بانوراما 2021: عاشوراء البحرين 2021 حولته السلطة لموسم أمني غرضه استهداف هوية المواطنين الشيعة

عاشوراء 2021 رغم التضييق الرسمي أصر المواطنون الشيعة على إحياء مراسمها عبر الحضور المكثف
عاشوراء 2021 رغم التضييق الرسمي أصر المواطنون الشيعة على إحياء مراسمها عبر الحضور المكثف

2021-12-31 - 5:03 ص

بانوراما 2021: دخل موسم عاشوراء (العشرة الأولى من شهر محرّم الحرام) خلال شهر أغسطس من العام 2021، وتعمدت السلطات اتخاذ معايير متشددة واشتراطات معقدة من أجل السماح للشيعة إحياء موسم عاشوراء.
قبل بداية الموسم أعلنت وزارة العدل والشؤون الإسلامية عن إجراءات احترازية، كان مضمونها التضييق على مراسم عاشوراء من حيث الحد من مشاركة المعزين إلى أقل حد ممكن، كما تم منع خروج مواكب ومسيرات العزاء وحصرها في مساحات صغيرة مكتظة أمام مباني الحسينيات.
وأصدر علماء البحرين يوم 16 أغسطس 2021، بياناً أدانوا فيه الإجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطة للتضييق على إحياء المواطنين لشعائر عاشوراء الدينية، ووصفوها بأنها "إجراءات تعسُّفية لا تمت للاحترازات الطّبية بصلة، وليس لها تفسير منطقي إلَّا السِّياسة الطَّائفية والاستهداف الدِّيني الممنهج، الذي نشهد تصاعد وتيرتِه عامًا بعد عام".
بعد اعتماد المعايير المتشددة، عقدت إدارة الأوقاف الجعفرية لقاءً للمآتم والحسينيات وحضرت الاجتماع جهات رسمية كثيرة بينها وزارات: البلديات، والصحة، والداخلية، والعدل. كان الاجتماع عبارة عن تكرار الاشتراطات وشرحها.
بعد ذلك الاجتماع انطلقت حملة التضييق على الأرض، فرغم التزام المآتم بتلك الاشتراطات، بدأت وزارة الداخلية بممارسة الانتهاكات والاستفزاز قبل يومين من بدء موسم عاشوراء.
المواطنون الشيعة قرروا عدم الانصياع لتلك القرارات، وشاع بين المواطنين أن المشاركة سوف تكون حاشدة في مراسم التعزية الحسينية.
في الإجمال، وبحسب رصد حقوقي لثلاث منظمات، هي: منتدى البحرين لحقوق الإنسان، ومنظمة سلام للديمقراطية، ومعهد الخليج للديمقراطية،، بلغ عدد انتهاكات الأجهزة الأمنية في موسم عاشوراء 42 حالة توزعت على الشكل التالي: (حالتا) تخريب المظاهر العاشورائية، 12 حالة مصادرة رايات عاشورائية، 12 حالة تصوير استفزازي للمشاركين في مجالس ومواكب العزاء، 8 حالات نشر استفزازي لعناصر الأجهزة الأمنيّة أمام بعض المآتم وسيرًا خلف بعض المواكب لمراقبة إحياء المراسم والمشاركين فيها، فضلًا عن توقيف بعض المشاركين وطلب إبراز أوراقهم الثبوتيّة، 5 حالات إجبار إدارات بعض المآتم على معايير ضيّقة لإقامة مراسم العزاء، من ضمنها منع خروج مواكب، و3 حالات ممارسات استفزازية أخرى.
تمّ رصد حصول كل هذه الأحداث في 25 منطقة بحرينيّة، بالإضافة إلى 225 مداهمة لـِ 50 منطقة بحرينيّة، كان أبرزها: 30 مداهمة في منطقة السنابس، 11 مداهمة في كل من مناطق النويدرات وجدحفص، 10 مداهمات في كل من مناطق الديه وكرانة، وأقل من 10 مداهمات في كل من باقي المناطق.
في التفاصيل، سوف يتذكر المواطنون طويلًا حادثة في اليوم الأول من "عاشوراء" حينما أجبرت قوات تابعة للداخلية إدارة مأتم ⁧جبلة حبشي⁩ على إزالة يافطة مكتوب عليها كلمة للإمام الحسين (ع) يقول فيها "يزيد رجل فاسق شارب للخمر". لقد تمت مصادرة لافتات دينية كثيرة وإزالتها في العديد من المناطق.
في اليوم الثاني، أبعدت وزارة الداخلية عن البلاد الخطيب العراقي السيد هشام البطاط، بحجة أنه لا يملك الترخيص اللازم للمشاركة في إحياء مراسم عاشوراء. واستمرت الانتهاكات عبر استدعاء عدد من المواطنين في الدوار الرابع بمدينة حمد بسبب رفعهم راية الإمام الحسين فوق منازلهم.
في اليوم الثالث أعلنت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية اعتقال الرادودين صالح سهوان ومحمود القلاف بعد استدعائهما لمركز "شرطة الحورة".
وأتى ذلك في سياق حملة واسعة شملت استدعاء عددٍ كبيرٍ من المواطنين في مختلف المدن والمناطق على خلفيّة رفعهم الرايات الحسينيّة على أسطح منازلهم، حيث تمت مطالبتهم بإزالتها وتسليمها إلى مركز الشرطة.
