حصاد البحرين 2020: آل خليفة والبحث عن النسخة الشيعية لفيروس كورونا

المقدم طبيب مناف القحطاني رفض منذ اليوم الأول فكرة إلصاق تفشي فيروس كورونا بالشيعة لكن السلطات وصحفها كان لهم رأي آخر
المقدم طبيب مناف القحطاني رفض منذ اليوم الأول فكرة إلصاق تفشي فيروس كورونا بالشيعة لكن السلطات وصحفها كان لهم رأي آخر

2021-01-01 - 5:55 ص

مرآة البحرين (حصاد 2020): بطبيعة الحال فإن العديد من القضايا يمكن أن نضعها في خانة الأحداث والقضايا المرتبطة بتفشي فيروس كورونا وانتشاره في البحرين كما العالم الذي لا يزال يعاني من هذا الوباء منذ أكثر من عام. يمكننا الحديث عن تأثر الاقتصاد، إغلاق المساجد والمآتم، إغلاق المرافق والمنشآت، إغلاق المنفذ البري الوحيد، أزمة العالقين وغيرها من القضايا التي حدثت بسبب كورونا، لكننا لا يمكن إغفال التعمد المستمر منذ أيام الأزمة الأولى لإلصاق تفشي الفيروس وانتشاره بالشيعة.

في 24 فبراير 2020 أعلنت البحرين عن أول إصابة بفيروس كورونا في البلاد، أعقبتها حالة من الهلع والخوف لدى المواطنين بشكل عام. لكن في أعقاب ذلك ركزت وسائل الإعلام المقربة من السلطة على سردية أن الإصابة هي لبحريني "عائد من إيران"، كما هو الحال مع الحالة الثانية التي تم الإعلان عنها في اليوم التالي على الفور.

أعقب هذين الإعلانين سيل من الاتهامات والازدراء بالطائفة الشيعية التي تعاني من التهميش والتمييز والاضطهاد والذي تفاقم بشكل فاقع منذ العام 2011، وهو الأمر الذي التفت إليه مناف القحطاني أحد أعضاء الفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا حيث قال في مؤتمر صحفي (الثلاثاء 25 فبراير 2020) ما نصه: "لا الفيروس ولا المرض له علاقة بعرق معين أو طائفة معينة. فيروس منتشر قد يصاب به أي شخص، نتمنى أن لا نسمي جهة معينة أو مذهب معين بالفيروس، منظمة الصحة العالمية حرصت على عدم تسميته بفيروس الصين أو فيروس ووهان" في إشارة إلى مدينة ووهان التي خرج منها الفيروس القاتل.

لكن كلام القحطاني بالطبع لن يؤثر في الحملة التي شنت على المواطنين الشيعة بشكل عام والمتواجدين في إيران بشكل خاص، وقد أدت عدد من الإجراءات الحكومية في تقوية هذه الحملة، بدءاً من منع المواطنين من السفر إلى إيران (25 فبراير) ووقف الرحلات مع لبنان والعراق اللتين لم تعانيان حينها (26 فبراير) من انتشار واسع للفيروس.

وعلى الرغم من مطالبة الوفاق للتطوع من أجل مواجهة كورونا، والبيانات المتكررة لكبار علماء الشيعة الذين طالبوا بإغلاق المساجد والمآتم ووقف الفعاليات الدينية (قبل اتخاذ السلطات لأي قرار بهذا الشأن)، وتكرارهم على ضرورة الالتزام بالاجراءات الصحية المتبعة، إلا أن كل ذلك لم يمنع السلطات من مواصلتها باتجاه طأفنة الفيروس.

وقد أمر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة (7 مارس 2020) الأوقاف الجعفرية إلى متابعة احتياجات العالقين في إيران، وهو أمر من اختصاص وزارة الخارجية لا الأوقاف الجعفرية، وأعقب ذلك اتهام وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة (13 مارس 2020) لإيران بشن "عدوان بيولوجي" على بلاده.

طالب نواب وكتاب وصحف بعدم إجلاء البحرينيين في إيران تحديداً، وهي دعوات لاقت استنكاراً من كبار علماء الشيعة في البلاد، في الوقت الذي تم إجلاء عدد من البحرينيين المتواجدين في إيطاليا التي كانت تعاني من تفشي واسع للفيروس في الوقت نفسه بالمقارنة مع إيران.

بعد أكثر من شهر قرر عدد من العالقين في إيران العودة للبحرين بعد تخلي السلطات عنهم، وغادروا عبر رحلة طويلة (27 مارس 2020) غادروا عبرها إيران متجهين إلى الدوحة ومن الدوحة إلى مسقط، حيث كان من المفترض أن يعودوا إلى البحرين عبر طيران الخليج، لكنها قامت بإلغاء الرحلة لعدم إعادتهم، وهو ما أدى إلى أزمة دبلوماسية بين سلطنة عمان والبحرين انتهت في اليوم التالي بإجلائهم عبر طائرة تجارية من قبل الحكومة البحرينية.

وفي اليوم التالي لحادثة مطار مسقط (28 مارس 2020)، منعت السلطات القطرية 31 بحرينيا من التوجه إلى سلطنة عمان "بناءً على أوامر من السلطنة"، وحاولوا إعادتهم لإيران لكنهم رفضوا، فقررت السلطات القطرية استضافتهم، وهو ما أدى إلى تحرك عاجل من البحرين لإجلائهم من الدوحة، التي ليست على وئام مع البحرين والإمارات والسعودية منذ سنوات.

ما حدث في مطاري مسقط والدوحة أدى إلى تحرك جدي من الحكومة التي حددت مواعيد لإجلاء البحرينيين من كل دول العالم، وبالفعل فقد تم إجلاء آخر البحرينيين المتواجدين في إيران بتاريخ 4 مايو 2020، كما تم إجلاء البحرينيين في العراق بتاريخ 8 مايو، لكن البحرينيين العالقين في سوريا فقد استمرت أزمتهم حوالي 4 أشهر، ولم يتم إجلاؤهم إلا في 9 يونيو 2020.

مع تفشي فيروس كورونا، بينت الحكومة أنها مستعدة في طأفنة أي شيء، وإن كان اليوم لا يأتي أحد على ذكر فيروس كورونا الشيعي، لكن لنتذكر أن أكثر من ألفي بحريني علقوا في إيران لأكثر من شهرين وتوفي 8 منهم بعيداً عن وطنهم وأحبتهم، بسبب الإهمال الحكومي المتعمد ومحاولة تحقير الشيعة قدر المستطاع.