الشيخ راشد الغنوشي والمعارضة البحرينية: من صداقة المنفى إلى النكران!
2021-07-30 - 8:55 م
مرآة البحرين (خاص): تمتع الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية ورئيس مجلس النواب في تونس بعلاقات قوية مع المعارضة البحرينية في لندن خاصة حركة أحرار البحرين الإسلامية خلال فترة وجوده في المنفى بالمملكة المتحدة التي أمضى فيها زهاء العقدين من الزمان. وقد حلّ ضيفاً ومحاضراً غير مرة في "دار الحكمة" بلندن مقر التقاء المعارضين البحرينيين حيث شكلت أطروحاته المتعلقة بخيارات الحركة الإسلامية المعاصرة و"الحريات العامة في الدولة الإسلامية" التي وضع حولها كتاباً مادة دسمة للنقاشات والتلاقي الفكري.
كما ساهم في العرائض الخارجية الموجهة للحكومة البحرينية خلال انتفاضة التسعينات. واشتهرت في هذا الصدد إحدى رسائله التي وجهها آنذاك إلى زعيم المعارضة الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري في مناسبة الإفراج عنه. جاء في الرسالة "تلقى إخوانكم وأبناؤكم في حركة النهضة التونسية نبأ تمتعكم بالحرية مجدداً ببالغ الفرح والسرور معتبرين يوم الإفراج عنكم يوم انتصار للسماحة والعدالة والحرية والأخوة الإسلامية والتضامن الوطني في البحرين".
لكن كل هذا كان أثناء تواجده في المنفى بلندن التي مكث فيها مدة 21 سنة (1989 - 2011) حيث تغير الحال إلى النقيض مع عودته إلى تونس العام 2011 ووصول حزبه إلى مراكز متقدمة في البرلمان والحكومة. وحول ذلك روى قيادي بحريني بارز في المعارضة ربطته به علاقة قوية في لندن إلى مقرّبين كيف أنه أصبح يمتنع حتى عن الرد على اتصالاته ومراسلاته له بعد عودته. وفي 2011 تبنى موقف إخوان البحرين من الثورة البحرينية ممثلاً في جمعية المنبر الوطني الإسلامي التي أيدت قمع المعتصمين في دوار اللؤلؤة وشكلت رافعة للنظام في ضرب المطالب السياسية المرفوعة.
فلدى لقاء وفد من المعارضة به لإطلاعه على حقيقة الأوضاع كرّر الغنوشي أمامهم بأن رأيه هو رأي "المنبر الإسلامي" فهذا ما ظلّ يسألهم عنه باستمرار خلال اللقاء. وفي لقاء مع وفد من "المنبر الإسلامي" العام 2012 برئاسة د. عبد اللطيف الشيخ الذي سافر له لإقناعه بالرواية الحكومية للأحداث عبّر الغنوشي وفريقه "عن استيائهم للتعتيم الإعلامي وضعف الإعلام البحريني الحكومي في توصيل الحقائق" فيما يشبه التبني الكامل للموقف الرسمي.
رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود أحد أبرز رجال الدين الذين أيدوا أيضا حملة القمع الحكومية ذكر بأن الغنوشي أكد له في اتصال هاتفي ديسمبر/ كانون الأول 2011 بأن منصف المرزوقي الذي كان رئيساً لتونس آنذاك وحليفاً له "لا يعتبر أحداث البحرين ثورة" في محاولة منه لاستدراك مقطع فيديو انتشر للأخير يظهر فيه موقفاً مؤيداً. الحال أنه على عكس كل صداقاته التي بناها في المنفى مع المعارضين البحرينيين فإن الغنوشي راح يستبدلها بعد انتهاء منفاه القسري وعودته إلى بلاده بعلاقات مع حلفاء الحكومة وحدهم ومسؤولي السفارة البحرينية حيث تظهر صفحته الرسمية عشرات الصور لمشاركاته في أنشطة السفارة الداخلية كالأعياد الوطنية السابقة منتقلاً بذلك من النقيض إلى النقيض.
ورغم تنظيراته السابقة التي قدم فيها موقفا متطوّراً تجاه قضايا الحريات العامة والتعددية السياسية والنضال من أجل التغيير الديمقراطي عبر التحالف بين التيارات الوطنية المختلفة إلا أن الغنوشي فضّل الانحياز لموقف طائفي حزبي من الثورة البحرينية ومطالبها على خلاف موقفه الداعم لجميع الثورات العربية الأخرى حتى العنيفة.
اللافت في ذلك هو أن كل هذه التنازلات التي قدمها الغنوشي لم تشفع له أو لتنظيمه ولا حتى تأييده حرب "عاصفة الحزم" على شعب اليمن فقد وضعت البحرين تنظيم الإخوان الدولي على لائحتها الوطنية للجماعات الإرهابية كما أعلنت رسمياً دعم انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد كما على حركة النهضة. رداً على ذلك فقد عبرت معظم قيادات المعارضة البحرينية علانية عن موقفها الرافض للانقلاب على التجربة الديمقراطية الوحيدة الناجية من طوفان الربيع العربي في حين اتخذ حلفاؤه في البحرين في "المنبر الإسلامي" وكذلك "تجمع الوحدة الوطنية" الذين تبنى رؤيتهم المناهضة للثورة البحرينية موقف الصمت المطبق حيث لم يصدر عنهم أو من قياداتهم أو أعضائهم أي بيان أو موقف لمناصرته وحزبه.