افتتاحية «مرآة البحرين»: «كسر العظم» في جنيف: إرادة الجماعة الدولية أم القبيلة !

2012-09-19 - 3:32 م


مرآة البحرين (جنيف): السلطة لا يمكن أن تكون منتصرة بأي معنى من المعاني في هذه المعركة الحقوقية. هي مدانة والنقاش في مجلس حقوق الإنسان 21 حول تحسن مستوى التزامها بحقوق الإنسان، يعني النقاش في جوهره حول تحسن حجم تجريمها وليس حول براءتها، فالتوصيات هي في الأصل صحيفة إدانة لها.

هل منح أحد من المجتمع الدولي شهادة براءة لهذه السلطة من انتهكات حقوق الإنسان؟ لم يمنحها أحد ذلك، باستثناء شهادات تؤكد تحسن تعافيها من جرم انتهاكها لحقوق الإنسان، قدمتها لها الدول العربية المبتلاه بتهديدات الربيع العربي، وبضعة دول باعت شهاداتها لتشتري حفنة مصالح تجارية. مواقف الدول العربية الداعمة للسلطة في البحرين، جاء معبراً عن المعضلة الحقوقية التي تعاني منها هذه الدول التي وجدت نفسها في موقف تضامني من أجل ألا يجرفها السيل.

حتى اعتماد مجلس حقوق الإنسان لتقرير البحرين، يعد اعتماداً بروتوكولياً، ولا يعطي مؤشراً عن جدية السلطة في الالتزام بحقوق الإنسان أو رضا المجتمع الدولي عنها أو اقتناع مجلس حقوق الإنسان بتحسن حجم انتهاكاتها. وسلوك وفدها البائس هناك كان يعطي مؤشراً عن وضعها البائس في المجتمع الدولي الحقوقي.

أين ذهبت أصوات العالم الحر وأصوات المنظمات الدولية التي تشكل في مجملها إرادة الجماعة الدولية؟

المنظمات الدولية هي الهيئات والمؤسسات التي يتكون منها المجتمع الدولي وتشارك في تفعيل إرادة الجماعة الدولية، لقد ذهبت هذه الإرادة للانتصار للشعب البحريني والوفد الأهلي الذي يمثله. الحقوقي منذر الخور منحته الفيدرالية الدولية صوتها ليتحدث مكانها، الحقوقية مريم الخواجة كانت تنطق عن معهد القاهرة لحقوق الإنسان، الناشطة النسوية زوجة إبراهيم شريف، فريدة غلام باسم مركز خيام لتأهيل ضحايا التعذيب تحدثت أمام العالم، الطبيبة ندي ضيف كانت باسم المنظمة الدولية للمرأة تتحدث عن انتهاكات الأطفال والنساء. المنظمات الحقوقية في مجملها منحت صوتها للوفد الأهلي الحقوقي لتتحدث إلى جنبه أو ليتحدث هو مكانها، ثقة منها في نظافة سجله ومهنية عمله وعدالة قضيته.

لقد منحت أوروبا أصواتها للنمسا لتتحدث باسمها، وقال ممثل النمسا إنه يتحدث باسم بلاده وباسم الدانمارك وألمانيا أيضاً، وانتقد «الأحكام القاسية ضد رموز المعارضة»، مطالباً بـ«الإفراج عن السجناء ومعتقلي الرأي». مساعد وزيرة الخارجية الاميركية مايكل بوسنر، ذهب إلى أن إن حكومة البحرين فشلت في التنفيذ الفعلي لتوصيات تقرير لجنة بسيوني.

هل يمكن للمجتمع المدني البحريني الذي يمثل اليوم إرادة الشعب البحريني في التغيير، أن ينجح في تفعيل إرادة الجماعة الدولية؟

في مجلس حقوق الإنسان صورة الإنسان الذي بشير به إعلان حقوق الإنسان، وإرادة المجتمع الدولي تتجه لتحقيق هذه الصورة في العالم كله. إنها لا تستطيع أن تفرض هذه الصورة على المجتمعات التي لم تتحرك لتحقيق هذه الصورة في بلدانها، لكنها ستكون محرجة أمام الشعوب التي وهبت حياتها من أجل تحقيق صورة إعلان حقوق الإنسان في بلدانها. ستكون محرجة من الشعب البحريني الذي تحرك من أجل هذه الصورة وأثبت للعالم أن السلطة حولت البحرين إلى مقبرة لحقوق الإنسان.

لقد توّجت معركة جنيف حراك الثورة البحرينية السلمي ووضعت ضمير الجماعة الدولية أمام مرآة الشعب البحريني بشكل مباشر، الشعب البحريني بنخبه السياسية وجماهيره السلمية ونشطائه الحقوقيين وإعلامييه المهنيين ونخبه المثقفة. المعركة الحقوقية لن تهدأ وستمتد إلى طلب مقرر دولي خاص لحقوق الإنسان في البحرين، وطلب تخصيص جلسة عامة لمجلس حقوق الانسان الأممي لبحث وضع حقوق الإنسان في البحرين.

لا نظنه وضعاً مسبوقاً، فالحراك الديمقراطي في البحرين يجري في منطقة شديدة الخطورة حيث آبار النفط ومصالح الغرب واستبداد الشرق ومناجم الحروب الطائفية. هل يمكن لشعب صغير بهذا الحجم أن يغير معادلات مصالح سياسية بهذا الحجم؟ هذا ما يراهن عليه البحرينيون، وليس أمامهم إلا أن ينتصروا أو ينتصروا بمعية الجماعة الدولية ضد إرادة القبيلة.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus