ماذا تعرف عن ثاني أهم شخصية في السفارة الإسرائيلية بالمنامة؟ شابة عربية درزية استغرق تجهيزها سنة كاملة
2022-10-21 - 7:35 ص
مرآة البحرين (خاص): "هبة طريف". لعلك لم تتوقف كثيراً عند هذا الاسم الذي يبدو للوهلة الأولى اسماً محلياً ينتمي إلى عائلة بحرينية معروفة تحمل بالضبط نفس هذا اللقب. لكنه ليس كذلك على الإطلاق. فهبة طريف هي الشخصية الثانية الآن في السفارة الإسرائيلية في المنامة بعد سفير دولة الاحتلال "إيتان نائيه" حيث تشغل منصب نائبة الرئيس.
عربية درزية تتحدث العربية الفلسطينية بطلاقة لا تشوبها أي شائبة. وهي من أسرة دينية درزية نافذة تسكن منطقة "جولس" في الجليل الغربي بفلسطين المحتلّة.
"يسعدني أن أبدأ بعثتي الدبلوماسية كنائبة رئيس بعثة إسرائيل لدى مملكة البحرين". كان هذا هو إعلانها الرسمي على حسابها في موقع "تويتر" 7 سبتمبر/ أيلول الماضي 2022 عن بدء تسلمها مهام منصبها في المنامة لأول مرة. ومنذ هذا التاريخ أخذت بهدوء تحجز مقعداً لها في الفعاليات المحلية والأوساط الشعبية التي أمكن لها الوصول لها. لكنها قليلاً ما ظهرت في "صُوَر" السفارة وتصريحاتها التي أوكلت لشخص واحد فقط هو السفير نفسه.
نسج العلاقات هي مهمتها الرئيسة. يسعفها في ذلك لسانها العربي وأصولها الدرزية.
لقد فشلت السفارة الإسرائيلية في تحقيق أي اختراق شعبي يذكر على صعيد خطوات التطبيع المتسارعة بشكل جنوني. واستطاع المعارضون تعبئة الوعي العام عبر بناء جدار نفسي عميق كرّس النظر إلى التطبيع كلون من "الخيانة" يجيد احترافه بيت الحكم وحده وقلة من الانتهازيين التافهين معه دون سواهم.
أكثر من ورقة ألقت بها السفارة للنفاذ إلى الوعي الشعبي لكن مصيرها كان الاصطدام بهذا الجدار. إحدى هذه الأوراق كانت محاولات بائسة قامت بها لمد خيوط مع العوائل والبيوتات التجارية البحرينية - بينها كانو وفخرو على سبيل المثال إضافة إلى غيرهم من العوائل والبيوتات التجارية - من أجل عمل شراكات ومشاريع استثمارية فلم تلقَ إلا الصدّ والنبذ.
ولم تفلح حتى عندما استعانت بمستثمرين ورجال أعمال من الولايات المتحدة الذين أخذوا يتقاطرون على البلاد مؤخراً بحثاً عن شراكات استثمارية على أساس أنهم يهود أمريكيون وليسوا إسرائيليين. ويقول مصدر مقرّب تحدثت معه "مرآة البحرين" إن عبارة واحدة ترددت في وجوههم بصيغ مختلفة: لا نريد ولسنا مهتمين «We are not interested!».
وعندما حاولت السفارة التستر خلف قناع مستثمرين فلسطينيين لفتح مطعم تطبيعي في شارع البديع "روز مارين" على أساس أنهم من "عرب 48" يحملون الجنسية الإسرائيلية اضطراراً كان مآل هذه المحاولة البائسة الأخرى هو إغلاق المطعم بعد شهر واحد فقط من افتتاحه.
في حوار معه كشف إبراهيم نونو رجل الأعمال ورئيس مجلس أمناء كنيس الوصايا العشر والمجتمع اليهودي في المنامة - ربما من غير قصد - كيف أن هذه المهمة ما تزال حتى الآن فاشلة. "بعض التجار الإسرائيليين لديهم الرغبة في الاستثمارات وخلق وظائف في البحرين [...] ولكن لم نرَ تطوراً تحقق على أرض الواقع [...] الكلام كثير ولم نرَ مشاريع أو استثمارات [...] أفكار كثيرة للمشاريع ولكن الحركة غير موجودة على أرض الواقع".
الجدار مع الشعب البحريني نفسي وكبير. لكنه أيضاً جدار ثقافي وأيديولوجي محكَم عند واحد من أكثر الشعوب الخليجية تسييساً. ويبدو أن "هبة طريف" قد أُحضرت لتذليل المصاعب الثقافية. لا أفضل للقيام بهذا الدور من شخصية إسرائيلية من أصول عربية تجيد لغة القوم وتتحدث مثلهم وتعرف الغرف من رمزيات ثقافتهم بل ومن طائفة دينية تشبه طوائفهم.
لا توجد أي معلومة عن هبة طريف على شبكة الإنترنت سابقة على التحاقها بمهمة البعثة الإسرائيلية في المنامة حتى مع محاولة وضع اسمها باللغة العبرية في محركات البحث. لا تصريحات سابقة، لا مهام رسمية معلنة بواسطة هذا الاسم، لا صور ولا أيّ شيء.
المصدر الوحيد المتوافر حولها هو حسابها الشخصي على موقع "تويتر" الذي أنشىء حديثاً في العام الماضي فقط يوليو/ تموز 2021. ويبدو أنه أنشىء في إطار تجهيزها للقيام بهذه المهمة في المنامة حيث يظهر فيه اهتمامها الكبير بالبحرين منذ إنشائه.
فأول تغريدة لها في 5 أغسطس/ آب 2021 كانت تقول "أنا متحمسة جداً لبدء هذه الرحلة الرائعة" مع وسم وزارة الخارجية الإسرائيلية لكن من دون أن تشير إلى ماهية هذه الرحلة. لكن بعد ثلاثة أيام منها كتبت هذه التغريدة "كان لي الشرف بلقاء وكيل وزارة الخارجية [البحرينية] الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة اليوم. أشكركم على مشاركتكم معنا القصص الرائعة وكلمات الحكمة". وفي 25 من الشهر نفسه كتبت "قريبا سأذهب في مهمتي الأولى. حاول أن تخمن أين ستكون". ما يؤكد بأن حسابها أنشىء في إطار إعدادها لمهمتها الثقافية في البحرين قبل عام واحد من صدور قرار تعيينها بشكل رسمي.
رغم ذلك فحسابها يشي بأمور مفيدة حولها خاصة ما يتعلق بخلفيتها العائلية التي تستقر في منطقة "جولس" في فلسطين التاريخية.
تاريخيا فإن عائلتها "طريف" هي التي كانت تقود الطائفة الدرزية في فلسطين الانتدابية ثم حالياً في فلسطين المحتلة. فأحد أبرز شيوخ عائلتها دائمة الاحتفاء به في حسابها هو "الشيخ موفق طريف" الذي تربطه علاقات متينة بسلطة الاحتلال ويعتبر حالياً الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في "إسرائيل" ورئيس المجلس الديني الدرزي الأعلى وهو قاضي المذهب ورئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا.
كما أن جدها "الشيخ أمين طريف" الذي تلقى دروسه الدينية في لبنان والمتوفى في 1993 كان قاضي المذهب وله مكانة رمزية عالية عند الدروز.
لدى هبة طريف مقومات ثقافية لتنفيذ مهمة اختراق ناعمة. ولدى شعب البحرين المناعة الكافية لجعل المهمة مستحيلة.