بانوراما 2021: البحرين الخاسر الأكبر من اتفاق العلا بعد التجاهل القطري

صورة تذكارية للمشاركين في قمة العلا التي شهدت المصالحة الخليجية - 5 يناير 2021
صورة تذكارية للمشاركين في قمة العلا التي شهدت المصالحة الخليجية - 5 يناير 2021

2021-12-30 - 4:09 م

مرآة البحرين (خاص): على الرغم من إعلان قمة العلا عن إنهاء الخلاف الخليجي مع قطر مطلع العام 2021 إلا أن الحكومة القطرية قررت استعادة العلاقات مع الدول المقاطعة بناء على أولوياتها ومصالحها الخاصة بها.

وكان واضحاً للعيان استمرار التجاهل القطري للبحرين، واستمرار الإعلام القطري في تغطية الاحتجاجات ومقابلة المعارضين البحرينيين دون تغيير في اللهجة أو السقف، وهو ما قابلته البحرين بحملة بائسة قالت فيها إن الزبارة أرض بحرينية، وشككت في دقة ترسيم الحدود مع قطر على الرغم من حسم الخلاف بين البلدين من قبل محكمة العدل الدولية في لاهاي قبل حوالي 20 عاماً.

في الخامس من يناير 2021 أناب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، نجله سلمان بن حمد آل خليفة لحضور القمة الخليجية في مدينة العلا السعودية وسط تقارير عن انفراجة في الخلاف مع قطر، وبالفعل ففي اليوم التالي تم الإعلان عن إنهاء الخلاف الخليجي في القمة التي حضرها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.

في 8 يناير أعلنت الإمارات عن فتح كل الحدود مع قطر، وصرح وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني في نفس ذلك اليوم أن العلاقات مع قطر ستعود إلى ما كانت عليه قبل المقاطعة في يونيو 2017 مشيراً إلى أن لجان ثنائية تم تشكيلها وأن إنهاء القضايا العالقة لن يستغرق أكثر من أسبوعين.

في اليوم التالي 9 يناير 2021 وثقت وكالات أنباء عالمية ووسائل إعلام محلية عبور سيارات قطرية إلى السعودية عبر المنفذ الحدودي البري لأول مرة منذ قطع العلاقات وسط ترحيب سعودي بالزوار القطريين، أما البحرين فاكتفت بدعوة قطر في 11 يناير لإرسال وفد للبحرين من أجل حل القضايا العالقة، وهو الطلب الذي تجاهلته قطر ولم ترد عليه إطلاقاً.

في 12 يناير استأنفت السعودية وقطر رحلات الطيران المباشر بين البلدين، وما كان من البحرين إلا الإعلان عن فتح مجالها الجوي مع قطر بشكل أحادي ودون تعليق قطري.

التجاهل القطري أغضب البحرين التي بدأت بافتعال المشاكل مع الدوحة، وقالت إنها تحتجز بطل كمال الأجسام البحريني سامي حداد واثنين آخرين كانوا في رحلة صيد، لكنها أعلنت لاحقا (14 يناير) الإفراج عنهم ووصولهم للعاصمة العمانية مسقط.

في 16 يناير أعلنت السعودية بشكل رسمي عن افتتاح قريب لسفارتها في الدوحة، كخطوة جديدة لتطبيع العلاقات بين البلدين.

في 18 يناير صعدت البحرين من خطواتها تجاه قطر، ونشرت في الجريدة الرسمية قراراً صادراً عن وزير البلديات عصام خلف يقضي باستيلاء الدولة على 130 عقاراً مملوكين لخال (شقيق والدة) أمير قطر خالد بن ناصر المسند وذلك للمنفعة العامة.

في 25 فبراير أرسلت البحرين وكيلاً في وزارة الخارجية إلى قطر، محملاً برسالة خطية من وزير الخارجية عبداللطيف الزياني يدعو فيها السلطات القطرية إلى «بدء محادثات ثنائية حول آليات تطبيق المصالحة».

لم تكتف السلطات القطرية بتجاهل طلبات الحوار البحرينية، بل واصلت سياستها الإعلامية تجاه البحرين في بث برامج سياسية عن الوضع السياسي والحقوقي، وهو ما أدى إلى إرسال البحرين مذكرة احتجاج رسمية لقطر بذلك في 11 مارس، ونقلت رويترز في تقرير لها بتاريخ 20 مارس عن دبلوماسيين نفيهم وجود أي تقدم في العلاقات بين البحرين وقطر.

