رسالة إلى السفارة الأمريكية: هل كنتم تبحثون عن الحقيقة؟

زيارة وفد من السفارة الأمريكية لمأتم العجم الكبير (الصورة من حساب السفارة الأمريكية في انستغرام) - 14 سبتمبر 2021
زيارة وفد من السفارة الأمريكية لمأتم العجم الكبير (الصورة من حساب السفارة الأمريكية في انستغرام) - 14 سبتمبر 2021

2021-09-19 - 2:54 ص

مرآة البحرين (خاص): أثارت صورة نشرتها السفارة الأمريكية في البحرين عبر حسابها على انستغرام عن زيارة وفد من قبلها إلى مآتم في المنامة سخط المئات من المواطنين الشيعة. السخط أساسه كان عدم التزام الوفد الذي تشكل من 3 موظفات في السفارة الأمريكية، بالحجاب الشرعي في دخولهم إلى المآتم التي لها قدسية دينية.

بيد أننا وددنا هنا أن نسأل السفارة عن سبب الزيارة، والهدف منها. هل كانت تهدف إلى تقصي الحقائق عن حقيقة تعرض الشيعة في البحرين إلى التمييز في ممارستهم لشعائرهم الدينية؟

إذا كان هذا هو الهدف، فكان الأجدى بوفد السفارة أن يسير على الأقدام إلى مأتم بن سلوم الذي لا يبعد سوى 400 متر فقط عن مكان تواجدهم بمأتم العجم الكبير (مسافة 5 دقائق مشياً على الأقدام) ليروا بأم العين كيف منعت السلطات الأمنية - في نفس اليوم وأثناء زيارتهم - انطلاق أكبر موكب عزاء في البحرين في تلك الليلة (ليلة وفاة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام).

لو كانت السفارة تريد تقصّي التمييز ضد الشيعة، لكان يكفيها سؤال أي مواطن بحريني في تلك الليلة يتشح بالسواد ويسير في أزقة المنامة عن ما تفعله الحكومة تجاه الغالبية الشيعية وممارساتهم الدينية.

لكن مهلاً، إن كل ذلك تعلمه السفارة وهي التي ترفع تقاريرها الدورية إلى الخارجية الأمريكية، التي لا تترك صغيرة أو كبيرةً إلا وأوردتها في تقريرها السنوي الخاص بالحريات الدينية. إذا لماذا حصلت الزيارة؟

هل زار الوفد المآتم، ونشر تلك الصورة لتحسين صورة البحرين السوداء، خصوصاً فيما يتعلق بتعاملها مع السكان الأصليين من الطائفة الشيعية والذين يشكلون غالبية المواطنين في البلاد؟ أم أن الزيارة هي مجرد لالتقاط صور تهدف إلى تقديم مجاملات دبلوماسية للنظام لا أكثر؟

إن من الواجب هنا لفت انتباه السفارة الأمريكية والمهتمين بالشأن البحريني إلى حقيقة أن ما تتعرض له الطائفة الشيعية في البحرين سببه سياسي، وإن الشيعة في البحرين لا يمكن اختزال مشاكلهم مع النظام في خروج مواكب عزائية أو إقامة مجالس حسينية.

إن أساس المشكلة في البلاد سياسية، تتعلق في مظالم المواطنين الشيعة، وشعورهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وأنهم ممنوعون من الانضمام إلى الجيش والداخلية، ومُمَيّزٌ ضدهم في الوظائف والبعثات. إن المشكلة السياسية في البحرين سببها عدم حصول هذه الفئة على ما تستحق من تمثيل سياسي في البرلمان الذي تحول إلى مجلس هزلي يتلقى الناس أخباره بالتندر وعدم الجدية. 

المشكلة في البحرين ليست حقوقية تتعلق بسجناء يجب الإفراج عنهم، فالسجناء الذين يستحقون حريتهم الآن قبل الغد، سجنوا لأنهم رفعوا الصوت عالياً ضد هذا التمييز الذي يتعرضون له هم وأهلهم وأحبتهم، وإن هذا الاحتقان الذي يشعر به الجميع - حتى وإن غابت مظاهر الاحتجاج بسبب القمع المفرط والعقوبات القاسية - سيستمر حتى ذلك اليوم الذي لا يشعر فيه هؤلاء بالتمييز والتهميش والإهمال والحرمان.