ماذا يمكن لرئيس وزراء البحرين أن يستفيد من عهديّ أبيه وعمه؟
2020-12-18 - 11:09 م
مرآة البحرين (خاص): لدى ولي عهد البحرين، الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، رئيس الوزراء والملك المستقبلي، تجربتين في الحكم يمكن أن يستفيد منهما كثيراً: أبوه وعمه!
بدأ أبوه، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عهده بإصلاحات جزئية مثلت انفراجا سياسيا لثلاثة عقود مؤلمة. لكن مشكلته الأساسية هو أن إيمانه بالإصلاح لم يكن كاملاً. كان يرغب في أن يجمع بين تركيز السلطة؛ بكل ما يمكن أن يعنيه ذلك من استحواذ وتسلط، مع السماح بإصلاحات "شكلية".
لقد سمح بعودة الحياة النيابية والبلدية لكنه فشل في جعلهما أمراً متوافقاً عليه، وذا صلاحيات حقيقية. حتى مع ذلك فقد كان يمكن للحركة السياسية العريقة ذات المراس والتاريخ الطويل أن تتأقلم وتتعايش مع ذلك على مضض. لولا مشكلته الأخرى العصيّة؛ وهي أنه ترك لجناح متطرف في عائلته أن ينمو ويتعملق فأفسد عليه كل شيء. رئيس الديوان الشيخ خالد بن أحمد مع ضلعيه الضاربين قائد قوة دفاع البحرين الشيخ خليفة بن أحمد ووزير المتابعة في الديوان الملكي الشيخ أحمد بن عطية الله.
على العكس منه كان رئيس الوزراء الراحل الشيخ خليفة بن سلمان الذي لم يحكم بالاسم؛ ولكنه كان الحاكم الفعلي ومالك زمام الأمر طيلة حكم أخيه الشيخ عيسى بن سلمان، والد الملك الحالي.
لم يؤمن الشيخ خليفة بن سلمان بمشروع "الإصلاح" في أي يوم؛ لا في الشكل ولا المضمون حتى خلال الفترة التي صارت فيه كلمة "الإصلاح" من لوازم الخطاب السياسي. وكان يردد أمام زواره باستمرار في مجلسه بأن الكلمة الصحيحة التي ينبغي استخدامها هي "التنمية" لأن مجرد استخدام كلمة "الإصلاح" تعني أنّ عهده كان فاسداً. وهو برأيه لم يكن كذلك مع أنه كان كذلك.
لقد آمن بالقبضة الحديدية على الدوام، واللاحوار مع أطراف العمل السياسي الشعبي. لكنه مثل ابن أخيه، أي الملك، أخفق في تثمير مقاربة حاسمة إزاء خطورة جناح عائلته الذي يقوده وزير الديوان. صحيح أنه كان مرتاباً منه ومن فريقه؛ خاصة بعد تعيين الشيخ أحمد بن عطية الله وزيرا لشؤون مجلس الوزراء (2005) والذي كان فعلياً بمثابة جاسوس عليه؛ غير أنه في الوقت نفسه لم يقم بما يجب لتحجيم نفوذه.
وقد انتهى به الحال إلى أن يصبح فريسة من فرائسه كما شاهدنا جميعاً في الأيام والأشهر الأخيرة التي سبقت وفاته.
ماذا يمكن لولي العهد ورئيس الوزراء الشيخ سلمان بن حمد أن يستفيد من هاتين التجربتين؟ سواء أراد أن يصبح إصلاحياً شكليا مثل أبيه، أو قمعياً فجّاً مثل عمه، فإن أمامه أمر واحد ينبغي أن يلتفت له قبل فوات الأوان حتى لا يلتهمه كما التهم مشروع أبيه وعمه: الخوالد.
ينبغي له أن لا يستسهل على الإطلاق "لعب الحواري" الذي بدأه الشيخ أحمد بن عطية الله في أول عهده بإطلاقه ما عرف باسم "الجيش الإلكتروني". فهو قد بدأ يلاعبه للتوّ بصبيته تحت مسميات تمويهيّة مثل الدفاع عن البحرين ومقارعة الخونة فيما لم يكن قد مرّ أسبوع على تنصيبه. لكن الأمر لن يستقرّ له حتى يحثو التراب في وجهه! إذا لم يتغدّى به فهو سيتعشى به!