كما فعلت مع دعوات، تعاملت قطر مع مذكرة الاحتجاج البحرينية بتجاهل تام، وواصلت سياساتها الإعلامية المتعلقة بالبحرين دون تغيير وهو ما أدى في أواخر إبريل إلى صدور بيانين من الداخلية البحرينية اتهمت خلالهم الجزيرة والحكومة القطرية بـ «تنسيق حملة عدائية ضد البحرين».

في 8 مايو أعلمت السلطات القطرية نظيرتها البحرينية أنها ألقت القبض على 5 بحارة وبانوش، بعد دخولهم المياه الإقليمية القطرية، في تصعيد قطري لافت، وأكد تقرير صادر عن رويترز في 1 يونيو أن المصالحة بين قطر والسعودية ومصر تتقدم سريعاً، لكنه مع البحرين لم تبدأ بعد.

في 22 يونيو أرسلت البحرين دعوة رسمية ثانية لوزير خارجية قطر من أجل إرسال وفد إلى البحرين لحل الملفات العالقة وفق تصريح رسمي لوزير الخارجية عبداللطيف الزياني، وهو الذي ردت عليه قطر في 26 يونيو بالعمل مع منظمة الطيران على إنهاء سيادة البحرين على مجالها الجوي.

في 13 يوليو استعادت قطر مجالها الجوي من البحرين بقرار صادر عن منظمة الطيران الدولي، أما البحرين فهددت باللجوء إلى مجلس التعاون «لعدم التزام قطر ببيان قمة العلا»، وبعد أيام من قرار الإيكاو صرحت البحرين أنها تعمل مع المنظمة الدولية بشأن «الترتيبات الفنية لسلامة الطيران الإقليمي».

مع نهاية يوليو بدأت البحرين حملة جديدة ضد قطر، قالت فيها على لسان مستشار الملك ووزير الخارجية السابق خالد بن أحمد آل خليفة أن ملكية الزبارة تعود للبحرين «وفيها حقوق لن تضيع»، وفي مطلع أغسطس أعلنت اللجنة العليا للتقويم البحريني على لسان نائب رئيسها عبداللطيف المحمود أنها أصدرت التقويم البحريني الجديد للعام الهجري 1443هـ باتباع منهجية «روزنامة الزبارة والبحرين»، لكن ملك البحرين في اليوم التالي (2 أغسطس) دعا خلال استقباله نجله ولي العهد سلمان بن حمد إلى ضبط مواقع التواصل احتراماً لـ «اتفاق العلا».

وفي هذه الأثناء خطت الإمارات خطوات جدية نحو تطبيع العلاقات مع قطر، وزار مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد في 26 أغسطس العاصمة القطرية الدوحة والتقى أمير قطر، في أول لقاء بين البلدين على مستوى رفيع منذ قطع العلاقات.

لكن تطور العلاقات القطرية الإماراتية لم تنعكس على علاقة الدوحة مع البحرين، وقامت قناة الجزيرة في 27 سبتمبر ببث برنامج عن انتهاك حقوق الأطفال في السجون البحرينية، أما البحرين فردت على البرنامج القطري باتهامات للدوحة عن محاولة تجنيد عسكريين بحرينيين للتجسس لصالحها.

شهدت العلاقات القطرية الإماراتية تطوراً نوعياً تمثل بزيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن إلى أبوظبي ولقاء ولي عهدها والحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد، وبعد أيام من اللقاء قال وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني إن المنامة تدرس وثائق تشير لعدم دقة ترسيم الحدود البحرية مع قطر.

في 22 نوفمبر ألمح ملك البحرين عن رغبته في الحوار مع قطر لمعالجة القضايا العالقة، أما قطر التي تجاهلت مرة أخرى البحرين، عملت على توطيد علاقتها بالسعودية، وهو الأمر الذي تم تتويجه بزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للدوحة في ديسمبر من العام 2021.

في يونيو 2017 كانت البحرين هي الأولى التي أعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، لتتبعها السعودية والإمارات ومصر، حينها كان الجميع على علم أن البحرين لم تكن سيدة قرارها، بل أُمرت بالقيام بتلك الخطوة، ومنذ إعلان المقاطعة كانت البحرين دائماً في مقدمة المحرضين على قطر سياسياً وإعلامياً، وهو الأمر الذي حفظته الدوحة للمنامة لحين اتفاق العلا، وترجمته تجاهلاً تاماً للبحرين وعدم اكتراث بتطبيع العلاقات معها.

بعد عام على اتفاق العلا، تبدو قطر الرابح الأكبر من المقاطعة، فهي خرجت من تلك الأزمة أقوى ولم تضطر لتقديم أية تنازلات للدول المقاطعة، أما البحرين فهي بلا شك تبدو الأضعف والخاسر الأكبر بين الدول الأربع المقاطعة لقطر.