في منطقة السنابس قامت قوات تابعة إلى وزارة الداخلية بملاحقة مشاركين في موكب عزاء المنطقة أثناء خروجهم من المنطقة وإيقافهم حيث قامت بتسجيل بياناتهم الشخصية من دون سبب يذكر. وعرف عن اعتقال 7 على الأقل خلال وقت متأخر من الليل.
في اليوم الرابع من شهر محرم 2021، قامت وزارة الداخلية باستدعاء الرادود حسن نوروز ونحو 16 مواطنا في مركز الحورة. وفي اليوم الخامس سارت الأمور بنفس الوتيرة، وأجرت الأجهزة الأمنية اتصالات مباشرة برؤساء مآتم منطقة المصلى، وهددتهم بشكل صريح باتخاذ إجراءات بحقهم في حال إصرارهم على تسيير المواكب العزائية التي تخرج في كل عام في مثل ذلك اليوم في المصلّى.
في اليوم السادس تم تصعيد الاستهداف ،إذ تم استدعاء والتحقيق مع الخطيبين الحسينيين الشيخ عبدالمحسن ملا عطية الجمري بعد استدعائه لمركز شرطة المحرق، والشيخ محمد الرياش على خلفية محاضرات عاشورائية ألقيت من قبلهما في المناسبة. ومنع خروج موكب العزاء المركزي في منطقة سلماباد.
كما أقدمت الحكومة على استخدام ورقة كورونا للتضييق على فعاليات عاشوراء، إذ قررت وفق قرار صادر من الفريق الطبي الانتقال إلى المرحلة البرتقالية فقط في يومي تاسع وعاشر محرم، على أن تعود البلاد إلى المرحلة الصفراء بعد يوم العاشر، في توظيف صريح لإجراءات مكافحة كورونا للتقييد على الحرية الدينية للأغلبية الشيعية.
في اليومين السابع والثامن من محرم 2021، هاجمت السلطات الأمنية موكب عزاء في مدينة حمد وقامت باعتقال اثنين من المعزين، فيما استمرت القوات في الانتشار في محيط بعض المآتم.
إدارات بعض المآتم من جهتها انتقدت قرارات حصر مواكب العزاء أمام الحسينيات فقط، واعتبرت أنها تخالف اشتراطات السلامة أصلا، مشيرة إلى أن مثل هذا الأجراء لا علاقة له بمكافحة انتشار وباء كورونا وإنما يأتي من أجل التضييق على إحياء المراسم.
نائب أمين عام الوفاق الشيخ حسين الديهي علّق على ما يجري بقوله "السلطات ‏تسوق للتطبيع من منطلقات مثل التسامح الديني، بينما تنشغل طوال موسم عاشوراء في البحث عن فرص التعدي على المظاهر العاشورائية والتضييق على إحياء الشعائر الدينية".
في اليوم التاسع قامت وزارة الداخلية بتوقيف رئيس هيئة مواكب الدير فيصل المؤمن، كما تمّ استدعاء الرادود الحسيني سيد أحمد العلوي إلى مركز شرطة سماهيج.
أيضًا استدعت السلطات إدارة مأتم المقشع إلى مركز البديع، وقامت بتهديدهم باتخاذ إجراءات بحقهم في حال خروج موكب العزاء المركزي في منطقة المقشع كما هو المعتاد سنوياً. كذلك رؤساء المآتم في بلدة المصلى تم استدعاؤهم وتهديدهم باتخاذ إجراءات في حال خروج مواكب العزاء.
وفي كلمة له مساء أمس في ليلة العاشر من شهر محرّم، اعتبر آية الله الشيخ عيسى قاسم أنّ "المضايقات التي تشهدها الاحياءات العاشورائية ليست سوى حرب سياسية".
في يوم العاشر من المحرم 2021، حوّلت السلطات البحرينية ذلك اليوم إلى ما يشبه المناورة العسكرية لقواتها، حيث قامت بنشر أعداد مبالغ فيها من الجنود والآليات في كل مكان في البحرين، وعلى الرغم من الانتشار الكثيف، إلا أن إحياء مراسم العاشر شهد مشاركة واسعة في العاصمة المنامة، حيث امتلأت الشوارع بالمعزين.
وشهدت مناطق واسعة شرق، وغرب وجنوب المنامة إضافة إلى المحرق مواكب عزاء وزنجيل، ومجالس عزاء كبيرة.
من جانبه، أشاد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة "بجهود كافة المؤسسات والأجهزة المعنية وعلى رأسها وزارة الداخلية".
بعد اليوم العاشر أعلنت السلطات مباشرة إرجاع حالة البلاد فورًا إلى المستوى الأخضر فيما يخص إجراءات كورونا بمعنى أنها أعادت فتح كل شيء مجدداً، لكنها في نفس الوقت منعت مراسم العزاء من الخروج الى الشوارع العامة في بعض المناطق.
التقرير الصادر عن ثلاث منظمات حقوقية في الأشهر اللاحقة بخصوص الانتهاكات العاشورائية لسنة 2021، خلص إلى "إن رئيس الوزراء الجديد (سلمان بن حمد) لم يقدم حتى الآن إصلاحات حول التمييز الديني ضد هؤلاء المواطنين".
وذكر التقرير إن المضايقات طالت حتى المعتقلين في السجون البحرينية، حيث رُصد قيام إدارة سجن جو المركزي بحرمان المعتقلين من ممارسة الشعائر الدينيّة في موسم عاشوراء مرّتين بشكل جماعي في المبنى رقم 5 (العنبر 2) في اللّيلة الأولى من شهر محرّم، وفي المبنى رقم 12.