"أطعمهم من لحم ثورهم" هكذا تعبر بنا حكومة البحرين جائحة كورونا
2021-07-20 - 11:37 ص
مرآة البحرين (خاص): "كُل من لحم ثورك" مثل شعبي يضرب في التحايل والخداع، حيث يتم سرقتك ثم إطعامك مما تمت سرقته منك، وقد يكون مطلوب منك أن تصفّق لمن أطعمك؛ أن تشكره، وأن تمدح حسن تدبيره.
هكذا فعلت السلطات البحرينية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد المحلي، أخذت من قوت المواطنين والعاطلين وأطعمت الجميع، بما فيهم الأغنياء وشركاتهم ومؤسساتهم.
لقد سحبت الحكومة من صندوق التأمين ضد التعطّل مرتين لصالح المؤسسات في القطاع الخاص. فبعد سحب 240 مليون العام 2020، تم سحب 60 مليون هذا العام، ما يعني أن الحكومة سحبت 300 مليون دينار من الصندوق وهو مبلغ ضخم جداً، هذا المبلغ يساوي نحو 800 مليون دولار أمريكي.
قد يقال إن كثيراً من الموظفين البحريين تم دعم رواتبهم وبقوا في وظائفهم بسبب هذا الدعم، كلام صحيح. لكنه تماما بهذه الصورة: لقد تم إشباعك من لحم ثورك. وتم توزيع لحمه على الأغنياء وأصحاب الشركات، وعليك أنت وحدك أن تصفق لهذه الحكمة المتعالية من السلطات، وأن ترسل شكرك في الصباح والمساء.
في مقال له مؤخراً تم نشره في نشرة اتحاد نقابات عمال البحرين، لفت الأمين العام للاتحاد عبد القادر الشهابي، في مقاله المعنون بـ "الحكومة تقرر: يجب على الفقراء دعم الأغنياء"، " العاطلون عن العمل يشتكون من وقف المخصص الشهري لهم من صندوق التأمين ضد التعطل، والذي أنشئ للحد من تداعيات تعطل العاطلين وكأنما تحققت مقولة: أعطى من لا يملك من لا يستحق".
لكنّ الشهابي أكد أن هناك "رأيًا آخر يؤكد صحة القرار كخطوة استباقية لمنع تسريح العمال وتحولهم لعاطلين يستنزفون صندوق التأمين ضد التعطل امتثالا لمقولة الوقاية خير من العلاج".
يقول الشهابي في مقالته إنّ الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين قرر في أكتوبر القادم، تنظيم مؤتمرٍ يجمع أطراف الإنتاج الثلاثة، الحكومة وأصحاب العمل والعمال، وذلك تحت عنوان "الحوار الاجتماعي في ظل الأزمات" لمناقشة أهم الملفات المشتركة للنهوض بالحوار الاجتماعي في البحرين لبلورة تصور يمكن الإجماع عليه في المجالس الثلاثية مثل التأمينات الاجتماعية وهيئة تنظيم سوق العمل وصندوق العمل "تمكين".
لكن هل ستسمع الحكومة صوت اتحاد النقابات، في ظل استطاعتها تمرير كل فضيحة من تحت قبّة المجلس النيابي؟، لا يبدو أن الحكومة تنتهج نهج التشاركية مع أحد أو الحوار.
تدخل الحكومة يدها لصندوق التأمين ضد التعطل، ولاحتياطي الأجيال المقبلة، بينما يتم الإعلان يوميا عن استمرار فعاليات ومشاريع قادة الحكم في البلاد وأبنائهم، واستمرار فعاليات فرقهم الرياضية وغيرها، دون أن تنالها ذرّة واحدة من إجراءات التقشّف التي فعّلتها الحكومة تجاه كل شيء يخص المواطنين.
تموّل الحكومة شركات الأغنياء بحوالي 800 مليون دولار من صندوق التأمين ضد التعطّل، بينما المخصصات المالية الخاصة بالملك وأسرته لا تدرج أيضا فى موازنات مملكة البحرين، برغم أنَّ الملك هو منصب رسمي وله ربط مالي فى كل دول العالم الدستورية.
هذه هي البحرين الآن، وفلسفتها المالية، جولات خليجية للاستعطاف وجلب المساعدات، والانتظار كل بضعة أشهر ريثما تمتلئ صناديق التأمين ضد التعطل، واحتياطي الأجيال المقبلة، والسحب منها مجدداً كلما حدثت أزمة. بلد حكومته هددت النواب رسمياً بعد أن تحدثت لجنة تحقيق برلمانية أن هناك 900 مليون مفقودة من الحسابات التي قدمتها هيئة التأمين الاجتماعي إلى اللجنة.
أحدهم يقترح التدقيق في مصدر المكافآت المالية التي أعلنت الحكومة صرفها للمتطوعين في مواجهة الجائحة، يقول: لا تستغربوا أن تكون من لحم ثوركم أيضاً!