أسئلة حول رواية استشهاد الشرطي عمّار إبراهيم

الشرطي الفقيد عمار إبراهيم عيسى
الشرطي الفقيد عمار إبراهيم عيسى

2021-05-07 - 9:47 م

مرآة البحرين (خاص): أسئلة كثيرة تثيرها الرواية التي قدمتها وزارة الداخلية حول كيفية مقتل شرطي بحريني في عرض البحر. هي رواية أبعد ما تكون عن التصديق وعن الحقيقة ويحتاج الإعلام الأمني إلى إخراج أكثر إتقاناً وبراعة لتسويقها. 

لنقف أولاً عند سرد الداخلية للحادثة:

"اشتبهت دوريات خفر السواحل أثناء أدائها الواجب في قارب كان يقوم بصيد الروبيان، وعند مطالبته بالامتثال للتعليمات والتوقف، عمد القارب إلى تغيير اتجاهه والاصطدام المباشر بالدورية في محاولته للهروب، الأمر الذي ترتب عليه، استشهاد شرطي وإصابة اثنين من منتسبي خفر السواحل تم نقلهما للمستشفى لتلقي العلاج".

أول ما يمكن إثارته على هذه الرواية المتهافتة هو كيف يمكن لقارب صيد الهروب من دورية خفر السواحل؛ لكن هروبه ليس منها إنما في اتجاهها؟ وإذا كانت نية من في القارب ارتكاب جناية كالاصطدام بالدورية أو تعطيلها لإعاقتها عن مطاردته ثم الهرب فما هي القدرات الفعلية والمادية لهذا القارب الخارق مقابل دوريات خفر السواحل السريعة المجهزة؟ 

هل تتحدث الداخلية عن قارب صيد روبيان حقاً أم عن سفينة "إيفرغيفن" الضخمة التي أخرجت قناة السويس عن الخدمة؟ المشكلة أن الداخلية تريد إقناعنا بأن ذلك حصل فعلاً وأن القارب أنجز المهمة بنجاح. فقد هرب في اتجاه "وليس مِن..." دورية خفر السواحل فاصطدم بها وقتل شرطياً وأصاب اثنين آخرين ومن ثمّ واصل الإبحار بمزاج رائق هارباً حتى ساحل شهركان. وهناك فقط تمّ إيقافه. على الأغلب عبر الاستعانة بقوّة شرطية مساندة. 

فيلم كامل لكن إخراجه سيء!

في مرات كثيرة سابقة لم تتردد وزارة الداخلية في نشر فيديوهات تصويرية لحوادث مماثلة. لكنها امتنعت هذه المرّة: لماذا؟ خاصة أنّ هناك ضحية الآن. حادثة تكاد تكون الأولى في تفاصيلها ونتائجها. فالمطاردات السابقة لمخالفي فترات الحظر؛ بل حتى مهرّبي المخدرات والأسلحة والفارّين من الأحكام لم يسفر أيّ منها عن مقتل شرطي واحد أو إصابته. لكنه قتل فقط عبر قارب صيد روبيان يستقله أربعة عمّال آسيويين! 

حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له.

تحتاج عائلة الشرطي الفقيد عمار ابراهيم إلى شيء أبعد من التضامن الرسمي الكاذب. أبعد من البيانات المزيّفة لوزارة الداخلية. تحتاج إلى الحقيقة. "كيف استشهد ابنها حقا؟". هذا السؤال المهم لن تستطيع الإجابة عليه وزارة الداخلية. فهذه وزارة تاريخها مع الكذب هو تاريخ الكذب نفسه. والناس راشدون ويفهمونها "على الطاير" ولكن في فمهم ماء!