زيارة صحيفة "الأيام" لسجن جو: "من شاهدك يا بو الحصيني؟ قال: ذنبي!"

صورة أرشيفية لقمع قوات مكافحة الشغب تمردا في سجن جو المركزي (2017)
صورة أرشيفية لقمع قوات مكافحة الشغب تمردا في سجن جو المركزي (2017)

2021-04-26 - 4:18 ص

مرآة البحرين (خاص): "من شاهدك يا بو الحصيني؟ قال: ذنبي". هذا المثل الشعبي العربيّ الساخر الذي يضرب للتهكم ممن يحضر شاهداً له قريباً منه أو شريكاً له في مصلحة، هو أدق وصف ينطبق على ما زعمت صحيفة "الأيام" أنه "انفراد" و"زيارة استثنائية" عبر التقرير المصوّر الموسوم "سجن جو يفتح أبوابه في زمن كورونا"

الصحيفة التي يملكها مستشار الملك البحريني نبيل الحمر التي لم تعترف في أي يوم بوجود معتقلين سياسيين وواصلت على مدى عشر سنوات ترديد الدعاية الحكومية إياها بأنّ المعتقلين مجرد مجرمين وإرهابيين أدينوا في جرائم جنائية أقرّت اليوم فقط بوجود سجناء سياسيين، عبر إخراج شخص مجهّل مضبّب الوجه زاعماً إنه سجين سياسي وأن الأمور داخل السجن كلها "بيرفكت" و"عال العال". إلى الحد الذي كدنا نعتقد معه أن سجن "جو" أصبح منشأة سياحية ولم يتبق إلا إتاحته للراغبين ونشر إعلانات غرفه الشاغرة في مواقع الحجوزات والفنادق على شبكة الإنترنت. 

بصوته النائم الممل يأخذنا الصحافي محمد بحر داخل مباني سجن جو. جدران مطليّة لامعة، وقضبان أنيقة تتخللها كمامات "كورونا" الاحترازية مرتبة ترتيباً أشبه بواحد من مخازن "ديور" أو "شانيل"، وأسرّة طبية متحركة، وبوّابة المبنى السحرية التي لم يتبق إلا أن يأتي من يهتف أمامها "افتح يا سمسم" كلها لا تشكو من عطب أو "شحطة" ولا شائبة تعكر ديكور هذا المزج العجيب الرهيب. 

أرانا الصحافي الكسول كل التحفة المعمارية لسجن جوّ وبراجيله ومشربيّاته وطوفاته الخرسانية الصمّاء لكن لم يرينا أياً من المساجين. السجن الذي يحتضن بين جنبيه قرابة 4 آلاف سجين سياسيّ منذ 2011 وغرفه المكدسة بالمساجين لا يظهر منه في كاميرا صحيفة الأيام "الفنتكة" غير الممرات الإسمنتية وقضبان الحديد الحلوة كما لو أنه لا أحد هناك. 

مجرّد خمسة يتشمسون في "الفينس" من البعيد ولا نرى إلا ظهورهم. وثلاثة شاهدي زور مجهّلين لا تعرف "رأسهم من كرياسهم" بعد أن ضُبّبت وجوههم وعولجت أصواتهم "روبوتيا" بمؤثرات صوتية. هذا هو باختصار سجن "جو" الرهيب بكل جلاله وعظمته. 

على طريقة الصحفيين المرتزقة في الأنظمة الشمولية الفتاكة قدم لنا الصحافي محمد بحر صورة بائسة لمحرر تعبان لا يريد أن يسهر قليلا على مادته أو يصقل نفسه. فحتى الرسائل الدعائية طوّرت من أدواتها وآلياتها وأصبحت أقلّ فجاجة وأكثر حرفية كي تستطيع أن تصل. لكن هذا على ما يبدو ليس شاغله. فشاغله على ما ظهر في التقرير هو أن يكون فقط "شاهد بو الحصيني" ليس أكثر. وشاهد بو الحصيني كما في المثل الشعبي الشهير هو ذنبه!