لماذا تفتعل البحرين أزمة سياسية مع لبنان؟

المحامية اللبنانية سندريلا مرهج خلال مشاركتها في تدشين تقرير الوفاق الحقوقي ببيروت - 9 ديسمبر 2021
المحامية اللبنانية سندريلا مرهج خلال مشاركتها في تدشين تقرير الوفاق الحقوقي ببيروت - 9 ديسمبر 2021

2021-12-16 - 6:16 م

مرآة البحرين (خاص): لم يكن المؤتمر الذي عقدته الوفاق لتدشين التقرير الحقوقي في العاصمة اللبنانية بيروت هو أول أنشطة المعارضة البحرينية، وبالتأكيد لن يكون آخرها. لكن يمكننا القول أيضاً إن هذا المؤتمر لم يحوِ أي نبرة حادة مستفزة للحكم في البحرين، تستدعي كل هذا الاستنفار والتضخيم.

وعلى العكس من ذلك، فقد سبق المؤتمر الصحفي الذي نظمته الوفاق قبل أيام، عشرات الفعاليات التي حوت نبرة أكثر حدية وسقفاً أعلى في التخاطب مع النظام، وكان مصدرها بيروت، ولم يحرك النظام ساكناً أو يبدي انزعاجاً من تلك الفعاليات.

في مراحل عدة، كانت بغداد، القاهرة ودمشق عواصم للمعارضات العربية، لكن الظروف اختلفت مع اختلاف الأنظمة أو مصالحها، إلا أن بيروت بقيت على الدوام وفي كل المراحل تستضيف الجميع وتتسع للجميع، وتقبلها الجميع أيضاً.

لم تتغير بيروت ولم تفاجئ أحداً، لكن أسرة الحكم في البحرين عادت من جديد لممارسة هوايتها ومهنتها التي امتهنتها في تجارة الأزمات وتصدر مشاهد التأزيم في المنطقة.

الخطاب العدائي الاستعلائي البحريني تجاه لبنان لم يكن جديداً بالطبع، لقد عبر بوضوح وفي أكثر من محطة عن ذلك وزير الخارجية البحريني السابق خالد آل خليفة، الذي كان سباقاً في صياغة خطاب رسمي عربي متودد لإسرائيل ومعادٍ لدول عربية مثل العراق، سوريا ولبنان.

لقد امتهن خالد آل خليفة دبلوماسية سوقية لمهاجمة لبنان، حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله، بل وصل به الأمر إلى تأييد العدوان الإسرائيلي على لبنان علناً ودون خجل أو مواربة، وحرّض بشكل صريح دولة الكيان إلى مهاجمة لبنان وتدميره.

وإذا وضعنا الخطاب العدائي البحريني إلى لبنان جانباً، سنكتشف أن هناك سببا آخر لهذا الاستنفار البحريني ضد لبنان، عنوانه المتاجرة بالأزمات.

منذ العام 2011 لعب ملك البحرين تحديداً لعبة خطرة في السياسة. لقد فاجأ الجميع بتحويل بلاده إلى منطلق لصناعة الأزمات والاحتقانات في المنطقة، في مقابل حصوله على دعم مالي وسياسي سخي من السعودية والإمارات، يمكنه من الاستفراد بشعبه وقمعه وقتله دون عواقب تذكر.

في العلاقة مع إيران نجد دائما البحرين كمصدر للتأزيم وعنوان لافتعال المشكلات، بل نجد أن البحرين كانت دائما أول من تسوء علاقتها بإيران (خليجياً)، وآخر من يرمم تلك العلاقة، كما يحصل الآن من ترميم للعلاقات السعودية-الإيرانية، والإماراتية-الإيرانية، في مقابل استمرار إلى العداء البحريني لإيران.

كذلك نجد أن البحرين هي من أعلنت قطع علاقتها مع قطر، وتبعتها السعودية والإمارات ومصر، مع أن العالم بأسره يعلم أن البحرين كانت مجرد تابع، وإن قرار قطع العلاقات كان سعوديا إماراتياً بالدرجة الأولى، لكن البحرين قررت كما دائماً أن تتقدم هؤلاء وتلعب الدور القذر الذي يتحاشى الجيران الإمارتيون والسعوديون لعبه.

وهو الحال اليوم مع لبنان، ليس هناك ما يستدعي هذا الاستنفار، لقد دشنت جمعية الوفاق تقريراً حقوقياً (فنياً)، لكن البحرين رأت في الأمر فرصة جديدة لتعكير الأجواء، خصوصاً مع أزمة تصريحات قرداحي التي فتحت الباب أمام هجمة سعودية غير مسبوقة على لبنان.

وما إن كادت هذه الأزمة أن تنتهي بوساطة فرنسية، حتى أقدمت البحرين على تسميم البئر مرة أخرى، لتعود العلاقات مع لبنان إلى التوتر مجدداً.

إن ما يفعله ملك البحرين بالبلاد جريمة لا مصلحة وطنية فيها بالتأكيد، هي مجرد فواتير يقوم بسدادها للممولين والداعمين الذين لم يبخلوا عليه بالأموال منذ العام 2011 كي يتمكن من قمع شعبه براحة ودون إزعاج، ومع الأسف فإنه لا يجد غضاضة في القيام بذلك وإن كان يعني تخلياً عن سيادة بلده وتقديماً لمصالح الجيران على مصالحه.