فقط - أي هذه التيارات - في نيل المطالب بتمنّي أن تتخذ هذه العائلة قرارات جيّدة.
لا تريد التيارات السنية حكومة منتخبة ولا غرفة تشريعية واحدة لها وحدها حق التشريع كما يطالب الشيعة إثر اتفاق مع الحكم قاد لتصويتهم بـ"نعم" على الميثاق قبل أن يتم الانقلاب عليه. ولا تريد تعديل الدوائر لتكون تمثيلية بشكل عادل ولا إلغاء التمييز ضدّ الشيعة الذي ترفض الاعتراف بوجوده أصلاً ولا أيّ تغيير في خارطة توزّع القوة.
تريد التيارات السياسية السنية كل شيء قائم في البلاد بنفس "الحطّة" التي عليها لكن في الوقت نفسه تواصل الشكوى منه والتذمّر والبكبكة ما يذكّرنا باضطراب يناقشه علم النفس التحليلي اسمه "المازوخية" والذي يعني الاستمتاع والتلذّذ بتعذيب الذات.
لقد وافقت التيارات السياسية السنية كلها على اضطهاد الشيعة وسجن قادتهم ونفي زعمائهم؛ وحاولت تقديم نفسها ألف مرّة إلى الحكم على أنها من وقفت معه ضد "الخونة" وبالتّالي تستحق معاملتها بشكل أفضل؛ ولكن بلا فائدة.
إن سلاح السنّة الأمضى والأقدر على ردّ اعتبارهم وكرامتهم كطائفة هو أن يلتقوا مع إخوتهم الشيعة في منتصف الطريق كما فعل أجدادهم. أو فليواصلوا طريق التيه العدمي في الشكوى والتذمّر والبكبكة إلى أن يأتي يوم يصطلح فيه الحكم مع الشيعة - أكان قريباً هذا اليوم أو بعيداً - وساعتئذ فقط يجد شخص ما "فوق" فيهم فائدة. بدون هذا الصّلح فهم اليتامى في منفى الوطن.